بينها سيناريو العراق.. تقرير يطرح 3 خيارات لمستقبل سوريا الجديد
شفق نيوز/ طرح موقع "ذا كونفيرزيشن" الأسترالي، ثلاثة احتمالات تنتظر سوريا مستقبلاً، فيما تساءل عما اذا كان انتهاء مشاعر النشوة الاولية بالتغيير قد تقود الى عدم الاستقرار والمأساة والندم على غرار ما جرى في العراق وليبيا والسودان ومصر.
وأوضح تقرير
للموقع الأسترالي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن السؤال يتعلق بما اذا كانت سوريا
قادرة على اختيار مسار مختلف، وتجنب الوقوع في المزالق التي ألمت بالدول الاخرى،
مضيفا انه بعد سقوط نظام بشار الاسد، تاثر العالم بمشاهد التحرير والعائلات المجتمعة
بعد سنوات من الانفصال وسجناء سابقين يتحررون من الظروف الوحشية في السجون، وهي
لحظات فرح تذكر بمشاهد مشابهة لسقوط الانظمة السابقة، مثل الاطاحة بمعمر القذافي
في ليبيا، وحسني مبارك في مصر، وصدام حسين في العراق، وعمر البشير في السودان.
إلا أن
التقرير نبه إلى أن التاريخ يحذر أيضاً من التحديات التي قد تاتي لاحقا حيث ان
مشاعر النشوة الاولى غالبا ما تتحول الى عدم استقرار وماساة وندم، مع احساس كثيرين
بالحنين الى حالة النظام الملموس التي كانت متوفرة في ظل النظام السابق.
كما حذر
التقرير، من أن سوريا بلد مقسم عرقياً ودينياً، وهناك اربع جماعات رئيسية لها
اجندات سياسية متضاربة، بما في ذلك الكورد الذين يبلغ عددهم 2.5 مليون نسمة،
ويسيطرون على شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، ولهم معها علاقة عدائية، ولهذا
فان علاقتهم متوترة مع وهيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا والتي قادت الجماعات المعارضة
للاطاحة بنظام الاسد.
وفي حين
لفت التقرير، إلى وجود اتفاق على وقف اطلاق النار، الا انه هش ومعرض لالنهيار،
مضيفا ان ما يزيد من تعقيد الامور هو ان الكورد بمثابة حلفاء استراتيجيين
لاسرائيل، التي دعمت تاريخيا تطلعاتهم الى اقامة دولة مستقلة في اجزاء من العراق
وسوريا وتركيا وايران.
وبالنسبة
الى هيئة تحرير الشام، فانها مؤلفة من طيف واسع من الفصائل الاسلامية من المعتدلين
والجهاديين المتشددين والمقاتلين الاجانب من اسيا الوسطى، بينما تعتبر الجماعة
انها تمثل الاغلبية العربية السنية، مذكرا بان زعيم الهيئة احمد الشرع، المعروف
ايضا باسم ابو محمد الجولاني، يحاول تعديل صوررة الجماعة كهيئة معتدلة الا انه لا
يزال يسعى الى اقامة حكم اسلامي مثلما قال مؤخرا في مقابلته مع شبكة طسي ان
ان" الامريكية حيث صرح ان الاشخاص الذين يخشون من الحكم الاسلامي اما انهم
راوا تطبيقا خاطئا له او لم يفهموه بشكل صحيح.
وبحسب
التقرير الأسترالي، فإن ذلك يشكل مصدر قلق كبير لكل من الاردن ومصر، حيث انهما
يواجهان تحديات سياسية من جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي فرعها السوري الى
هيئة تحرير الشام.
اما
بالنسبة الى الاقلية الدرزية، فقد اشار التقرير الى انها تعتبر ثالث اكبر طائفة
وتتمركز في الجنوب بالقرب من الحدود مع اسرائيل، ويعتقد ان بعض زعماء الدروز دعوا
الى ضمهم الى اسرائيل، على الرغم من ان قيادات درزية اخرى في مرتفعات الجولان
المحتلة التي استولت عليها اسرائيل في العام 1967ن يطالبون بعودة الجولان الى
السيطرة السوري، الا ان اسرائيل اعطت موافقتها الان على خطة لتوسيع المستوطنات في هضبة
الجولان، وتوغلت القوات الاسرائيلية الى ما هو ابعد من المنطقة منزوعة السلاح على
الحدود في الايام الاخيرة.
وبالنسبة
الى الشيعة والمسيحيين والعلويين، فقد اعتبر التقرير، انهم الاقليات الاكثر عرضة
للخطر بعد انهيار نظام الاسد، حيث لم تعرب اي دولة مجاورة او فصيل محلي عن
اهتمامها او قدرتها على حمايتهم.
وفيما
يتعلق بالسيناريوهات المستقبلية المحتملة، قال التقرير الاسترالي ان تحليل
ديناميكيات القوة والوضع الجيوسياسي الاقليمي الاوسع يشير الى ثلاثة سيناريوهات
محتملة لمستقبل سوريا.
أولا،
قال التقرير إن هناك احتمال قيام دولة علمانية فيدرالية تستوعب تركيبتها المتعددة
الاعراق والاديان بحيث يتيح هذا النظام لكافة المجموعات ان يكون لها تمثيل على المستويين
المحلي والفيدرالي، مشيرا الى ان هذا السيناريو يحظى بتأييد الكورد الذين يتمتعون
بالفعل بالحكم الذاتي بحكم الامر الواقع، الى جانب العديد من الاقليات الاخرى، غير
ان هيئة تحرير الشام لم تعلق رسميا على الدور الكوردي في الدولة الجديدة، الا ان
الجولاني تحدث عن انه في ظل "سوريا القادمة، سيكون الكورد اساسيين، وسنعيش
معا وسيحصل الجميع على حقوقهم بالقانون".
ونبه
التقرير الى ان المحيط الاقليمي له مواقف مختلطة من خيار النموذج الفدرالي، حيث ان
اسرائيل تؤيد الفيدرالية كما عبر عن ذلك وزير خارجيته مؤخرا باعتبار انه
"الخيار المنطقي"، في حين ان دولا مجاورة اخرى مثل الاردن وتركيا تعارض
هذه الفكرة، لانها تخشى ان يؤثر مثل هذا الترتيب على الاقليات في اراضيها، وخصوصا
الكورد في تركيا.
أما
السيناريو الثاني المحتمل فهو قيام دولة قوية مركزية تهيمن عليها جماعات اسلامية
سنية، مثل هيئة تحرير الشام، وهو ما قد يؤدي الى نشوء حكم استبدادي وتهميش الاقليات، وتعزيز دور
الشريعة الاسلامية في الحكم، معتبرا ان تركيا تؤيد هذا السيناريو بقوة وتعتبره، وسيلة
للقضاء على التهديد الذي تشكله ميليشيا وحدات حماية الشعب الكوردية السورية التي
تسيطر على اجزاء من شمال سوريا حيث تعتقد انقرة ان هذه الميليشيا تتحالف مع حزب
العمال الكوردستاني الانفصالي في تركيا.
وتابع
التقرير ان سيناريو الدولة القوية المركزية، سيتيح لتركيا توسيع نفوذها في سوريا،
وهي لها دوافع اقتصادية لذلك، مثل طموحاتها لمد خط انابيب للغاز من قطر الى اوروبا
عبر السعودية والاردن وسوريا، حيث المح وزير الطاقة التركي الب ارسلان بيرقدار الى
هذا الاحتمال مؤخرا، عندما قال انه "اذا حدث هذا، فلابد ان يكون الطريق امنا،
ونامل ان يكون كذلك، فهذه رغبتنا".
اما
السيناريو الثالث الذي يطرحه التقرير فهو اندلاع صراع طويل وانفصال فعلي، معتبرا
ان ذلك سيكون النتيجة الاسوا الممكنة للشعب السوري، بحيث يستمر العنف وانقسام
سوريا على اسس عرقية ودينية، مضيفا ان هناك عوامل عديدة تشير الى ان سوريا قد تذهب
في ذلك الاتجاه، على غرار ليبيا والسودان في السنوات الاخيرة، لان سوريا تضم جماعات
عرقية تعاني من مظالم تاريخية عميقة، والتي تفاقمت بسبب نظام الحكم الاستبدادي،
الى جانب انها لا تتمتع بتقاليد ديمقراطية قوية.
ورأى
التقرير ان مثل هذا السيناريو قد يكون مفيداً لاسرائيل بشكل كبير، لانه يضعف احد
اعدائها التاريخيين، بينما من المرجح ان تسعى تركيا الى توسيع احتلالها لاجزاء من
شمال سوريا لمواجهة التحدي الذي يمثله المقاتلون الكورد.
وخلص
التقرير الأسترالي، إلى أن كل هذه السيناريوهات تظهر ان مستقبل سوريا مرتبط
ارتباطا قويا بالمشهد الاقليمي الذي تمارس فيه دول مختلفة نفوذها، حيث انها تسعى
الى تحقيق مصالح سياسية واقتصادية وأمنية مميزة، مذكرا بان مؤتمر العقبة الذي
انعقد مؤخرا للتعبير عن الدعم لعملية "انتقال سلمي" لم يسفر عن خطة
محكمة بسبب الخلافات الحادة بين المشاركين حول مستقبل سوريا، بالاضافة الى غياب لاعبين
رئيسيين اخرين مثل اسرائيل، مضيفا انه في ظل الظروف الحالية، فان تشكيل اطار دولي حول
مستقبل سوريا، يعتبر امرا ضروريا.