خبراء يضعون خيارات محدودة أمام العراق لخلاصه المائي
حذرت اذاعة "صوت امريكا" من النافذة الضيقة المتاحة امام العراق للخروج من أزمته المائية بعدما صار من بين اكثر دول العالم معاناة من الجفاف والتصحر وتقلص موارده المائية بينما كان حتى الستينيات من القرن الماضي، يعيش وفرة مائية تتحول الى فيضانات.
ونقلت "صوت أمريكا" عن الخبير البيئي عزام علواش الذي يدرس في الجامعة الأمريكية في العراق (في السليمانية)، قوله، إن المزارع العراقي "اعتاد على وجود وفرة مائية، وليس نقص المياه. وجرى تصميم هكيلية إدارة المياه في العراق بالكامل في وقت كانت فيه الفيضانات هي القاعدة الطبيعية. ولكن من خلال الاتفاق مع تركيا حول الأسس التشغيلية لبعض السدود، بالإمكان فعليا التوقف عن استخدام البحيرات الاصطناعية التي انشئت بهدف السيطرة على الفيضانات، وبالتالي توفير المزيد من المياه للمزارعين والمدن العراقية لاستخدامها".
وأوضح علواش وهو مؤسس منظمة "طبيعة العراق" البيئية، التي ساعدت في إعادة إحياء الأهوار في الجنوب العراقي، ان "نهري دجلة والفرات غمرا العراق لقرون، وهو ما ادى الى تجديد اراضيه الزراعية التي كانت خضراء، لكن الفيضانات توقفت في العام 1968 بعد بناء السدود في منابعها في تركيا وذلك لأغراض انتاج الكهرباء"، مشيرا الى ان ايران اعادت توجيه مجاري نهر دجلة بسبب حاجتها الى المياه ايضا.
وحذر علواش من ان سكان العراق بتزايد مستمر وبالتالي فان استهلاكه المائي، يتزايد هو الاخر، في ظل تحديات التغير المناخي ايضا.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية خلصت في تقرير صادم في كانون الاول/ديسمبر الماضي الى ان الاستمرار في ظاهرة فقدان المياه من نهري دجلة والفرات، وهما العمود الفقري لموارد المياه العذبة في العراق، يمكن ان يتسبب بتحويل البلد الى "ارض بلا انهار بحلول العام 2040".
ولفت التقرير الى ان وزير المياه العراقي مهدي الحمداني اشار الى انه ما يزال ينتظر المفاوضات حول الموارد المائية مع نظيريه التركي والايراني، بينما تحث الامم المتحدة الدول الثلاث الجارة على التوصل الى تفاهمات لتقاسم المياه بشكل عادل.
وذكر التقرير بان وكالات الأمم المتحدة أطلقت مؤخرا نداء من اجل العمل على حماية العراق من التصحر والجفاف، لكنه لفت إلى أن المحللين يعتبرون ان هناك عقبات تتعلق بالمخاوف المائية لتركيا وإيران إضافة إلى تحديات التغير المناخي.
ونقل التقرير عن الباحث في "معهد كلينجينديل الهولندي للعلاقات الدولية" توبياس فون لوسو قوله، ان ممر شط العرب المائي حيث يلتقي دجلة والفرات، قد "يجف عاجلا او آجلا"، محذرا من انه لا توجد سوى "نافذة صغيرة لمنع حدوث ذلك".
وأشار فون لوسو الى ان المشاريع المائية في جنوب شرق تركيا كان لها بشكل خاص تأثير كبير حيث "انخفض تدفق المياه الى العراق بنسبة 30 الى 40٪ منذ نهايات سبعينيات القرن الماضي، وما يزال هذا الاتجاه مستمرا الى الان، وان التغيير المناخي والتدهور البيئي تساهم في تسريع وتيرة ذلك، موضحا ان العراق سيشهد المزيد من الجفاف ونقص المياه والعواصف الرملية والعواصف الترابية.
وقال فون لوسو ان هناك "خيارات محدودة للعراق"، اذ يمكنه العمل على ادارة المياه المحلية، وان يدفع بقوة اكثر من اجل الاصلاح الزراعي واختيار المحاصيل وتطوير تكنولوجيا الري.
وختم التقرير بالاشارة الى ان الامم المتحدة تدرج العراق ضمن الدول الخمس الأولى الأكثر تضررا بالتغير المناخي في جميع أنحاء العالم ، مع تزايد التملح وخسارته للاراضي الصالحة للزراعة، وقلة تساقط الامطار وموجات الحرارة الطويلة والعواصف الترابية.