بعد رسوم ترامب.. المجهول يعصف بـ"التنور العراقي" في أمريكا

شفق نيوز/ بين العراق وامريكا، تأريخ طويل من العلاقات الاقتصادية والتجارية تمتد الى بدايات القرن العشرين الماضي، ويعتقد ان السياسة الأخيرة التي تنتهجا ادارة الرئيس دونالد ترامب ستحدث زعزعة في ميزان التبادلات التجارية بين البلدين.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، فرض رسوم جمركية مضادة عالمية خلال فعالية في البيت الأبيض، ورفع ترامب لوحة تُظهر الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على معظم الدول، وتراوحت الرسوم على اللوحة بين 10% و49%.
وجاء العراق بالمرتبة الثانية ضمن قائمة الدول العربية التي فُرض عليها الرسوم الجمركية، حيث بلغت نسبة الرسوم 39%، وهو ما طرح الكثير من التساؤلات حول الجوانب التي ستضرر من هذه النسبة العالية.
ماذا يصدر العراق لأمريكا؟
وارتفع حجم التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة الامريكية خلال عام 2025 الى اكثر من الضعف خلال العامين الماضيين، فيما يمتد التعاون التجاري الى مجالات عديدة متنوعة استثمارية وتجارية واقتصادية مختلفة.
كما ارتفعت صادرات العراق الى الولايات المتحدة، بنسبة تزيد عن 110%، وتراوحت واردات العراق منها بين 9-10 مليارات دولار خلال العامين الماضيين، وتقدر صادرات النفط العراقي الى الولايات المتحدة بحدود 10 مليار دولار سنويا، اما الميزان التجاري فيكون لصالح العراق بفارق 5.7 مليارات دولا.
وبحسب بيانات رسمية لوزارة التخطيط العراقية عام 2021، اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، فإن "مجموع صادرات العراق غير النفطية إلى الولايات المتحدة بلغت اكثر من 700 الف دولار، منها 300 الف عبارة عن (جبس)، اضافة الى (غاز التنور) بقيمة 260 الف دولار".
اضافة الى ذلك يصدر العراق بضائع اخرى من بينها "التمور، كتب مطبوعة، ومكسرات ابرزها (الكاجو)، ومنتجات من الحديد والصلب، اضافة الى الصابون وملابس النساء والحجاب وغيرها".
وبلغت واردات الولايات المتحدة من العراق 7.69 مليار دولار أمريكي عام 2024، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية.
وبين ذلك كتب ومطبوعات بقيمة 13 مليون دولار، ومشروبات روحية وخل بقيمة اكثر من 600 الف دولار، ومواد غذائية بـ400 الف دولار، وحلويات بقيمة 400 الف دولار، وورق وكارتون بقيمة 284 الف دولار.
كما شهدت صادرات النفط العراقي إلى الولايات المتحدة زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مع تحقيق مستويات قياسية في بعض الأشهر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قدرة العراق على زيادة إنتاجه النفطي، إضافة إلى ارتفاع الطلب العالمي على النفط.
واعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يوم الأربعاء الماضي، أن العراق صدر أكثر من 7 ملايين برميل من النفط الخام ومشتقاته إلى الولايات المتحدة خلال شهر كانون الثاني من العام 2025.
ووفقاً لبيانات الإدارة التي اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، بلغ إجمالي الصادرات النفطية من العراق إلى الولايات المتحدة في يناير 7 ملايين و136 ألف برميل، منخفضة قليلاً عن صادرات شهر كانون الأول التي بلغت 7 ملايين و320 ألف برميل.
ماذا يستورد العراق؟
وبالمقابل تظهر احصائيات نشرها الجهاز المركزي للاحصاء، أن "العراق استورد من امريكا في عام 2020 بضائع غير نفطية بقيمة 979 مليون دولار، وفي عام 2021 استورد بضائعا بقيمة 636 مليون دولار".
ويعني ذلك ان الولايات المتحدة احتلت في نفس الاعوام، المرتبة الخامسة، كأكبر مورد للبضائع الى العراق، بعد الصين، وكوريا الجنوبية، واوكرانيا، ومن ثم ايران.
وغالبية ما يستورده العراق من امريكا عبارة عن "سيارات، الات ومعدات ثقيلة، معدات واجهزة كهربائية، منتجات طبية وصيدلانية، اضافة الى اللحوم".
وبهذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، أن "رسوم ترامب الجمركية على العراق هي جزء من عملية تنفيذ استراتيجيته الدولية لتقليص الخلل في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وباقي دول العالم المصدرة لها" .
تدوينة للهاشمي ذكر فيها، أن "العراق يتمتع اليوم بفائض في الميزان التجاري لصالحه بقرابة 6 مليار دولار معظمها صادرات نفطية لمصافي تكساس وكاليفورنيا، بمعنى ان العراق يصدر أكثر مما يستورد من الولايات المتحدة".
واشار الى ان "العراق لن يجد من جانبه صعوبة في إيجاد أسواق بديله لنفطه المصدر للولايات المتحدة، وقد تكون الرسوم الجمركية ذات تأثير سلبي مباشر على الشركات الأمريكية والمستهلك الأمريكي أكثر منه على الجانب العراقي، وهذه نقطة تفاوضية أساسية في صالح العراق".
البلدان يتحملان الضرر
وفي وقت سابق، أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، يوم الخميس، أن العراق وأمريكا سيتضرران معاً من التعرفة الجمركية التي فرضها دونالد ترامب، فيما قلل نبيل المرسومي من تأثيرها على الاقتصاد العراقي.
وقال المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "التعرفة الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم من شأنها أن تؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي وسينخفض الطلب العالمي على النفط، وبالتالي ستتراجع أسعاره ويتضرر العراق من ذلك باعتبار أن الواردات النفطية تشكل 95% من الموازنة العامة".
وأضاف "ما نشهده اليوم من ارتفاع أسعار النفط يعود إلى التهديدات باحتمال توجيه ضربة إلى إيران ونشوب حرب في المنطقة".
وأشار إلى أن "العراق لا يصدر إلى أمريكا سوى النفط ويتراوح حجم التصدير بين 250 إلى 450 ألف برميل يومياً"، مبيناً أن "فرض رسوم على النفط العراقي تعني زيادة الأسعار للمشتقات النفطية في السوق الأمريكية وقد ينخفض الطلب على النفط العراقي من قبل الولايات المتحدة في حال حصلت عليه بأسعار تفضيلية من دول أخرى".
بدوره، قلل الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، من تأثير الرسوم الجمركية على الإيرادات النفطية العراقية، موضحاً "فرض الرئيس الأمريكي ترامب رسوماً على كل السلع المستوردة من قبل الولايات المتحدة وبنسب متفاوتة تبدأ من 10% صعوداً، غير أنه أعفى واردات النفط والغاز والمنتجات المكررة من الرسوم الجمركية".
وبين أن "ترامب فرض رسوماً بنسبة 39% على صادرات العراق إلى الولايات المتحدة ولأن صادرات العراق محدودة جداً فلن يكون للقرار الأمريكي في هذا الجانب تأثيراً يذكر".
إلا أن المرسومي استدرك "غير أن الرسوم الجديدة سيكون لها أثر سلبي على التجارة والنمو الاقتصادي العالمي ومن ثم على نمو الطلب على النفط وبالتالي سيكون لها أثراً سلبياً على أسعار الخام التي فقدت دولارين كرد فعل سريع على رسوم ترامب وستشهد الأيام المقبلة حجم التأثير السلبي لهذه الرسوم على أسعار النفط العالمية التي ستتضرر منها كل الدول المصدرة للنفط ومن بينها العراق".