حلّه أمر وارد.. الاستغلال الحزبي وفرض الإرادات يشلان عمل مجلس نينوى

شفق نيوز/ لا تلوح في الأفق أي بوادر لعودة عمل مجلس محافظة نينوى، لاسيما في الفترة القليلة المقبلة في ظل تصاعد الخلافات وانعدام إمكانية انعقاد الجلسات، ليكون مجلس نينوى أكثر المجالس العراقية تعطيلاً منذ الانتخابات المحلية التي جرت نهاية العام 2023.
ويعود السبب وراء تعطيل عمل مجلس نينوى إلى الخلافات السياسية بين كتلة "نينوى المستقبل" والتي تعتبر العنوان الممثل للأقليات وبعض الجهات المدعومة من القوى الشيعية في الإطار التنسيقي وبين كتلة "نينوى الموحدة" التي تعتبر العنوان الممثل لغالبية سكان المحافظة من العرب السنة والتي تتحالف في مواقفها مع كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني الممثلة عن الكورد.
ويعيش مجلس نينوى حالة من الشلل التام عقب تصاعد الخلافات بين كتلتي نينوى الموحدة، ونينوى المستقبل، بخصوص العديد من الملفات وأبرزها الوحدات الإدارية وتسمية رؤساء لها، وإقالة رئيس مجلس المحافظة، أحمد الحاصود.
ودفع تعطيل عمل المجلس وعجزه عن عقد الجلسات وتمرير القرارات، فضلاً عن تحوله إلى مجلس سياسي إلى تصاعد الأصوات المطالبة بحل المجلس بعد فشل الجهود الرامية لإعادته إلى وضعه الطبيعي.
المحافظ بين نارين
وكشف عضو في مجلس محافظة نينوى، طلب عدم ذكر اسمه، عن تعرض المحافظ عبد القادر الدخيل، لضغوط سياسية بشأن تثبيت رؤساء الوحدات الإدارية الذين تم اختيارهم من قبل المجلس في وقت سابق، مشيراً إلى أن عدم استجابة المحافظ قد تنتهي بإقالته.
وأضاف لوكالة شفق نيوز، أن "بعض الضغوط وصلت إلى حد التلويح بإقالة المحافظ من منصبه في حال عدم إصدار الأوامر الإدارية خلال الأيام المقبلة"، لافتاً إلى أن "تلك الضغوط صدرت من جهات تابعة لكتلة نينوى المستقبل".
بالمقابل، تؤكد كتلة نينوى المستقبل أن الكتل الأخرى (نينوى الموحدة، والحزب الديمقراطي) تضغط على محافظ نينوى من أجل عدم المصادقة على رؤساء الوحدات الإدارية.
وتصر كتلة نينوى المستقبل على تمرير رؤساء 20 وحدة إدارية والذين تم التصويت عليهم في جلسة عقدتها الكتلة بمفردها وبمقاطعة كتلتي نينوى الموحدة والديمقراطي الكوردستاني، وتشدد على أن المحكمة الاتحادية والمحكمة الإدارية أكدت صحة إجراءات المجلس في جلسة التصويت على رؤساء الوحدات الإدارية، بينما ترفض الكتل المقاطعة ما جرى وتدعو إلى اعتماد التوافق في تسمية رؤساء الوحدات الإدارية.
حلّ المجلس
وعلى خلفية تصاعد الخلافات في المجلس، طالبت كتلة "نينوى الموحدة" بحل مجلس محافظة نينوى. محملة في بيانها المسؤولية عن شلل المجلس إلى "تحالف نينوى المستقبل"، متهمة إياه بـ"افتعال الأزمات وخلق الفوضى داخل المجلس منذ اليوم الأول لتشكيله ما أدى إلى إغراقه في دوامة من الخلافات العقيمة وتعطيل عمله بالكامل".
تعطيل المجلس لأغراض حزبية
لكن كتلة "نينوى المستقبل" رفضت الدعوات الرامية لحل المجلس، فيما اتهمت أعضاءً في كتل أخرى (نينوى الموحدة والحزب الديمقراطي الكوردستاني) بالعمل على تعطيل جلسات المجلس من أجل مصالح سياسية وحزبية.
وقال رئيس كتلة "نينوى المستقبل" في مجلس نينوى، محمد أهريس، إن "كتلة نينوى المستقبل تأسف لمحاولات تعطيل عمل المجلس وتوقيف القرارات الخدمية العامة لأبناء المحافظة".
وأضاف أهريس لوكالة شفق نيوز، أن "كتلة نينوى المستقبل حريصة على إكمال النصاب داخل المجلس وعقد الجلسات من أجل ممارسة الدور الرقابي والتشريعي وتقدم الخدمات"، مشيراً إلى أن "بعض أعضاء المجلس من كتلة (نينوى الموحدة) مارسوا ضغوطاً على المحافظ لتعطيل الأوامر الخاصة برؤساء الوحدات الإدارية رغم صدور قرارات المحكمة الاتحادية والمحكمة الإدارية بصحة القرارات التي اتخذها المجلس بهذا الصدد".
وشدد أهريس، على أن "بعض الأعضاء في كتلة (نينوى الموحدة) يمارسون أساليب مختلفة لتعطيل العمل في المجلس من أجل مصالح حزبية وسياسية".
في الأثناء كشف عضو مجلس محافظة نينوى، معاذ حجي، أن الخلاف الرئيس بين كتلتي (نينوى الموحدة) و(نينوى المستقبل) يرجع إلى غياب التوافق فيما يخص ملف رؤساء الوحدات الإدارية.
وقال حجي لوكالة شفق نيوز، إن "الخلاف حول موضوع رؤساء الوحدات الإدارية ما يزال مستمراً رغم تأييد الجهات القضائية لقرار وتصويت مجلس محافظة نينوى"، متوقعاً "حل الخلافات بهذا الموضوع في الفترة القليلة المقبلة والمصادقة على رؤساء الوحدات من قبل محافظ نينوى".
وأشار إلى أن "الخلاف يتركز حول 4 أسماء من أصل 20 تم التصويت عليهم كرؤساء للوحدات الإدارية من قبل المجلس"، ومنوهاً إلى أن "الخلافات تدور حول عدم إكمال بعض الإجراءات الخاصة بالأسماء الأربعة فيما يتعلق بهيئة المساءلة والعدالة والعمر والشهادة والنزاهة".
فرض الأجندات والإرادات
من جهته، يرى المتحدث باسم "حزب السيادة"، محمد عباس، أن المشكلة الرئيسية في نينوى وعمل مجلسها تكمن من خلال محاولة فرض الإرادات ومصادرة الهوية السياسية لغالبية سكان المحافظة.
وقال عباس لوكالة شفق نيوز، إن "كتلة (نينوى المستقبل) لها ارتباطات واسعة بالكتل السياسية في بغداد وهي حاولت ضرب التوافق السياسي وفرض واقع سياسي جديد في المحافظة وذلك يمثل السبب الرئيس في المشكلة".
وأضاف، أن "كتلة نينوى الموحدة شخصت قيام بعض الأعضاء في كتلة (نينوى المستقبل) بممارسة سياسة فرض الإرادات وضرب التوافق ومبادئ الديمقراطية وفرض أجنداتهم السياسية وتقديم مصالحهم الحزبية على مصالح الناس وممارسة سياسة لي الأذرع مع كتل نينوى الموحدة والحزب الديمقراطي وهما الكتلتان اللتان تمثلان إرادة شعب نينوى وتمثل غالبية الشعب في المحافظة، فضلاً عن أنهما كانا يمثلان الأغلبية في مجلس المحافظة".
وتابع عباس، أن "كتلة (نينوى الموحدة) اصطفت مع رأي الجماهير الرافضين لعمل المجلس واستغلاله لأغراض سياسية وانتخابية وتعطيل الجلسات فيه طيلة الفترة الماضية، ولذلك طالبت بحل المجلس، بعد أن شخصت عمليات استغلال المجلس سياسياً وبعد أن وجدت رأي الجماهير مع حل المجلس".
وأشار عباس، إلى أن "بعض الأعضاء وبسبب ارتباطهم ببعض العناوين في بغداد يحاولون فرض الأجندات وفرض الإرادات ومحاولة عرقلة عمل المجلس وتعطيل عمل المحافظ من أجل خلق مشهد سياسي جديد وتحقيق المكاسب السياسية والانتخابية والسيطرة على المناصب التنفيذية في نينوى".
إحباط شعبي
وتسود حالة من الإحباط الشعبي من أداء مجلس المحافظة وتعطيل جلساته وانشغال كتله بالصراعات الحزبية والسياسية بعيداً عن مصالح المحافظة وأهلها، كما يرى ناشطون من مدينة الموصل.
وقال الناشط الموصلي أحمد الدليمي في حديث مع وكالة شفق نيوز، إن "مجلس المحافظة وصل إلى طريق مسدود بسبب تصاعد وتيرة المشاكل والخلافات منذ بدء عمل المجلس".
وأوضح الدليمي، أن "فشل المجلس الحالي قد يتسبب بمقاطعة واسعة للانتخابات المحلية والبرلمانية في نينوى بسبب الرسائل السلبية التي أرسلها مجلس نينوى الحالي"، مؤكداً أن "قناعة الجماهير بحل مجلس المحافظة الحالي تزداد يوماً بعد آخر، حيث إن القناعة السائدة هي لا حل لمشاكل المجلس إلا بحل المجلس".