استمرار المخاوف من تصعيد بين إسرائيل وحزب الله، وواشنطن تقلل من احتمالية اندلاع "نزاع شامل"

استمرار المخاوف من تصعيد بين إسرائيل وحزب الله، وواشنطن تقلل من احتمالية اندلاع "نزاع شامل"
Tue, 30 Jul 2024 07:02:02 GMT
bbc news arabic header storypage
مجدل شمس
Reuters

تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"رد قاس" على مقتل 12 شخصاً في بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، فيما دعت عدة أطراف دولية لتجنب مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وقال نتنياهو خلال زيارة قام بها إلى بلدة مجدل شمس أمس عند موقع سقوط الصاروخ، إنه جاء للتعبيرعن تعاطفه العميق، مشيراً إلى أنها "كارثة فظيعة"، حسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية.

واحتج عشرات من سكان مجدل شمس الذين يُقدّر عددهم- بحوالي 11 ألفاً - على زيارة نتانياهو، وتجمعوا خلف حواجز معدنية في ظل مراقبة الشرطة.

وقال كميل خاطر أحد المحتجين لوكالة فرانس برس: "في الجولان نريد السلام فقط، وليعد نتانياهو إلى بيته لأنه السبب بالحرب".

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي
BBC
المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي

أما في وسط بيروت، تسود حالة من الهدوء حيث لم يُبدِ اللبنانيون "قلقاً كبيراً" مما يجري في الجنوب.

وقال إيلي ربيز وهو صاحب متجر يبلغ من العمر ستين عاماً لوكالة فرانس برس: "الحالة التي نعيشها طبيعية، تعوّدنا عليها منذ فترة طويلة ونحن نعيش في هذه الظروف، وماذا سيحصل أكثر من هذا؟".

من جهته قال البيت الأبيض، إنه "واثق" من إمكانية تجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله رغم سقوط الصاروخ في الجولان المحتل والذي أدى إلى مقتل 12 شخصاً.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أجروا محادثات على "مستويات متعددة" خلال نهاية الأسبوع في أعقاب الهجوم، وإن خطر اندلاع نزاع شامل "مبالغ فيه".

وأضاف: "لا أحد يريد حرباً أوسع نطاقاً، وأنا واثق من أننا سنكون قادرين على تجنب مثل هذه النتيجة".

وتابع كيربي: "لقد سمعنا جميعاً عن هذه الحرب الشاملة في فترات متعددة على مدى الأشهر العشرة الماضية، وكانت تلك التوقعات مبالغاً فيها في ذلك الوقت، وبصراحة، نعتقد أنه مبالغ فيها الآن".

وقال جون كيربي إن التوترات المتصاعدة "لا ينبغي أن يكون لها تأثير على محادثات وقف إطلاق النار في غزة حيث تقاتل إسرائيل حركة حماس".

هذا وأعربت مصر عن رفضها لأي تهديدات تستهدف استقرار لبنان وسلامة شعبه، معبرة عن قلقها البالغ تجاه التصعيد القائم بين حزب الله وإسرائيل، وتأثيراته المحتملة على أمن واستقرار لبنان.

وخلال اتصالين هاتفيين منفصلين بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، ووزير خارجية لبنان عبد الله بوحبيب، أكدت القاهرة على ضرورة دعم الدولة اللبنانية والحفاظ على مصالح الشعب اللبناني في مواجهة التهديدات المحيطة به.

من جهته، حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن إسرائيل سترتكب "خطأ فادحا" إذا هاجمت لبنان.

وشدّد ماكرون لبزشكيان على "ضرورة بذل كل الجهود لتجنب تصعيد عسكري"، داعيا طهران إلى "وقف دعمها الجهات المزعزعة للاستقرار"، وفق الرئاسة الفرنسية.

وحذّر من أن اندلاع حرب جديدة "ستكون له عواقب مدمرة على المنطقة".

تحذيرات أمنية "قائمة"

وعلى الرغم من تطمينات كيربي، إلا أن السفارة الأمريكية في بيروت حذّرت، في بيان، رعاياها وطالبتهم بإعادة النظر في السفر إلى لبنان.

قال البيان: "نلفت انتباه المواطنين إلى حقيقة أنه وسط التوتر المتزايد في المنطقة، تقوم بعض شركات الطيران بتعديل جداول رحلاتها في لبنان".

وأكدت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية في بيان أنها تواصل تقديم النصح لرعاياها بعدم السفر إلى لبنان، وتشجع المقيمين في البلاد على المغادرة.

بالإضافة إلى وزارة الخارجية الفرنسية ووزارة الخارجية الدنماركية ووزارة الخارجية السويدية والسفارة النرويجية في بيروت الذين نددوا بحادثة مجدل شمس وحذروا من السفر إلى لبنان في الوقت الحالي وطالبوا مواطنيهم بالمغادرة.

كما شددت سفارة مملكة البحرين لدى سوريا (لأنه لا توجد سفارة بحرينية في لبنان) على أهمية الالتزام بالتحذيرات السابقة الصادرة عن وزارة الخارجية بعدم سفر المواطنين البحرينيين إلى لبنان، نظراً للأوضاع الأمنية الراهنة والمخاطر المحتملة.

مطار رفيق الحريري في بيروت اليوم
Reuters
مطار رفيق الحريري في بيروت

ومنذ فجر الأحد، أعلنت عدة خطوط طيران دولية تعليق رحلاتها إلى مطار بيروت في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله، ردا على مقتل اثني عشر شخصا وجرح آخرين جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل يوم السبت الماضي.

وأعلنت مجموعة الطيران الألمانية "لوفتانزا" تعليق رحلاتها إلى بيروت حتى الخامس من أغسطس/آب.

كما علقت شركتا إير فرانس وترانسافيا رحلاتهما إلى بيروت يومي الاثنين والثلاثاء "بسبب الوضع الأمني" في البلاد، بحسب متحدث باسم مجموعة إير فرانس-كاي إل إم.

مطار رفيق الحريري في بيروت يوم الاثنين
Reuters
مطار رفيق الحريري في بيروت يوم الاثنين

وأظهرت بيانات موقع تتبع رحلات الطيران فلايت رادار 24 أن الخطوط الجوية التركية ألغت رحلتين ليل الأحد، كما ألغت شركة طيران صن إكسبرس وشركة إيه جيت التركيتان وشركة طيران إيجه اليونانية والخطوط الجوية الإثيوبية وشركة طيران الشرق الأوسط - رحلات كان من المقرر وصولها إلى بيروت.

كما قررت هيئة تنظيم الطيران المدني الأردني، تعليق جميع رحلات الشركات الوطنية الجوية إلى مطار بيروت "لمدة وجيزة". وأضافت أنه ستتم متابعة تطورات الأوضاع في المنطقة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتشغيل الرحلات الجوية بأمن وسلامة.

وفي لبنان، أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية، أنها أرجأت بعض رحلات العودة من مساء الأحد إلى صباح يوم الاثنين، دون إبداء الأسباب.

أهالي مجدل شمس يرفضون زيارة نتنياهو
Reuters

حزب الله يُحذّر

قالت مصادر في حزب الله لبي بي سي إن حزب الله يرفض اعتبار أي ضربة من إسرائيل في إطار ما تسميه إسرائيل "ردّاً" على حادثة مجدل الشمس أنه "رد"،  لأن الحزب نفى أي مسؤولية له في سقوط صاروخ مجدل شمس، لذلك، فأي ضربة إسرائيلية ستعتبر "عدواناً" بالنسبة لحزب الله، وسيتعامل معها على هذا الأساس، بحسب ما أعلنت مصادر في حزب الله لمراسلة بي بي سي في بيروت.

من جانب آخر، حذَّر الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله العراقي، جعفر الحسيني، إسرائيل من تصعيد عملياتها ضد أحد أطراف ما يعرف بـ"محور المقاومة".

وقال الحسيني في بيان مقتضب: "إذا غامر الكيان الصهيوني برفع سقف العمليات على أحد أطراف المحور، فإن قواعد الاشتباك الجديدة لن تكون في صالحه ولا في صالح راعيته، أمريكا الشر".

هل يمكن تجنب التصعيد بين إسرائيل وحزب الله؟

خريطة لبنان وإسرائيل
BBC

يعتمد تجنب التصعيد بشكل كبير على الوضع في غزة وعلى الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وعودة الرهائن الإسرائيليين حيث يمكن أن يساعد ذلك في تهدئة التوترات في جنوب لبنان.

وقد سبق وأشار حزب الله إلى انفتاحه على التوصل إلى اتفاق يصب في مصلحة لبنان ولكنه قال إن ذلك الاتفاق يمكن التوصل إليه حينما توقف إسرائيل هجومها على غزة.

وبينما تقول إسرائيل أيضا إنها تفضل التوصل إلى تسوية دبلوماسية من شأنها أن تعيد الأمن إلى شمال البلاد فإن الحكومة الإسرائيلية قالت أيضا إنها تستعد لهجوم عسكري لتحقيق نفس الهدف.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين، والذي توسط في صفقة دبلوماسية غير متوقعة بين لبنان وإسرائيل في عام 2022 بشأن حدودهما البحرية المتنازع عليها، في الثلاثين من مايو/أيار الماضي - إنه لا يتوقع حدوث السلام بين حزب الله وإسرائيل لكنه أشار إلى إمكانية التوصل إلى مجموعة من التفاهمات التي من شأنها إزالة بعض دوافع الصراع وترسيم حدود معترف بها بين لبنان وإسرائيل.

كما تضمن اقتراح فرنسي قدم إلى بيروت في فبراير/شباط الماضي انسحاب مقاتلي النخبة من حزب الله مسافة 10 كيلومترات من الحدود، والانخراط في المفاوضات الرامية إلى تسوية النزاعات حول منطقة الحدود البرية.

bbc footer storypage
Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon