حلم تحقق بعد 42 عاماً.. "الامبراطورية الامنية الايرانية" على الحدود العراقية – السورية
شفق نيوز/ أفاد تقرير نشره معهد "المجلس الاطلسي" الامريكي، يوم الاربعاء، بإنشاء ايران ما وصفه بـ"امبراطورية أمنية" على الحدود العراقية - السورية، مشيراً إلى تحقيق حلم طهران منذ انشاء الجمهورية الاسلامية العام 1979.
وذكر معهد "المجلس الاطلسي"، في التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن ايران تقيم "امبراطورية أمنية" لها في دير الزور في الشرق السوري على الحدود مع العراق، مبيناً أنها "تخوض مواجهات مباشرة مع مسلحي تنظيم داعش في تلك المنطقة منذ العام 2018"، متسائلاً في ذات الوقت عما اذا كان الايرانيون سيتمكنون من "الاحتفاظ بسيطرتهم هذه، في حال تبدل موقف روسيا".
وأشار الموقع الامريكي إلى "الوضع الامني الهش في العراق"، الذي تحده دير الزور من الغرب والى أن "الايرانيين اعلنوا منذ بداية الحرب الاهلية في سوريا العام 2011 انهم سيدعمون إستراتيجياً الرئيس بشار الاسد من دون تدخل عسكري مباشر، لكنهم بدأوا بالتدخل مباشرة ما بين عامي 2013 و2018 لمنع سقوط النظام".
ومن خلال تدخلها (ايران) في الشرق السوري والانخراط في المعركة مباشرة ضد تنظيم داعش، فأن ايران وبحسب التقرير، "اصبحت قادرة على مواصلة تنفيذ مشروعها التوسعي على الجبهات الشرقية في سوريا، خاصة في دير الزور".
واوضح تقرير المعهد أن "مشاركة ايران في المعارك ضد تنظيم داعش، ساعدها على تعزيز سلطاتها العسكرية على مناطق عديدة، أولاً في مدينة البوكمال على الحدود مع العراق والتي تربط ايران بالبحر المتوسط من خلال الاراضي العراقية والسورية واللبنانية، وثانياً على الطرقات الرئيسة التي تربط دير الزور بمحافظتي حمص والرقة، وثالثاً في المدن والقرى المهمة في المحافظة، بما في ذلك دير الزور، ولو بشكل حذر بسبب الوجود الروسي هناك منذ العام 2018".
وبرأي المعهد الامريكي، فأن الهدف الاهم الذي حققه الايرانيون في دير الزور، هو سيطرتهم على البوكمال ومعبرها الحدودي مع العراق والتي مكنت ايران من تحقيق حلمها منذ انشاء الجمهورية الاسلامية العام 1979، وهو فتح ممر بري من البحر المتوسط ولبنان عبر سوريا والعراق.
وتابع أنه ولسنوات، كان هذا محط الاهتمام الاقليمي الاكبر حيث تخشى دولاً عربية واسرائيل أن تتمكن ايران من احكام قبضتها على الطرقات البرية الممتدة من العراق الى البحر المتوسط، والسيطرة بالتالي على طرقات النقل.
واعتبر انه بعد التركيز على النفوذ الامني والعسكري في انحاء دير الزور، فأن ايران بدأت التفكير في تعزيز قوتها خارج هذين المجالين، من خلال اجتذاب المجتمع المنهك من سيطرة داعش والحرب التي دمرت غالبية اقتصاد المحافظة وبناها التحتية ومؤسساتها الاجتماعية.
وأشار إلى أن ايران تستخدم اسلوب تقديم الخدمات للمجتمع خاصة في المجال الاستثمار الاقتصادي في المحافظة.
وذكّر التقرير بسيطرة الايرانيين على البوكمال في يونيو/حزيران 2018 بعد معركة استغرقت شهوراً، بدعم من القوات السورية وحزب الله اللبناني، وبدعم من داخل الحدود العراقية من جانب الحشد الشعبي وقوات من حرس الثورة الايراني.
كما شاركت في المعركة من خلال طريق الميادين - البوكمال، وبحسب التقرير، "ميليشيات شيعية باكستانية وافغانية الى جانب قوات الدفاع الوطني السورية".
وحدد التقرير القوات الموجودة في دير الزور وحولها كالتالي: مسلحون للحرس الثوري ومستشارون عسكريون، وفصائل من الحشد الشعبي العراقي خاصة كتائب حزب الله ومنظمة بدر والنجباء وحركة حزب الله، بالاضافة الى حزب الله اللبناني الذي يقوم بالتركيز على تجنيد وتدريب القوات المحلية تحت عنوان "المقاومة الاسلامية".
وهناك أيضاً، يقول التقرير، "لواء فاطميون" الافغاني و"لواء زينبيون" الباكستاني. وكذلك هناك قوات الدفاع المحلية التي تضم مجندين من حلب ودير الزور والرقة، وهي تعتبر جزء من الجيش السوري ولديها اكثر من 50 الف مسلح، واهمها "لواء الباقر" و"قوات 313" والمقاومة الاسلامية وجيش المهدي ولواء الامام المهدي.
وبعدما اشار التقرير الى التقاء مصالح ايران وروسيا خلال مراحل الصراع السورية على اكثر من جبهة، رأى أنه خلال السنوات الماضية، بدأت مصالحهما تتعارض ويجري تنافس بين البلدين، برغم انه لا يظهر على السطح، لكنه يتزايد تدريجياً.
واعتبر التقرير أنه خلال السنوات الماضية، كررت روسيا "الأخطاء نفسها" بالتعامل مع الانتشار العسكري الايراني في سوريا، موضحاً أن روسيا سمحت للميليشيات المدعومة من الايرانيين بالتحرك بحرية، وملء الفراغات التي نتجت عن الاتفاقات التي ابرمتها موسكو مع المعارضة السورية والتي قضت بخروج مسلحي المعارضة من مناطق معينة.
وخلص إلى أن روسيا فشلت في تجنب الخطأ نفسه في دير الزور، وسمحت للحرس الثوري بتوسيع قوته في المحافظة، إلا انه في العام 2020، بدأت روسيا بمحاولات لفرض قوتها العسكرية في دير الزور، حتى ولو بقدرة محدودة، وذلك رغبة منها في الاحتفاظ بنوع من الرقابة على التمدد الايراني في المنطقة لمواجهة خلايا داعش.
وأشار إلى أن التغيير في الاستراتيجية الروسية بدأ يتشكل في ديمسبر/كانون الاول 2020، الذي شهد انتشار قوات روسية ووحدات من اللواء الخامس في الجيش السوري المدعوم روسياً في عدة مدن في دير الزور.
وشكّل وصول القوات الروسية الى الحدود مع العراق الخطوة الاولى من نوعها منذ سنوات، ويشكل تهديداً للمعقل الايراني الاهم في الشرق السوري.
وتابع أن "الانتشار الروسي في دير الزور اثار استياء القادة المحليين للميليشيات المدعومة من ايران، وهؤلاء القادة يتمتعون بتأييد شعبي قوي في مناطقهم، وهو ما دفع روسيا الى ابرام اتفاق مع ايران يقلص مناطق تواجد القوات الروسية".
وبينما أكدت موسكو أن دافعها لتحركاتها العسكرية الاخيرة في دير الزور "محاربة خلايا داعش، وليس الحد من النفوذ الايراني في المنطقة"، فأن طهران لم تعارض التحركات الروسية، بل أن الحرس الثوري قدم دعماً لوجستيا للقوات الروسية، وفي المقابل فأن ايران تأمل أن يؤدي الانتشار العسكري الروسي في الحد من الغارات التي تنفذها طائرات "الدرونز" الاميركية على مناطق نفوذ الايرانيين في دير الزور.
ويشير الموقع الامريكي، الى أنه مع بداية العام 2021، فأن تطلعات ايران لاستغلال الوجود العسكري الروسي بالقرب من مناطق نفوذها كدرع يقيها هجمات القوات الاميركية، فشلت حيث شهد هذا العام اعنف الضربات الجوية على مواقع ايرانية في دير الزور، وهو ما يعكس طبيعة سياسة الادارة الاميركية الجديدة ازاء التواجد الايراني في سوريا، وتحديداً في دير الزور.
ورأى المعهد الامريكي أن التواجد العسكري الروسي تحول من "مصلحة مشتركة" إلى "تهديد مباشر" لأنه لم يوفر الحماية للايرانيين من الهجمات الامريكية.
وأضاف أن المؤشر على مدى تبدل الموقف الايراني من الروس، هو التخفيض الملحوظ في الدعم العسكري من الميليشيات لقوات "اللواء الخامس" ولواء القدس الفلسطيني في معاركهم مع داعش.
وختم التقرير بالقول، إنه بسبب عدم وجود اهتمام دولي بالمناطق التي يسيطر عليها النظام السوري في دير الزور، وغياب الرقابة الدولية لخطط الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، فقد تمكنت ايران من اقامة "إمبراطورية عسكرية وأمنية في شرق سوريا". واضاف ان السؤال هو "الى اي مدى ستتمكن إيران من الحفاظ على نفوذها العسكري في دير الزور اذا اصبحت روسيا أقل تسامحاً مع تدخل إيران؟".