بعد 8 سنوات على الإبادة.. "كوابيس" 2014 تلاحق الناجيات الإيزيديات
شفق نيوز/ مازالت مشاهد "الاعتداء الجسدي" و"الاغتصاب"، تلاحق الناجيات الايزيديات، خلال اجتياح تنظيم "داعش" مدينة سنجار وضواحيها في الثالث من آب/أغسطس 2014، إبان سيطرته على أجزاء واسعة من مدن شمال وغرب العراق، قادماً من الأراضي السورية المجاورة.
وأحيا العراق مؤخرا، الذكرى الثامنة لجرائم الإبادة التي تعرّض لها الآلاف من أبناء الطائفة الإيزيدية على يد تنظيم داعش، حيث قتل وخطف مئات الإيزيديين من مناطق محافظة نينوى شمال العراق خلال اجتياحه للمحافظة وأجزاء أخرى من شمال وشمال غرب العراق عام 2014.
وقتل التنظيم نحو 1200 إيزيدي ضمن سلسلة من جرائم عمليات الإعدام الميدانية، فيما خطف النساء - وهو ما أطلق عليه "السبي" - أكثر من 6 آلاف آخرين، في واحدة من أسوأ الجرائم في العراق، وما زال آلاف الضحايا من النساء مفقودات ولا يعلم مصيرهن حتى الآن.
وبهذا الشأن تستذكر الناجية الايزيدية "حلا" ما تعرضت له عام 2014 بالقول: "عند سيطرة تنظيم داعش على مدينة سنجار كان عمري حينها 17 ربيعا، حيث قام عناصر التنظيم الارهابي بأخذ 13 شخصا من عائلتي، وقتلوا الرجال، من بينهم كان أبي وأخوتي، فيما قاموا بأسري مع أمي وأخواتي".
وتضيف "حلا" لوكالة شفق نيوز، "بعدها تم نقلنا إلى مدرسة في بادئ الأمر، ثم إلى سجن بادوش، ومكثنا فيه قرابة 9 أيام، وبعدها نُقلنا إلى تلعفر، ومن ثم قاموا بفصلنا (أنا وأختي وأخي الصغير) عن والدتنا، وأرسلونا إلى الموصل".
وتابعت الناجية حديثها، "وذهبت إلى الموصل برفقة عنصر من التنظيم الذي قام (بشرائي)، وكان يصطحبني معه أينما يذهب في الموصل وسوريا، وكان يعتدي عليّ ويغتصبني مرارا، واستمر الحال معه لمدة أكثر من سنة، ومن ثم قام ببيعي إلى شخص آخر ومن ثم إلى شخص ثالث، وعند دخول القوات الأمنية إلى مدينة الموصل هربت ولجأت إليهم، لكن المعاناة لم تنته".
وتُكمل "حلا"، قائلة: "فالوضع في سنجار لا يزال غير آمن أو مستقر، فهناك عمليات اغتيال تحدث بين فترة وأخرى، وتستهدف الجميع على حد سواء، فضلا عن تقصير حكومي واضح لمعالجة هذا الوضع، ما يجعلنا نتخوف من عودة سيناريو عام 2014 مجددا".
وتشهد مدينة سنجار (115 كيلومتراً غرب نينوى)، أوضاعاً إنسانية صعبة، إذ لا يزال أكثر من 70 بالمائة من أهاليها يسكنون خارج المدينة ضمن مخيمات ومجمعات سكنية مؤقتة، بسبب سيطرة جهات مسلحة على المدينة، بالإضافة إلى عرقلة تلك الجهات جهود بغداد للمباشرة بعمليات إعادة الإعمار والتأهيل للمدينة.
وفي هذا الجانب يؤكد عضو مجلس النواب العراقي عن سنجار، محما خليل، أن "المدينة تعيش وضعا مأساويا، فعلى الرغم من مرور 8 سنوات من الإبادة الايزيدية، لا تزال الصراعات السياسية والقوى غير الشرعية تقف عائقا أمام عودة النازحين وإعادة الإعمار وتعويض المواطنين".
ويؤكد خليل، الذي هو عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني لوكالة شفق نيوز: "نسعى لتطبيق الاتفاقية الموقعة عام 2020 بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان بمشاركة الامم المتحدة، التي لم تُطبق على أرض الواقع حتى الآن"، عازيا سبب عدم تطبيق الاتفاقية إلى "عدم وجود مصداقية حكومية وإرادة وطنية حقيقية لمعالجة قضية سنجار وأهلها".
وعدّ البرلمان العراقي في عام 2020 ما تعرض له أبناء المكون الإيزيدي، جرائم "إبادة جماعية"، وأقرّ قانوناً لإنصاف الضحايا عُرف بقانون "الإبادة الجماعية للإيزيديين".
ومن أهم بنود القانون، منحه امتيازات مالية ومعنوية، لتسهيل إعادة اندماج النساء من ضحايا التنظيم في المجتمع، ومن الناحية المالية، فإن القانون يمنحهن راتباً تقاعدياً، وقطعة أرض سكنية، وأولوية في التوظيف، إلى جانب استثناءات في ما يتعلق بشروط الدراسة، فضلاً عن جوانب أخرى تتعلق بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المنكوبة.
إلا أن القانون لم يلقَ حتى الآن مجالاً لتنفيذه بشكل كامل بعد تعثر حكومة مصطفى الكاظمي في تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع بمدينة سنجار الموقعة مع أربيل منذ عامين، حيث سبّب نفوذ مسلحي حزب العمال عرقلة الاتفاق ومنع تنفيذه، واشتبك مع قوات الجيش العراقي أكثر من مرة.
وما زالت حتى الآن سبع مقابر جماعية بمدينة سنجار ينتظر ذوو الضحايا المفقودين فتحها وأخذ عيّنات لمطابقتها، بعد تضاؤل آمال العثور على المفقودين من أهل المدينة في العام الثامن للنكبة.
أما من الجانب النفسي، فلا تزال النساء الايزيديات يعانين من آثار الصدمات النفسية والجسدية اللاتي تعرضن لها على يد تنظيم داعش، فضلا عن وجود الالاف من الارامل المحرومات من "أبسط حقوقهن"، بحسب الناشطة في مجال حقوق المرأة وخاصة المرأة الايزيدية، سامية شنگالي.
وتضيف شنگالي، لوكالة شفق نيوز، "فبعد مرور 8 سنوات على الابادة الجماعية لم نر أي تحركات جدية من قبل الحكومات أو المجتمع الدولي تجاه القضية الايزيدية، فلا تزال نحو 3 الاف ايزيدية مختطفة في مخيم الهول ومناطق أخرى، فهؤلاء مصيرهن مجهول، رغم مطالباتنا المستمرة بضرورة تحريرهن لكن دون جدوى".
واختتمت الناشطة حديثها بالقول: "ورغم ما تعرضت له المرأة الايزيدية عام 2014 من شتى أنواع العنف، إلّا أنها أصبحت ايقونة الانسانية والسلام في العالم، ويصف المجتمع الايزيدي الناجيات بالقديسات".