برلمان العراق.. الانتخابات تفكك "كلمة السر" لسلة القوانين الثلاثة "الجدلية"
شفق
نيوز/ يتوقع مراقبون تمرير القوانين الثلاثة الجدلية خلال الفصل التشريعي الجديد
لمجلس النواب العراقي لتكون ورقة للكتل السياسية تستغلها انتخابياً، لذلك من المرجح
حصول الاتفاق عليها قبل أشهر قليلة من الانتخابات البرلمانية المقبلة المفترض
إجراؤها بحلول تشرين الأول/ أكتوبر 2025.
وأخفق
مجلس النواب العراقي في عقد جلسته الاعتيادية رقم 20 يوم الأحد الثامن من كانون
الأول/ ديسمبر الجاري، للتصويت على مقترحات قوانين، الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة
1959، وإعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة
المنحل، والتعديل الثاني لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016.
ورغم
تمديد مجلس النواب في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي فصله التشريعي لمدة
30 يوماً لغرض إقرار القوانين العالقة، إلا أن المجلس لم يتمكن خلال فترة التمديد
أيضاً من تمرير هذا القوانين الجدلية، وبالتالي تأجلت إلى الفصل التشريعي الجديد.
وفي
هذا السياق، يقول عضو مجلس النواب، محمد قتيبة البياتي، إن "القوانين الجدلية
عُرضت في أكثر من جلسة لكنها لم تُحقق التوافق السياسي، لذلك رُفعت آخر جلسة من
الفصل التشريعي دون تحديد موعد جديد لعرضها مرة أخرى".
ويضيف
البياتي لوكالة شفق نيوز، أن "الجلسات الأولى للفصل التشريعي الجديد قد تخلو
من هذه القوانين، لأن ورودها في جداول الأعمال بات يخلق نوعاً من التذمر من قبل
أعضاء مجلس النواب، لأنها تعني عدم انعقاد الجلسة".
ويشير
إلى أن "هذه القوانين استنزفت ولم تعد تنفع أن تكون دعاية للانتخابات
المقبلة، لذلك أما حسمها في هذه الدورة الانتخابية أو لن تكون لها فائدة من طرحها
في الدورات المقبلة، بل قد تسبب في حال عدم تمريرها عزوفاً عن الانتخابات وخاصة من
قبل الناخبين المطالبين بها، نتيجة الوعود السياسية المتكررة بتشريعها دون حسمها
لغاية الآن".
ودخل
مجلس النواب في عطلة الفصل التشريعي بعد أن مدده لمدة 30 يوماً استناداً للمادة 58
من الدستور العراقي، وبالتالي انتهت تلك المدة وأصبح وجوباً الدخول في العطلة من 9
كانون الأول/ ديسمبر الجاري إلى 9 كانون الثاني/ يناير 2025، بحسب الباحث السياسي،
سيف السعدي.
ويوضح
السعدي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه القوانين تم تأجيلها إلى التاسع من كانون
الثاني موعد انطلاق الفصل التشريعي الجديد، لكن من المتوقع أن يكون مجلس النواب في
تلك الفترة تحت ضغط كبير لوجود الكثير من القوانين منها قانون الانتخابات وبين من
يريد دوائر متعددة أو دائرة واحدة أو سانت ليغو، فضلاً عن قانون المفوضية العليا
المستقلة للانتخابات".
ويضيف،
أن "قانون العفو العام تم ربطه بقانون جدلي وهو الأحوال الشخصية، كما تم ربط
قانون إعادة العقارات إلى أصحابها بالقانونين المذكورين، رغم أن الأول لا يختص
بالمكون السني، بل هو يشمل جميع أطياف الشعب العراقي، لذلك من المستغرب ربطه
بالقوانين الجدلية الأخرى، كما لا يمكن القبول باستمرار نظام (السلة الواحدة) لأنه
انحراف بالمسار التشريعي".
ويؤكد،
أن "العفو العام يجب تشريعه لوجود الكثير من الفئات المتضررة نتيجة المخبر
السري أو انتزاع الاعتراف بالإكراه أو الاعتقال نتيجة الإجراءات الاحترازية أو من
قضى ثلث فترة محكوميته، وبالتالي يتيح له قانون العفو العام دفع 10 آلاف دينار عن
اليوم الواحد مقابل إطلاق سراحه مع شرط عدم وجود مدعي الحق الشخصي بل يبقى الحق
العام فقط".
ويتوقع
السعدي في ختام حديثه "تشريع العفو العام بعد انتهاء عطلة الفصل التشريعي على
اعتبار أن القوانين الثلاثة تم إكمالها من ناحية السلسلة التشريعية والمتبقي
التصويت على الأسباب الموجبة لها والمواد القانونية فقط".
بدوره،
يرى المحلل السياسي، أحمد الياسري، أن "القوانين الجدلية هي في الأساس كانت
دعاية انتخابية وتثبيت المحاصصة والندية السياسية، حيث إن العفو العام طرحته القوى
السنية في فترة الانتخابات وخاطبت به جمهورها، لذلك هو جزء من حالة الاستقطاب
الانتخابي الذي تحاول أن تشكله وتدافع عنه القوى السنية، وكذلك الحال مع قوانين
قوى الإطار التنسيقي".
ويتابع
الياسري حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "تلك القوى السياسية فشلت حتى في تمرير
القوانين الانتخابية، ثم أرادوا حسم جدل تمريرها بانتخاب محمود المشهداني رئيساً
لمجلس النواب، لكنه لم يستطع، وهذا يعود لعدم امتلاكه الآلية، فهو ليس جزءاً
تأسيسياً من هذه الدورة الانتخابية، بل هو جزء مكمل لها".
ويحذر
الياسري، أن "الفترة المقبلة ستلقي بظلالها على الأحداث في العراق وستجعل
البرلمان أقل فاعلية، لذلك على الكتل السياسية أن تأخذ زمام المبادرة وتخلق حالة
استقطاب إيجابي تنعكس على المجتمع لمواجهة الفترة المقبلة، التي قد تشهد تغييراً
في العراق لا يقل عن التغيير الذي حصل في سوريا".
من
جانبه، يقول المحلل السياسي، جاسم الغرابي، أن "الكتل السياسية أصرت على
إدراج تلك القوانين في الاتفاق السياسي لغرض التصويت على حكومة السوداني في ذلك
الوقت".
ويبين
لوكالة شفق نيوز، أن "القوانين الجدلية قد تُرحل إلى نهاية البرلمان لتكون
ورقة انتخابية للكتل السياسية، التي من المتوقع اتفاقها قبل أشهر قليلة من
الانتخابات وتمريرها لاستغلالها انتخابياً".
وفشل
البرلمان في تمرير مشاريع قوانين خلافية، من بينها قانون إعادة العقارات الذي
يطالب به الكورد، بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية الذي قدمه الإطار التنسيقي
الشيعي، يضاف لها قانون العفو العام الذي تبناه نواب من كتل سنية.
ويتمحور
مشروع قانون إعادة العقارات إلى أصحابها ضمن المشمولين بقرارات مجلس قيادة الثورة
المنحل.
ويقول
نواب ومسؤولون كورد إن مشروع القانون يخص الأملاك التي تعاد إلى أصحابها الأصليين
من الكورد والتركمان، وتمت مصادرتها بموجب 8 قرارات صادرة عن مجلس قيادة الثورة
المنحل خلال الأعوام من 1975 ولغاية 1979، وكان الهدف منها إجراء عمليات تغيير
ديموغرافي في المناطق المتنازع عليها.
كما
أن مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، أثار جدلاً
واسعاً تحت قبة البرلمان وبين منظمات المجتمع المدني بين مؤيد ومعارض، وتتعلق
التعديلات بأمور الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال.
وبموازاة
ذلك تؤكد القوى البرلمانية والسياسية السنيّة على ضرورة إقرار قانون العفو العام،
وهو ما تعارضه قوى شيعية خشية إطلاق سراح معتقلين متهمين بقضايا إرهابية.
ومنذ
تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم
من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية
وخاصة من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت
سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
ويعد
قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات
تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكوردية والسنية والذي
تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.
ويتضمن
البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام وإلغاء
التدقيق الأمني في محافظاتهم وكذلك إلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر
قلق وأزمة لديهم.