قطر والأردن يعلنان دعم الإدارة الجديدة في سوريا بقيادة أحمد الشرع
قال قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع بعد اجتماعه مع مسؤول قطري كبير في دمشق يوم الاثنين إن الدوحة مستعدة للاستثمار في قطاع الطاقة وكذلك في الموانئ السورية، في الوقت الذي توسع فيه إدارته الجديدة اتصالاتها مع الدول العربية.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية على منصة إكس أن وزير الدولة بالوزارة محمد الخليفي وصل إلى دمشق يوم الاثنين لإجراء اجتماعات، وذلك على متن أول رحلة تابعة للخطوط الجوية القطرية تهبط في العاصمة السورية منذ الإطاحة بالأسد.
وقال الشرع للصحفيين، وهو يقف إلى جانب الخليفي، إنهما ناقشا تحديات الفترة المقبلة وإنه وجه الدعوة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سوريا.
وأضاف الشرع أن الجانب القطري أبدى استعداده لتنفيذ استثمارات واسعة بقطاعات عديدة في سوريا، على رأسها الطاقة الذي لدى قطر خبرة كبيرة فيه، وكذلك الموانئ والمطارات.
وقال الخليفي إن قطر ستواصل "الوقوف إلى جانب أشقائنا في سوريا في هذا الوقت أكثر من أي وقت آخر".
وأضاف "تحتاج سوريا وشعب سوريا إلى الوقوف إلى جانبه في هذه المرحلة المهمة… التي تطلب منها تضافر الجهود جميعا فيما يتعلق برفع العقوبات والمشاريع التنموية القادمة".
وزير الخارجية الأردني يعقد "مباحثات موسعة" في دمشق
كما أجرى الشرع محادثات مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الاثنين، في العاصمة السورية دمشق.
وقال الصفدي، في تصريحات صحفية أدلى عقب المباحثات إن إعادة بناء سوريا أمر مهم للأردن وللمنطقة ككل، وأكد استعداد الأردن لتقديم كافة أشكال الدعم لسوريا، ومساعدته في عملية إعادة الإعمار.
كما أعرب الصفدي عن أمله في أن تكون هناك حكومة تمثل جميع الأطياف في سوريا، مؤكداً أن الأردن سيقف دوماً بجانب الشعب السوري.
وأشار الصفدي خلال تصريحاته إلى أنه بحث مع الشرع سبل الدعم التي يمكن أن يقدمها الأردن للشعب السوري، بالإضافة إلى مناقشة الجانب الأمني ومكافحة الأرهاب.
كما أكد حرص الأردن على تقديم سبل الدعم كافة للاجئين السوريين، مشددا على أن عودتهم إلى بلدهم يجب أن تكون طوعية.
وأضاف: "ندعم العملية الانتقالية في سوريا وصياغة دستور جديد للبلاد".
وبزيارة الصفدي إلى دمشق اليوم الاثنين، تكون أول زيارة يجريها وزير خارجية عربي يلتقي خلالها مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا وعدد من المسؤولين السوريين.
والتقى الشرع، الأحد في دمشق كلا من وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، ضمن مسعى النظام الجديد لتعزيز علاقاته مع العالم الخارجي.
وقال الشرع، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي، إن إدارته ستعلن عن الهيكل الجديد لوزارة الدفاع والجيش خلال أيام.
وأضاف أن إدارته لن تسمح بوجود أسلحة خارج سيطرة الدولة، بما في ذلك تلك التي تحتفظ بها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يقودها الأكراد، وتسبب قلقاً لأنقرة.
وخلال اجتماعه مع وزير الخارجية التركي، قال الشرع إن الفصائل المسلحة في البلاد ستبدأ قريباً في الإعلان عن حلها ودخولها في الجيش السوري، دون أن يذكر جدولاً زمنياً دقيقاً لذلك.
ولم يتحدث الشرع، الأحد 22 ديسمبر/كانون الأول، عن تعيين وزير دفاع في الإدارة الجديدة، لكن وكالة رويترز للأنباء نقلت عن مصدر رسمي، السبت، أن "مرهف أبو قصرة"، وهو شخصية بارزة في التمرد الذي أطاح بنظام بشار الأسد قبل أسبوعين، مرشح لمنصب وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن الشرع ناقش الشكل الذي ستتخذه المؤسسات العسكرية، خلال اجتماع مع فصائل مسلحة يوم السبت.
"السوريون وحدهم هم من أطاحوا بالأسد"
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن السوريين وحدهم من أطاحوا بنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وقال فيدان، موجهاً حديثه للسوريين: "هذا النصر لكم ولا يعود لأحد غيركم. وبفضل تضحياتكم، اغتنمت سوريا فرصة تاريخية".
يشار إلى أن أنقرة كانت الداعم الرئيسي لهيئة تحرير الشام المعارضة، التي سيطرت على الحكم في سوريا في وقت سابق من هذا الشهر. لكن تركيا تنفي ضلوعها في الهجوم الخاطف الذي شنته فصائل المعارضة على مدى 12 يوماً، وانتهى بالإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
من جهة أخرى، شدد فيدان على أنه لا يوجد مكان لمسلحي وحدات حماية الشعب الكردية في مستقبل سوريا، وأنه يجب تفكيكها، كما طالب بضرورة رفع جميع العقوبات المفروضة على دمشق لإعادة بناء البلاد.
وتعتبر تركيا أن وحدات حماية الشعب الكردية - المكون الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال وشمال شرق سوريا - مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد حكومة أنقرة منذ الثمانينيات.
وتابع فيدان: "يجب على المجتمع الدولي أن يحشد كل جهوده حتى تنهض سوريا، ويعود المهجرون إلى بلدهم".
"حماية الأقليات"
أكد أحمد الشرع العمل على حماية الأقليات، مشدداً على أهمية التعايش المشترك في الدولة متعددة الأعراق والمذاهب، بعد الإطاحة بنظام الأسد.
وقال الشرع خلال المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية التركي: "نعمل على حماية الطوائف والأقليات من أن يحصل ارتداد في ما بينها، أو أن تستغل هذا المشهد إحدى الأدوات الخارجية لإثارة النعرات الطائفية"، مضيفاً "سوريا بلد للجميع ونحن نستطيع أن نتعايش مع بعض".
كما سعى الشرع لطمأنة الأقليات أيضاً خلال لقائه مع الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، الأحد في دمشق.
وقال الشرع إن سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاد أي طائفة، وأن عهداً جديداً "بعيداً عن الحالة الطائفية" قد بدأ.
وتابع خلال اللقاء مع جنبلاط، في تعليقات بثتها وسائل إعلام لبنانية: "مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا… لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس، واجب علينا حمايتهم".
"علاقات جديدة بين سوريا ولبنان"
وتعهد الشرع خلال الاجتماع مع جنبلاط بوضع حد للنفوذ السوري "السلبي" في لبنان.
وأكد أن "سوريا لن تكون حالة تدخّل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني"، و"تقف على مسافة واحدة من الجميع" في المرحلة المقبلة بعدما "كانت مصدر قلق وإزعاج" في لبنان.
وتعهد الشرع بأن "يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوياً، بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات... وأرجو أن تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان".
من جانبه، قال جنبلاط خلال الاجتماع إن الإطاحة بالأسد ستفتح الباب أمام علاقات بناءة جديدة، بين لبنان وسوريا.
وقال الزعيم الدرزي: "نتمنى أن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين... ونتمنى أن تقام محاكم عادلة للذين أجرموا بحق الشعب السوري، وما أدراك ما كانت تلك الجرائم".
ويتّهم وليد جنبلاط سوريا باغتيال والده، كمال جنبلاط، خلال الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1977 ، في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
وتُنسب إلى دمشق خلال حكم عائلة الأسد، الذي امتد لأكثر من خمسين عاماً، عمليات اغتيال طالت قادة لبنانيين مناهضين للتدخّل السوري في بلدهم.
ودخل الجيش السوري لبنان في العام 1976 ، كجزء من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية هناك.
لكن الجيش السوري تحوّل الى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق "قوة الوصاية" على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى عام 2005.
وفي ذلك العام خرجت قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي، بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق، رفيق الحريري، في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إلى دمشق، ولاحقاً إلى حليفها حزب الله.