22 عاماً على سقوط صدام حسين.. ألغام البصرة وكيمياوي حلبجة شاخصة لليوم

شفق نيوز/ تمر اليوم الأربعاء 9 نيسان/أبريل
2025 الذكرى الـ22 لسقوط النظام السابق برئاسة صدام حسين بعد أقل من ثلاثة أسابيع
على الغزو الأمريكي البريطاني للعراق للخلاص من الديكتاتورية، في عام 2003.
ويستذكر العراقيون في مثل هذا اليوم مشاهد دخول
القوات الأمريكية إلى قلب العاصمة بغداد، وسط انهيار سريع لقوات النظام السابق،
بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي حينها جورج بوش الابن، في 20 آذار/مارس 2003، انطلاق
عملية سماها "عملية حرية العراق".
وبعد ثلاثة أسابيع ظهر صدام في 9 نيسان/أبريل
متجولاً في منطقة الأعظمية في بغداد وحوله عشرات العراقيين يهتفون له، قبل ساعات
من إعلان سقوط بغداد ونظامه، وكان المشهد الأبرز إسقاط تمثال صدام في ساحة
الفردوس، وتوارى عقب ذلك ثمانية أشهر قبل أن يعثر عليه الجيش الأمريكي، ويحاكم ثم
يُعدم في كانون الأول/ديسمبر 2006.
انتشار الألغام في البصرة
ورغم مرور 22 عاماً على سقوط النظام السابق، لا
تزال التأثيرات والشواهد شاخصة على جرائمه التي تزهق أرواح المواطنين، كما هو
الحال في محافظة البصرة أقصى جنوب العراق، التي تملأ المقذوفات الحربية والألغام
والمواد المنفلقة 54 مليون متر مربع قضاء الزبير غربي المحافظة، مسببة بقتل وجرح
وبتر أطراف المواطنين بين فترة وأخرى.
ويقول قائممقام القضاء، عباس ماهر طاهر، لوكالة
شفق نيوز، إن "آثار النظام السابق لها تأثير كبير على العراق عموماً وللبصرة
ولقضاء الزبير خاصة، حيث يعاني القضاء من تأثيرات كبيرة (اجتماعية وسياسية
واقتصادية) نتيجة للحروب مع إيران وقوات التحالف الدولي لمرتين".
ويوضح طاهر، أن "هناك مساحات واسعة مليئة
بالمخلفات الحربية في الزبير تُقدر بحوالي 54 مليون متر مربع، تمتد جنوب وغرب
القضاء، منها القنابل العنقوية التي تنفجر مجرد لمسها أو تحريكها، مسببة بقتل
المواطنين أو جرحهم أو بتر أطرافهم بين فترة وأخرى".
ويضيف، "كما يسبب انتشار هذه المخلفات
الحربية بحرمان اقتصادي من خلال عدم استغلال هذه المساحات لإنشاء مشاريع جديدة
فوقها، وكذلك تحرم المزارعين من رعي الأغنام والأبل فيها".
وإلى جانب المخلفات الحربية، يؤكد قائممقام قضاء
الزبير، أن "هناك ارتفاعاً بمعدل الإصابة والوفاة بالسرطان وخاصة سرطان
البنكرياس بسبب اليورانيوم المنظم الذي استخدمته قوات التحالف ضد القوات العراقية
ومعسكراتها ما تسبب بتلوث بيئي في المحافظة".
وتواجه محافظة البصرة تحديات متواصلة بسبب وجود
مخلفات حربية وألغامٍ أرضية متبقية منذ الحروب السابقة، ما يشكل خطراً على حياة
المدنيين، لا سيما في المناطق الزراعية والأراضي المفتوحة التي لم تخضع لإجراءات
المسح وإزالة الألغام بشكلٍ كامل.
وهذا ما يؤكد عليه أيضاً رئيس اللجنة الأمنية
في مجلس محافظة البصرة، عقيل الفريجي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، بأن
"النظام السابق ترك آثاراً سلبية كثيرة تمس حياة المواطنين، منها المخلفات
الحربية المنتشرة في مناطق كثيرة بالمحافظة التي لا تزال تحصد الأرواح، رغم مرور
فترة طويلة على سقوط النظام، ونأمل طوي هذا الملف في المستقبل".
ولا يقتصر انتشار الألغام على قضاء الزبير، حيث
"هناك الكثير من الألغام في المنطقة الجنوبية وعند الحدود العراقية
الإيرانية، وعندما حصلت السيول انجرفت هذه الألغام وجاءت باتجاه محافظتي ميسان
وواسط"، بحسب المحلل السياسي، عباس الجبوري.
ويؤكد الجبوري لوكالة شفق نيوز، أن "البيئة
العراقية أصبحت ملوثة نتيجة ترك الأسلحة والقنابل المشعة التي لا تزال تبعث سمومها
رغم مرور أكثر من 20 عاماً على سقوط النظام، ما سببب الكثير من الأمراض وخاصة
السرطان".
يذكر أن رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق
الإنسان، فاضل الغراوي، أكد في 15 شباط/فبراير 2025، أن العراق يعد من أكثر الدول
تلوثاً بالألغام والمخلفات الحربية نتيجة تراكم الحروب والنزاعات على مر العقود
الماضية، مشيراً إلى أن هذه المخلفات تمثل تهديداً مباشراً لحياة المدنيين.
وقال الغراوي، في بيان ورد إلى وكالة شفق نيوز،
أن أكثر من 6600 كيلومتر مربع من الأراضي العراقية تم تحديدها كمناطق ملوثة
بالألغام والمخلفات الحربية منذ عام 2003، وقد تم تطهير أكثر من 4540 كيلومتراً
مربعاً بحلول عام 2024، ورغم هذه الجهود، ما تزال أكثر من 2000 كيلومتر مربع بحاجة
إلى عمليات إزالة وتطهير.
وأشار الغراوي، إلى أن محافظة البصرة هي الأكثر
تضرراً من هذه المخلفات، حيث تبلغ مساحتها الملوثة نحو 1200 كيلومتر مربع، تليها
محافظتي المثنى وديالى.
وأوضح الغراوي، أن الإحصائيات الرسمية تكشف عن
تجاوز عدد ضحايا الألغام والمخلفات الحربية في العراق الـ30 ألف شخص منذ عام 2003،
بينهم قتلى وجرحى، منهم نساء وأطفال.
الهجوم الكيمياوي على حلبجة
ومع تكثيف النظام السابق زراعة الألغام على
الحدود العراقية الإيرانية، نفذ في الأيام الأخيرة للحرب التي استمرت لثماني
سنوات، الهجوم الكيمياوي على حلبجة، في 16 مارس/آذار 1988، بإلقاء مقاتلات عراقية
خليطاً من غاز الخردل والسارين وغازات الأعصاب، وخلف القصف خمسة آلاف ضحية معظمهم
من النساء والأطفال، وآلاف الجرحى.
ويؤكد الباحث والمحلل السياسي، قاسم السلطاني،
لوكالة شفق نيوز، أن "ما حصل في حلبجة من الشواهد البارزة على جرائم النظام
السابق، حيث ارتكب إبادة جماعية بحق سكانها عبر استهدافهم بالكيمياوي دون أي وخز
بالضمير الإنساني، وكأن هؤلاء الضحايا ليسوا عراقيين".
وكان الهجوم الكيمياوي، والذي يعرف بالإبادة
الجماعية، أكبر هجوم كيمياوي وُجّه ضد سكان مدنيين من عرق واحد وهم (الكورد) وهو
أمر يتفق مع وصف (الإبادة الجماعية) في القانون الدولي والتي يجب أن تكون موجهة ضد
جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود على مجزرة حلبجة، ما
يزال مصير نحو 400 طفل عراقي مجهولاً، كانوا قد نُقلوا إلى المستشفيات الإيرانية
لتلقي العلاج عقب الهجوم.
وتشير التقارير الدولية، إلى أن قصف حلبجة كان
ضمن سلسلة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها نظام صدام البعثي في جنوب
كوردستان، حيث شن النظام البعثي هجمات عنيفة ضد الكورد الفيليين، وقتل العشرات
وشردوا الآلاف منهم، ولا يعرف مصيرهم حتى الآن.
وفي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، دفن
النظام البعثي 8 آلاف بارزاني حياً أثناء عملية الأنفال، كما تم نقل أكثر من 182
ألف مدني إلى صحاري جنوب العراق وتم قتلهم بوحشية في عملية استمرت قرابة 4 سنوات
عُرفت باسم عملية الأنفال وتم تدمير أكثر من 4 آلاف قرية في كوردستان.