العراق في خطر.. هل تجاوز "سرّ الحياة" الخطوط الحمراء؟

العراق في خطر.. هل تجاوز "سرّ الحياة" الخطوط الحمراء؟
2025-01-29 19:49

شفق نيوز/ دخل الوضع المائي في العراق "الخطوط الحمراء" بالنسبة للإجهاد المائي، فيما تشير الأرقام الأولية للخزين المائي إلى "مستوى خطير" كونه لا يتناسب مع كمية الاستهلاكات المختلفة للمياه في البلاد، حسبما أفاد به خبراء في الشأن المائي.

يتزامن ذلك مع عدم التوصل لاتفاق يلزم الدول المشاركة المائية بإطلاق حصص العراق المائية، ما ينذر بـ"وضع صعب مع ارتفاع للملوثات وشحة كبيرة في مناطق ذنائب النهر"، وفق الخبراء.

وهذا جميعه انعكس على مجمل الخطة الزراعية الصيفية والشتوية وتقليص المساحات الزراعية، ما دفع الحكومة العراقية ممثلة بوزارة الزراعة إلى التوسع في منظومات الري الحديثة التي ساهمت بزيادة الغلة الإنتاجية وترشيد استخدام المياه بالإضافة إلى زيادة المساحات المزروعة خاصة في المناطق الصحراوية.

ويبدأ موسم الأمطار في العراق مع منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر في المناطق الشمالية، وتتبعها مناطق الوسط والجنوب في بداية تشرين الثاني/نوفمبر، ونهاية موسم الأمطار يكون مع منتصف شهر أيار/مايو، بحسب الراصد الجوي، صادق عطية.

وأوضح عطية، لوكالة شفق نيوز، أن "بداية الموسم كانت غير مبشرة ولا تلبي الطموح من حيث كمية الأمطار، وهذا لا يخص العراق وحده وإنما دول المنطقة وعموم دول الشرق الأوسط، تعاني من تمركز مرتفع جوي في الطبقات العليا، وعادة المرتفعات تسبب الاستقرار في الأجواء".

وأضاف: "رافق ذلك تناقصاً في عدد نزولات الهواء البارد التي تسمى بـ(الدوامة القطبية) وهذه عادة ما تسبب حالات جوية غزيرة، ونتيجة لذلك لم تتعرض مناطق في العراق حتى لقطرات من الأمطار، بالإضافة إلى أن العديد من المدن سجلت أقل من المعدل ولم تصل إلى نصف الكمية التي كانت تصلها في هذا الوقت من العام".

لكن موسم الأمطار لم ينته بعد، ولا يزال في منتصفه، ومن المتوقع حدوث حالات جوية في موسم الربيع، لكن ليست غزيرة، بل ربما مشابهة لكميات الموسم السابق، ورغم كل ذلك من الصعب إطلاق كلمة (الجفاف) على الموسم، لوجود مناطق زراعية وأنهار، وبالتالي الأرض لم تجف بعد، وفقاً للراصد الجوي.

أما الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، فرأى أن "الوضع المالي في العراق دخل الخطوط الحمراء بالنسبة للإجهاد المائي، ورغم تصنيف تقرير أممي العراق بالمرتبة 24، لكن لا توجد مصارحة حقيقية حول الخزين المائي".

وكشف الموسوي للوكالة، أن "الأرقام الأولية تشير إلى أن هناك خزيناً لا يتجاوز 20 مليار متر مكعب، وهذا خزين خطير، كون استهلاكات المياه المختلفة (الزراعية والصناعية والحياتية) تصل إلى حدود 48 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى ما نحتاجه من انعاش الأهوار ودفع اللسان المحلي بالنسبة لشط العرب".

وبين أن "العراق ارتكب خطأ عندما ذهب إلى الزراعة الصيفية للرز التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، ولم تستطع وزارتي الموارد المائية والزراعة السيطرة على المساحات، وبالتالي تم استهلاك كميات كبيرة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة التي تأخذ نسبة عالية من التبخر".

ولفت إلى أن ذلك رافقته الظروف الإقليمية والأحداث الأخيرة في سوريا وتعطيل منظومة سد تشرين، وهذا سيؤدي إلى شحة كبيرة لنهر الفرات، كما أن الجانب التركي قلل من إطلاقات المياه من سد أليسو باتجاه دجلة من 500 متر مكعب إلى 75 متر مكعب حسب تصريح وزارة الموارد المائية، وهذا ينذر بخطر شديد، خاصة وأن ساقطات هذا العام بالنسبة للموارد المائية قليلة جداً".

وأشار الخبير المائي، إلى أن "الاعتماد حالياً هو على الإيرادات الداخلية عبر ذوبان الثلوج لزيادة الخزين، وهذه لن تسد الحاجة، ما يؤكد ضرورة التوصل لاتفاق يلزم الدول المشاركة المائية بإطلاق حصص العراق المائية، وإلا سيكون الوضع صعباً مع ارتفاع الملوثات والشحة الكبيرة التي ستشهدها مناطق ذنائب النهر".

ويواجه العراق منذ سنوات تغيرات مناخية كبيرة وقلة في الإيرادات المائية لنهري دجلة والفرات، ما انعكست على مجمل الخطة الزراعية الصيفية والشتوية وتقليص المساحات الزراعية، بحسب وكيل وزير الزراعة، مهدي الجبوري.

وذكر الجبوري، لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة ضمن برنامجها الوزاري دعمت القطاع الزراعي بتوفير منظومات الري الحديثة، بدورها سعت وزارة الزراعة للتعاقد مع الشركات العالمية الرصينة في منظومات الري الحديثة".

ولفت إلى أن "هذه التعاقدات أثمرت خلال عامي 2023-2024 بالتعاقد على 13 ألف منظومة ري حديثة تغطي مساحة أكثر من مليون دونم، وبإضافة نصف مليون دونم السابقة، يصبح مجموع المساحات التي تغطى بمنظومات الري الحديثة المدعومة من قبل وزارة الزراعة بحدود مليون ونصف المليون دونم".

وزاد بالقول: "هناك مساحات مزروعة تحت منظومات الري الحديثة من قبل القطاع الخاص وشراء المنظومات على نفقة المزارعين، وبالتالي بلغت المساحات المزروعة تحت منظومات الري الحديثة اعتماداً على المياه الجوفية بحدود 3 ملايين و100 ألف دونم، والتوجه الحالي هو الوصول إلى تغطية مساحة 4 ملايين دونم تحت منظومات الري الحديثة".

وأكد الجبوري، أن "توجه الوزارة هذا، سيوفر الأمن الغذائي المستدام لمحصول الحنطة الذي يغطي مفردات البطاقة التموينية، خاصة وأن العراق سوّق خلال موسمي 2023 و2024 بحدود 11 مليون طن من الحنطة إلى سايلوات وزارة التجارة، وبالتالي غطت الاكتفاء الذاتي للعراق نتيجة التوسع في المساحات المزروعة من محصول الحنطة تحت منظومات الري الحديثة".

ونبه إلى أن "التوسع في منظومات الري الحديثة ساهم بزيادة الغلة الإنتاجية التي تجاوزت طن واحد لكل دونم مزروع من محصول الحنطة متفوقة على المناطق المروية التي كانت لا تتجاوز 850 كغم للدونم الواحد، كما ساهمت منظومات الري الحديثة بترشيد استخدام المياه بالإضافة إلى زيادة المساحات المزروعة خاصة في المناطق الصحراوية، وبالتالي أثرت إيجاباً على البيئة العراقية بتحسن المناخ مستقبلاً".

وخلص الجبوري، إلى أن "زيادة المساحات المزروعة ينعكس إيجاباً على الإنتاج الزراعي ليس لمحصول الحنطة فقط بل هناك توسع كبير باستخدام منظومات الري الحديثة الثابتة والتنقيط لزراعة محاصيل الخضر الصيفية والشتوية، وبالتالي وفرت المنتج الزراعي المحلي من محاصيل الخضر الموجودة في الأسواق والتي أدت إلى استقرار الأسواق في الفترة الأخيرة".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon