ماذا يحدث في معتقل "سدي تيمان" جنوب إسرائيل؟

ماذا يحدث في معتقل "سدي تيمان" جنوب إسرائيل؟
Tue, 30 Jul 2024 00:33:25 GMT
bbc news arabic header storypage
سجناء فلسطينيون بعد إطلاق سراحهم من قبل الجيش الإسرائيلي في دير البلح- غزة
Getty Images
سجناء فلسطينيون بعد إطلاق سراحهم من قبل الجيش الإسرائيلي في دير البلح - غزة

أثار اعتقال الشرطة العسكرية الإسرائيلية جنوداً من معتقل سدي تيمان جنوب إسرائيل ووضعهم قيد التحقيق على خلفية "الاعتداء على معتقلين فلسطينيين"، ردود فعل في الأوساط الإسرائيلية.

حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بنيامين نتنياهو يدين بشدة اقتحام معتقل سدي تيمان وطالب بالتهدئة. كما أدان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي دخول قاعدة سدي تيمان مشيراً إلى أنه يعمل على استعادة النظام هناك.

واستنكر نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت محاولة اقتحام القاعدة.

وقال غالانت "حتى في أوقات الشدة، القانون يطبق على الجميع، لا يجوز لأحد اقتحام قواعد جيش الدفاع الإسرائيلي".

ودافع هرتسي هاليفي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، عن التحقيق الذي قال إنه يصون شرف الجيش الإسرائيلي.

وقال هاليفي في بيان له عن محاولة اقتحام القاعدة "نحن في خضم حرب، وتصرفات من هذا النوع تعرض أمن الدولة للخطر… إن هذه التحقيقات على وجه التحديد هي التي تحمي جنودنا في إسرائيل والعالم وتحافظ على قيم جيش الدفاع الإسرائيلي".

وذكرت وسائل إعلام أن عدداً من المحتجين الذين تظاهروا في محيط المعتقل تمكنوا من دخوله، كما أعلن حزب القوة اليهودية أن عدداً من وزرائه وأعضاء الكنيست توجهوا للمعتقل واصفين ما يجري بـ "العار".

كما وقعت صدامات في المعتقل بين محققين من الشرطة العسكرية وجنود، وبدأ التحقيق بعد ما ورد عن تعرض سجين فلسطيني إلى اعتداءات جنسية أفقدته القدرة على المشي، واعتُقل تسعة جنود من أصل 10 يشتبه في "تنكيلهم جنسياً بمعتقل فلسطيني من غزة. كما ورد في إذاعة الجيش الإسرائيلي والقناة 12 الإسرائيلية.

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه "لن يتم اعتقال جنود الجيش كما لو كانو مجرمين".

من جهته، وصف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير التحقيق مع الجنود الإسرائيليين في سدي تيمان "بالمعيب".

وقالت حماس في بيان لها "إن الانتهاكات الوحشية التي تجري في قاعدة "سدي تيمان" العسكرية ضد آلاف المختطفين من قطاع غزة تؤكد ضرورة أن تتوجه أنظار العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية نحو معتقلات الاحتلال والمغيبين فيها لمتابعة أوضاعهم ومصيرهم المجهول".

ما قصة المعتقل؟

أثارت قضية "انتهاك " ظروف اعتقال فلسطينيي قطاع غزة في معتقل "سدي تيمان " أو ما يعرف بالمعسكر اليمني جنوب إسرائيل جدلا واسعا في الأوساط الدولية والداخلية الإسرائيلية.

شهد هذا المعتقل "غير الرسمي" اعتقال المئات من الفلسطينيين من قطاع غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، سواء من مقاتلي حركة حماس أو ممن اعتقلهم الجيش أثناء العملية العسكرية البرية في القطاع.

العشرات من هؤلاء لقوا حتفهم جراء ما وُصف بالانتهاكات والظروف السيئة للغاية للمعتقلين هناك، حيث أفادت صحيفة هآرتس بأن الجيش يحقق في شبهات حقيقية لانتهاك القوانين بشأن تصرفات عناصره مع عدد من المعتقلين ما أدى لوفاتهم نتيجة الضرب المبرح أو عدم توفير الاحتياجات الدُنيا لهم بشكل عام.

ووثقت "شبكة سي إن إن الأمريكية" من خلال تحقيق نشرته قبل مدة، شهادات من قبل سجّانين إسرائيليين ومعتقلين تم الإفراج عنهم، تتحدث عن تعذيبٍ وظروف اعتقال تنتهك القوانين الدولية.

ومعتقل سدي تيمان أو المعسكر الميداني اليمني هو قاعدة عسكرية إسرائيلية متعددة الوحدات تابعة للقيادة الجنوبية، وتقع على بعد 5 كيلومترات شمال غرب بئر السبع.

وخلال العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية والسابقة في قطاع غزة تم سجن مئات الفلسطينيين بموجب أمر وزير الدفاع الذي حدده كمكان احتجاز.

هل سيتم إغلاق المعتقل؟

حارس إسرائيلي يقف على أحد مداخل السجون الإسرائيلية
Getty Images
حارس إسرائيلي يقف على أحد مداخل السجون الإسرائيلية

على إثر هذه الشهادات والتحقيقات، قدمت جمعيات حقوقية التماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية تطلب قرارا بضرورة إغلاق هذا المعتقل بسبب "انتهاكه" لقوانين حقوق الإنسان وحقوق المعتقلين.

وطلبت المحكمة العليا من الدولة ردودا حول حالة الاكتظاظ في المعتقل وظروف معاملة المعتقلين الفلسطينيين وضرورة تفسير الغرض العام من هذا المعتقل الذي لا يعتبر سجنا رسميا بالمفهوم الإسرائيلي.

وطلبت المحكمة من الحكومة ضرورة البدء بتفريغ هذا المعتقل وعدم اعتباره معتقلا دائما للسجناء الفلسطينيين.

وخلافا لموقف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير والذي يعتبر مسؤولا عن أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو طالب السلطات المسؤولة بالأخذ بعين الاعتبار أن يتم تحويل المعتقل إلى معتقل مؤقت لأغراض التحقيق والاعتقال لفترة قصيرة.

سياسة وزير الأمن القومي منذ توليه منصبه، كانت التضييق على المعتقلين الفلسطينيين في السجون عامة من خلال اتخاذ قرارات تقضي بحرمانهم من حقوق كانوا يحصلون عليها سابقا.

وفي وقت سابق، دعا بن غفير إلى إعدام السجناء الفلسطينيين بإطلاق الرصاص عليهم بدلا من تزويدهم بالطعام.

وصرح بن غفير للقناة 14 الإسرائيلية بقوله: "أنا المسؤول ولست مستعدا لإغلاق سدي تيمان" على حد تعبيره.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يصافح مفوض الشرطة يعقوب شبتاي
Getty Images
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يصافح مفوض الشرطة يعقوب شبتاي

وتقول المديرة التنفيذية لمركز الدفاع عن الفرد (هموكيد) جيسيكا مونتيل، لبي بي سي إن المؤسسة قدمت عريضة للمحكمة العليا لإغلاق سجن "سدي تيمان" الذي يعتبر غير مؤهل للبشر.

وأضافت مونتيل أن العريضة لا تزال معلقة، مشيرة إلى أن الحكومة تقول إنها تنقل جميع السجناء إلى خارج "سدي تيمان" وإن العدد في المعتقل أصبح أقل مما كان عليه سابقا.

وحول ظروف اعتقال الفلسطينيين أجابت المديرة التنفيذية للمؤسسة الحقوقية، بأنه يتم احتجاز السجناء مكبلي الأيدي على مدار 24 ساعة، ولا يحصلون على ما يكفي من الطعام، ويتعرضون للعنف الشديد الناتج عن الاكتظاظ، وبعض حالات التعذيب تنتهك الحد الأدنى من المعايير.

بعض شهادات المعتقلين

سجناء فلسطينيون من قطاع غزة أفرج عنهم ولديهم ندوب على أجسادهم
Getty Images
سجناء فلسطينيون من قطاع غزة أفرج عنهم ولديهم ندوب على أجسادهم

يقول (م.هـ) وهو معتقل سابق اعتقل لمدة 70 يوما في سدي تيمان، لبي بي سي إنه تعرض لتعذيب شديد وقاسٍ مثل الصعق بالكهرباء والخنق بدرجة حرارة عالية حيث يقوم الجيش بوضع السجناء في حافلة ويبدأ بتشغيل التكييف بدرجة حرارة عالية حسب قوله.

وأضاف المعتقل السابق أن كميات الطعام المقدمة لا تتجاوز ما هو مطلوب فقط للبقاء على الحياة، وأنه لا يوجد رقابة في السجن، ولا حتى أي ضابط مسؤول يمكن الحديث معه، على حد قوله.

ووصف حالة الرعب التي عاشها بقوله: "كنا نموت من البرد ونموت من الجوع".

وأظهرت لقطات عديدة للمعتقلين الغزاويين الذين أفرج عنهم من قطاع غزة، تشابهاً في الآثار التي بقيت على أجسامهم وهي علامات تكبيل الأيادي لمدة طويلة ووجود كدمات على أيديهم وأرجلهم.

bbc footer storypage
Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon