بينها "زواج الأقارب".. "ارتفاع" معدل الجريمة في العراق لهذه الأسباب

بينها "زواج الأقارب".. "ارتفاع" معدل الجريمة في العراق لهذه الأسباب
2025-04-05 08:03

شفق نيوز/ تشهد معدلات الجرائم الجنائية في العراق "ارتفاعاً" منذ حوالي الشهر، لكنها تبقى عموماً منخفضة قياساً بالسنوات السابقة، بحسب مختصين في الشأن الأمني، الذين أشاروا إلى أن الجرائم هي انعكاس للحالة الاجتماعية، فيما عزت أخصائية نفسية اللجوء إلى خيار العنف لعدة أسباب، تبدأ من الشخص وعلاقته بأسرته في داخل البيت وتنتهي بوضع البلاد بشكل عام.

ويشخّص عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي نعمة البنداوي، "وجود ارتفاع في الحوادث الجنائية وخاصة خلال شهر رمضان وعيد الفطر الماضيين، ما يدل على قلة الوعي والإنسانية لدى هؤلاء المجرمين، لكن رغم ذلك، عند مقارنة أعداد حوادث الفترة الأخيرة مع الفترات الماضية، يلاحظ هناك انخفاض بفضل الجهود الأمنية والاستخبارية ونصب كاميرات المراقبة والمتابعة للقضايا".

ويوضح البنداوي لوكالة شفق نيوز، أن "هناك علاقة طردية بين قوة تنفيذ القانون والجرائم، فكلما يضعف تطبيق القانون ترتفع وتيرة الحوادث الجنائية، لذلك على الأجهزة الأمنية زيادة جهودها في حفظ الأمن، والقيام بعمليات استباقية للذين عليهم سوابق وأوامر إلقاء القبض للحد من هذه الحوادث، وكذلك توسيع نداء الاستجابة السريعة في عموم المحافظات وزيادة تعاون المواطنين معهم في الإبلاغ عن الحوادث الأمنية والجنائية والسرقات والاعتداءات وغيرها".

ويتفق الخبير في الشؤون الأمنية، مخلد حازم الدرب، مع ما طرحه البنداوي بأن "هناك انخفاضاً في نسب الجريمة الجنائية بحسب إحصائيات عامي 2024 وبداية 2025 قياساً بالسنوات السابقة، وهذا يعود إلى تفعيل جهات إنفاذ القانون متابعاتها ومصادرها والأجهزة الإلكترونية التي يتم من خلالها متابعة الجاني وتعقب خيوط الجريمة، إلى جانب انتشار حملات التوعية المجتمعية للحد من انتشار الجرائم".

أسباب انتشار الجرائم

ويوضح الدرب لوكالة شفق نيوز، أن "الجريمة هي انعكاس للحالة الاجتماعية، وهي موجودة في كل دول العالم، وتنشط عادة عند حصول ضعف في جهات إنفاذ القانون، ومن أسباب انتشارها الفقر والعوز والطابع العشائري القِبلي وقلة الوعي والإرشاد والثقافة المجتمعية والدينية، وأن ما مرّ به المجتمع العراقي من حروب وإرهاب على مدى العقدين الماضيين وأكثر، أثرت على البنية المجتمعية العراقية".

ويضيف، "كما أن أصحاب الجريمة المنظمة استغلوا تلك الظروف ونشروا المخدرات التي من خلالها تم استغلال الكثير من الحالات ليكونوا مجرمين بسبب تعاطيهم للمخدرات التي أصبحت في وقت من الأوقات منتشرة بشكل كبير واخترقت البنية المجتمعية العراقية".

ويؤكد، أن "إحصائيات الجرائم آخذة في التراجع، لكن تبقى الجرائم حاضرة بسبب الظروف التي مرّت على المجتمع، وكذلك النشاط العابر للحدود من جرائم الاتجار بالبشر والمخدرات، فضلاً الجرائم الجنائية التي تحدث أحياناً بسبب الثأر العشائري وغسل العار وغيرها من الحالات، ما يؤكد أهمية التوعية المجتمعية ودعم جهات إنفاذ قانون أكثر، للحد من مثل هكذا حالات". 

وكان وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، أعلن في 30 كانون الثاني/يناير 2025، انخفاض معدلات الجريمة المنظمة بنسبة 43 بالمئة‎ في العراق نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة.

وأكد الشمري في مؤتمر صحفي، أن "الوزارة لا تخضع لأي ضغوط في ملاحقة الخارجين عن القانون، وهناك تبليغ بتنفيذ فوري لأي مذكرة، وأن جميع الإجراءات تُنفذ وفق الأطر القانونية لضمان فرض سلطة الدولة وحماية أمن المواطنين".

وأشار إلى أن "الحرب التي تشنها القوات الأمنية ضد تجارة وتعاطي المخدرات أثمرت عن انخفاض معدلات العرض وارتفاع أسعارها وكذلك انخفاض الطلب". 

يُذكر أن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، أعلن في 29 كانون الثاني/يناير 2025، أن العراق شهد انخفاضاً في معدلات الجريمة بنسبة 15% في عام 2024 مقارنة بعام 2023.

واستند المركز في تقرير له على مؤشرات انخفاض الجرائم التي أصدرتها وزارة الداخلية، وكانت تشير إلى انخفاض بنسبة 20% في جرائم العنف بما في ذلك القتل والاعتداءات الخطيرة، وكذلك انخفاض بنسبة 12% في جرائم السرقة سواء كانت سرقة منازل أم سرقة سيارات، وانخفاض بنسبة 18% في جرائم الاتجار بالمخدرات.

ويحتل العراق المرتبة الثامنة عربياً والثمانين عالمياً من أصل 146 دولة بمؤشر الجريمة لعام 2024، وفقاً لموقع "نامبيو" الذي يُعنى بتقديم بيانات حول أسعار المستهلك، ومعدلات الجريمة، وجودة الرعاية الصحية.

العامل النفسي

وعن العامل النفسي في اللجوء إلى العنف والجرائم، تقول أخصائية الطب النفسي، الدكتورة بتول عيسى، إن "الإنسان لديه غرائز الخير والشر، وما يُفعّل هذه الغرائز الظروف المحيطة والعوامل الوراثية والجينات التي يكتسبها الإنسان من العائلة والبيئة، فالعنف هو غريزة مكبوتة داخل كل إنسان وما يخرجها إلى الواقع هو المرور بمراحل تمهد له".

وتوضح عيسى لوكالة شفق نيوز، أن "العامل النفسي له ممهدات لحدوثه، تبدأ على مستوى العائلة والعامل الوراثي، حيث إن زواج الأقارب يسبب نقل الصفات والأمراض الوراثية المكبوتة في الجينات إلى الأبناء، لذلك يسبب زواج الأقارب الأمراض النفسية والتي يمكن أن تنتج عنها تصرفات خاطئة وغير مقبولة اجتماعياً وقانونياً".

ومن الأسباب أيضاً، تضيف عيسى، أن "التفكك الأسري الذي تمر به الكثير من العوائل والطلاق العاطفي بين الأزواج والعلاقة الباردة بينهما، والتعنيف داخل الأسرة يولد العنف عند الكِبر، فحينما يرى الطفل والده يعنف والدته فهذا الطفل عندما يكبر سوف يعنف أخواته وزوجته وأبنائه، وما يُسجل في الدوائر المختصة من حالات تعنيف أُسري هي أقل بكثير من الواقع، حيث إن أغلبها لا يخرج إلى العلن، فكما يقال لـ(البيوت أسرار)، وكل هذه تراكمات تولد إنساناً يعاني من الكبت".

وترى أن "الوضع المتذبذب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في البلاد جميعها تنعكس على الأسرة، وكذلك الأخبار والأفلام والتواصل الاجتماعي التي تُعرض مشاهد الجرائم تُعزز في الذهن العنف، لذلك نسمع أحياناً بزوج يقتل زوجته أو بالعكس، أو زوج أو زوجة يقتلون أطفالهم أو العكس، وكذلك الانتحار، فكل هذه جاءت نتيجة تراكمات وكبت وليست وليدة اللحظة".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon