هنا رضا.. ناشطة كوردية تسلك درباً شاقاً لإنقاذ فهود كوردستان

شفق نيوز/ باستثناء هنا رضا، وهي ناشطة كوردية مدافعة عن الحياة البرية، لم يحاول احد البحث عن الفهود الفارسية حتى العام 2009. 

فبعد الحرب الايرانية - العراقية التي ادت الى تدهور الحياة الطبيعة العراقية، كان من المعتقد ان الفهود الفارسية قد انقرضت محليا، فيما تركت الحرب ملايين الالغام الارضية التي تغطي مساحات كبيرة، وخلفت العديد من الكائنات الحيوانية المهددة الى حد كبير، ولذلك فان احدا لم يتوقع ان تبقى الفهود الفارسية، وهي اكبر أنواع الفهود في العالم، ومهددة بالانقراض، في جبال زاغروس بإقليم كوردستان العراق.

وفي ذلك العام، انضمت هنا رضا الى منظمة "طبيعة العراق" وعلمت من زميل لها انه اذا كانت الماعز البرية تعيش في منطقة معينة، فهناك احتمال جيد ان الفهود تعيش هناك ايضا. 

وجاء ذلك في تقرير لمجلة "ايرث آيلاند" الامريكية المتخصصة بالبيئة والحياة البرية وتنوعها البيولوجي، وترجمته وكالة شفق نيوز.

وذكر التقرير ان هنا رضا كانت تعلم ان الماعز البري، وهو من انواع الفرائس الرئيسية للفهود الفارسية، كان منتشرا في منطقة قره داغ في اقليم كوردستان، ولذلك، فانه برغم ان السكان المحليين شاهدوا الفهود هناك آخر مرة في منتصف الثمانينيات، الا انها طلبت من شرطة الغابات اصطحابها الى ممر تستخدمه الحيوانات حتى تتمكن من نصب موقع خفي للتصوير.

واوضح الموقع البيئي ان هنا رضا نصبت اول مصيدة تصوير بالكاميرا في العام 2011 ثم التقطت اول صورة لها لاحد الفهود، ثم الصور التالية في العام 2012 و 2016 و 2017. وبحلول اوائل العام 2021، كانت هنا رضا قد تمكنت من تحديد وجود ستة فهود مختلفة في كوردستان من خلال الصور. 

وما زال العديد الدقيق لهذه الفهود غير معروف، ولكن استنادا الى خبرة هنا رضا الميدانية، فانها تقدر وجود ما بين 20 و 25 نمرا. لكن بحسب المجلة فان مجموعة الفهود التي يكون لها القدرة على البقاء في الحياة، يجب ان تضم 50  فهدا على الاقل، مع نسبة متساوية بين الذكور والاناث، بالاضافة الى نجاح انجاب اناث الفهود. 

ونظرا لاهمية دور الفهود في النظام البيئي المحلي، بدأت هنا رضا العمل على انشاء شبكة من المناطق المحمية للمساعدة في تعزيز اعدادها.

ونقلت المجلة عن هنا رضا قولها انه من المهم الحفاظ على الفهد، لانه بصفته من الحيوانات المفترسة الرئيسية، فان موقعه يأتي في الجزء العلوي من السلسلة الغذائية، التي تعمل مثل لعبة الدومينو، فاذا تمت ازاحة قطعة واحدة، فان النظام باكمله يسقط". 

وذكرت المجلة الامريكية ان هناك ما بين 900 الى 1300 فهد فارسي في انحاء العالم تعيش في البرية، خاصة في ايران وتركمانستان والقوقاز وجنوب روسيا والعراق وافغانستان وتركيا. واضافت انه بسبب تناقص ارقامها باستمرار، تم ادراج الفهد في القائمة الحمراء للكائنات المهددة بالانقراض في العام 2016.

وعددت المجلة التهديدات الرئيسية للفهود الفارسية في العراق والمتمثلة بالصيد وتراجع الفرائس وفقدان البيئات الحاضنة لحياتها، مشيرة الى انه بين عامي 1999 و 2018، تم تدمير ما يقرب من نصف غابات كوردستان العراق (اكثر من 890 الف هكتار) معظمها عن طريق قطع الاشجار وحرائق الغابات ورعي الماشية. 

اما بالنسبة الى صيد الفهود، فقد قتل ما لا يقل عن تسعة فهود بين عامي 2001 و 2014 ، على ايدي السكان المحليين على طول الحدود بين جنوب شرق تركيا وشمال العراق. وفي العام 2020 ، قتل فهد واحد عند جبل بيره مكرون، كما قتل فهد اخر في بامو. 

واشار التقرير الى ان البلد ملوث بنحو 20 مليون لغم ارضي، تم زرع العديد منها على طول الحدود الايرانية خلال الحرب الايرانية العراقية، وهناك الملايين من القنابل العنقودية غير المنفجرة منذ حرب الخليج العام 1991 ومن مرحلة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام 2003، بالاضافة الى الالغام الارضية التي خلفها تنظيم داعش، حيث تشكل هذه الالغام خطرا على الفهود ويعتقد ان اثنين منهما قتلا بسبب الالغام. 

وليس لدى قسم شرطة غابات كوردستان، وهو قسم من وزارة الداخلية والمسؤول عن حراسة الجبال، القدرة على مكافحة الصيد الجائر. وخلال الحرب (2014 الى 2017)، ذهب العديد من العناصر للمشاركة في محاربة داعش.

وتقول المجلة ان هنا رضا تعتقد ان الطريقة الاساسية لحماية الفهود الفارسية وزيادة اعدادها هي من خلال انشاء مناطق محمية وممرات استيطان لها وادارتها بشكل صحيح، مما سيسمح للفهود بالتنقل بحرية من منطقة محمية، ومن دولة، الى اخرى. 

واوضحت المجلة انه من اجل ذلك، بدات هنا رضا التعاون مع مؤسسة "التراث الفارسي للحياة البرية" لانشاء ما اسمته المجلة "حديقة سلام" بين العراق وإيران، وهو  مشروع عابر للحدود يشمل ثلاث مناطق في اقليم كوردستان (قره داغ ودربنديخان وهورامان) ومنطقتين في ايران (محمية بوزين، مراخيل وشاهو - كوهسالان).

لكن في العام 2018 ، سجنت الحكومة الايرانية 13 شخصا منتسبين للمؤسسة، متهمة اياهم بالتجسس باستخدام مصائد كاميرات الحياة البرية، وتوفي المدير الاداري للمنظمة كافوس سيد امامي اثناء وجوده في السجن بعد وقت قصير من اعتقاله في حين يواجه باقي الموظفين السجن ما بين 4 الى 10 سنوات. وتابعت المجلة، ان المشروع متوقف في المرحلة الحالية، فيما لا تزال الفهود تواجه خطر الصيد الجائر. 

وما زال يسمح لهنا رضا بالاستمرار في البحث وجهود حماية الحيوانات في العراق، بما في ذلك زيارة الموقع، والتحقق من المحميات الطبيعية في قره داغ، والتعامل مع المسؤولين الحكوميين والصحافيين وجمع البيانات. 

الا ان هنا رضا لا تشعر بالامان في السفر او العمل بالقرب من المناطق الحدودية. فمع تعليق مشروع الحماية العابر للحدود، اضطرت هنا رضا الى اعادة توجيه تركيزها على انشاء محمية طبيعية منفصلة في قره داغ مع رؤية لربط هذه المحمية بالمشروع العابر للحدود بمجرد اعادتها.

واشارت المجلة الى تلقي جمعية "طبيعة العراق" تلقت في العام 2019، تمويلا من "صندوق حيازة الاراضي الهولندي" وخصصت اراض في قره داغ بالتعاون مع مجلس البيئة في كوردستان من اجل انشاء محمية طبيعية. 

بسبب وباء كورونا، تاخرت موافقة الحكومة، الا انه من المتوقع الحصول على الموافقة على محمية قره داغ بحلول العام 2022 او 2023، وستقوم شرطة غابات اقليم كوردستان بدوريات في المنطقة لمواجهة الصيد وقطع الاشجار.

والى جانب مشكلات التمويل والقدرة على الاستمرارية، قالت المجلة ان هنا رضا تواجه ايضا تحديات تتمثل في ان وظيفتها تتطلب تمضية اشهر في الميدان مع الرجال، والذهاب الى القرى النائية حيث تتحدث الى الرجال، وتقوم بالتخييم في مناطق ليست امنة. واشارت المجلة الى انه في العديد من المرات يتم تذكير هنا رضا بوضعها كامرأة في مجال يسيطر عليه الذكور، لا سيما عندما يسالها الناس اسئلة على غرار "لماذا لست متزوجة؟.. او ألم يفت الاوان على انجاب الاطفال الان؟". 

وختمت هنا رضا قائلة انه برغم "صعوبة العيش في هذا البلد، لا ارغب بالمغادرة لانني اشعر بانني مجبرة بحماية حياتنا البرية".  

وتخطط هنا رضا للبقاء الى ان تحقق هدفها النهائي المتمثل في انشاء شبكة من المناطق المحمية المتصلة لفهدها الفارسي المحبوب.