ركود اقتصادي "مخيف" يضرب الأسواق العراقية قبيل عيد الأضحى
شفق نيوز/ مع اقتراب عيد الأضحى، أمست الأسواق العراقية تعاني من ركود ملحوظ، بسبب الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على السوق المحلية، فضلا عن غياب الموازنة المالية للدولة، بعد مرور 7 أشهر على 2022.
وعادة ما كانت تزدحم الأسواق والمراكز التجارية العراقية في مثل هذا الوقت بالمتبضعين، الذين يسعون لشراء الملابس والتجهيز الغذائي لصناعة الحلويات وغيرها، لكن مع وقع الأزمات الاقتصادية التي ضربت البلاد جعلت هذا العيد ليس كسابقه من الأعياد.
إذ يمثل هذا العيد تحديا جديدا للطبقة الفقيرة ومحدودي الدخل، فقد ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها عليهم، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية، مثل الدقيق والأرز والسمن النباتي، حيث تعتبر هاتان الدولتان من أكبر مصادر الغذاء في العالم.
كما ساهمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والغلاء المعيشي نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي في انخفاض القدرة الشرائية لكثير من شرائح المجتمع، أمام ركود مستمر تشهده الأسواق المحلية منذ شهور.
وهذا ما لاحظته المواطنة "أم علي"، عند تجوالها في أسواق العاصمة بغداد حيث قالت، إن "إقبال المواطنين على الأسواق ضعيفا، حيث بدأت أغلب العوائل تطبق إجراءات التقشف".
وأوضحت "أم علي"، لوكالة شفق نيوز، أن "تطبيق هذه الأساليب جاء لقلة المردود المادي للعوائل بسبب قلة فرص العمل فضلا عن خفض أجور العاملين، فعلى سبيل المثال كنت أشتري لأطفالي كل عيد ملابس جديدة، ولكن الآن اختلف الوضع، فلم اشترِ شيئا لهذا العيد".
أما المواطن علي كريم من محافظة ميسان (جنوبي العراق)، فقد ذكر أن "أغلب العوائل الميسانية تعاني من شح الدخل الشهري، ناهيك عن العوائل التي تعتمد على راتب الرعاية الاجتماعية أو الإعانة فقط".
وأضاف كريم لوكالة شفق نيوز، "وبالتالي انعكس ذلك على القدرة الشرائية للمواطنين خاصة مع قرب أيام عيد الأضحى، التي كُنّا نتلهف لمثل هكذا مناسبات لكن الظروف الاقتصادية الحالية حالت دون هذه الفرحة".
كما لهذه الأزمة جانب سياسي أيضا، فقد تسبب الجمود السياسي في العراق، بتأخير الموافقة على الموازنة السنوية لعام 2022، وسط توقعات بظهور أزمات اقتصادية جديدة في حال استمرار هذا التأخير، بحسب مراقبين.
ويرى هؤلاء أن الوضع الاقتصادي الحالي هو نتيجة تراكمات الحكومات السابقة، ومعالجته يكون بخلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتطوير القطاعات الصناعية والزراعية.
وفي هذا شأن قال عضو لجنة الاستثمار النيابية أسامة البدري، إن "الوضع الاقتصادي في البلاد سيء جدا، نتيجة إهمال متراكم تتحمله الحكومات السابقة".
وأوضح البدري وهو رئيس كتلة الصابئة المندائيين النيابية أيضا، لوكالة شفق نيوز، أنه "لدينا خطة ثلاثية لمعالجة سوء الوضع الاقتصادي وسيكون العمل عليها بعد تشكيل الحكومة الجديدة، كما أن الاستثمار مهم جدا في النهوض بالواقع الاقتصادي وتشغيل الأيدي العاملة، وسنحاول إعادة العمل بالمصانع والمعامل المتوقفة".
وألقى تأخر إقرار الموازنة المالية بسبب الخلافات السياسية وعدم تشكيل الحكومة العراقية، بظلاله على شرائح واسعة من المجتمع، خاصة الطبقات الهشة والعاملة بالأجر اليومي في مجال المشاريع الاستثمارية، حيث توقفت أغلب تلك المشاريع أو تلكأت، مما وسّع نطاق تلك الطبقة، التي وجدت صعوبة في تجهيز مستلزمات عيد الأضحى.
وإلى جانب الموازنة تسببت قلة الموارد المائية في تدني المستوى الاقتصادي للكثير من المواطنين بعد خسارة محاصيلهم الزراعية ونفوق مواشيهم، بحسب رئيس قسم اقتصاديات النفط والغاز في جامعة الإمام جعفر الصادق د. حسن رشك التميمي.
وأكد التميمي، لوكالة شفق نيوز، أن "هذه الأسباب مجتمعة تسببت بهذا الركود الاقتصادي الخانق، كما ساهم في ارتفاع الأسعار هجرة أهالي القرى والأرياف إلى المدن للبحث عن مصادر دخل جديدة، ما زاحم هذا السوق الذي يعاني أصلا من قلة الوظائف".
ويتفق مع هذا الطرح معاون عميد كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة ميسان، د. معن عبود علي، الذي قال إن "الركود الاقتصادي يأتي بسبب البطالة وقلة الوظائف".
وأشار علي، في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المحافظات العراقية تعاني من بطالة كبيرة جدا قد تصل إلى 30%".
وفي خضم تلك التحديات، اتبعت الحكومة العراقية منذ أعوام نظاما خاصا بالرعاية الاجتماعية، لمساعدة الفئات الأكثر حاجة للدعم ككبار السن والمطلقات والأرامل والعاطلين عن العمل.
وبموجب هذا النظام، تم شمول أكثر من 1.6 ملايين عراقي حتى عام 2021، يتلقون دعما ماديا يتراوح بين 70 دولارا إلى 170 دولارا شهريا.
وتقول الأرقام الرسمية إن نسبة الفقر في العراق تجاوزت الـ22.5 بالمئة، لكن منظمات دولية وأخرى غير حكومية تتحدث عن نسب أعلى.
بدوره، أعلن المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، وضع خطة جديدة تمتد لمدة 5 سنوات، تهدف لخفض نسبة الفقر إلى 15-16 بالمئة خلال السنوات المقبلة.
وقد يصل مستوى الفقر إلى 10 بالمئة أو أقل من ذلك، حتى نهاية خطة الوزارة للتنمية المستدامة عام 2030.