ملامح أولى لعلاقة العراق مع حكم ابراهيم رئيسي: ثلاثة مسارات من طهران إلى بغداد
شفق نيوز/ رجح معهد "اتلانتيك كاونسيل" الامريكي للابحاث ان تتبلور في ايران ادارة حكم موحدة تسيطر عليها مراكز القوى المحافظة، وهو ما سيسهل تشكل رؤية موحدة لسياسة إيران تجاه جارها العراقي والمنطقة الأوسع.
وأشار المعهد الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى انه استنادا الى القانون الايراني، فان كل القرارات الرئيسية المتعلقة بالسياسة الخارجية يجب أن تتم الموافقة عليها من المرشد الاعلى السيد علي خامنئي، إلا أن رئيس الجمهورية وأعضاء حكومته يمكن ان يلعبوا ادوارا مهمة ومؤثرة ايضا.
خليفة خامنئي
واعتبر التقرير ان الرئيس الايراني المنتخب ابراهيم رئيسي، وهو شخصية طموحة تم طرح اسمه كمرشح محتمل لخلافة السيد خامنئي، من المرجح ان ينال استقلالية أكبر في اتخاذ القرارات بهدف إرضاء قاعدته المحافظة، وهو ما قد يشمل الحرس الثوري لادارة الملف العراقي، او ان يلتمس من المرشد الاعلى الاقرار لمؤسسات الدولة المتعلقة بالسياسة الخارجية للتعامل مع العلاقات الايرانية-العراقية والعلاقات الاقليمية الاخرى.
سقوط صدام
وكان اسقاط صدام حسين العام 2003، نقطة تحول في علاقات العراق الخارجية، وفي العقد الأخير من حكم النظام البعثي تحول العراق الى دولة منبوذة اقليميا وخارج الشرق الأوسط، ومن بين ست دول تتشارك بالحدود مع العراق، احتفظ الاردن فقط بعلاقات جيدة مع نظام صدام.
وأدت الحرب بين العراق وإيران بين عامي 1980 و1988، وفيما بعدها، الدولتين المجاورتين على بعاد لاكثر من عقدين، بينما كانت هناك خصومة بين العراق وسوريا اللذين يحكمهما نظام البعث.
وكانت علاقة العراق مع السعودية والكويت ودية غالب الأحيان وذلك لأسباب انتهازية متبادلة. وكان هناك مؤشر واضح بأن صدام مستعد لمحاربة ايران نيابة عنهما بينما كان صدام بحاجة إليهما لجهة التمويل للحرب وتسهيل بقائه خلال الحرب. لكن غزوه للكويت العام 1991، انهى العلاقات بين العراق واصدقائه الخليجيين.
الأسد وتخريب العراق
واشار الى انه كان ينبغي لتغيير النظام العام 2003 أن يصحح علاقات العراق غير الطبيعية مع جيرانه ويفتح مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والسلام، لكن عكس ذلك هو الذي حصل في حالات عديدة، ففي سوريا، اشتبه الرئيس بشار الأسد في أن حكمه البعثي سيكون التالي لتغيير النظام، ولهذا بدأ يتصرف لتخريب الوضع، وسهل تمرير الكثير من الاموال التي ذهبت الى للجماعات الارهابية في غرب ووسط العراق، وهي أموال غالبيتها جاءت من دول الخليج. كما سمح لبلده ان تكون ممرا آمنا للإرهابيين الأجانب الى العراق.
الترويج السعودي
كما أشار الى السعودية رفضت احتضان الحكم العراقي الجديد لأنها كانت تعتقد انه تحت سيطرة إيران، وهو تجاهل ادى الى تزايد النفوذ الإيراني في العراق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن دعم السعودية المفتوح للاضطرابات المستمرة في العراق كان يروج لها في الإعلام السعودي والمساجد وغيرها، وكان الملك السعودي وقتها عبدالله بن عبد العزيز، ينظر الى العراق الذي يقوده الشيعة على أنه متعارض مع مصالح الحكم السعودي.
الاستثناء الوحيد
وبحسب المعهد الامريكي فان ايران كانت هي الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة الاقليمية، وبرغم تاريخها المؤذي مع العراق ، قامت بتحول سياسي واقتصادي واجتماعي كامل باتجاه العراق بعد العام 2003، فاستعادت العلاقات الدبلوماسية الكاملة واعيد اطلاق العلاقات التجارية لدرجة ان إيران أصبحت ثالث أكبر شريك تجاري للعراق، وهي من خلال حلفائها العراقيين المقربين، أمنت الحكومة الايرانية موقعا قويا لنفسها في الشؤون العراقية.
وتابع التقرير ان إيران وسعت علاقاتها خارج الكتل السياسية الشيعية وانشأت مصالح مشتركة مع بعض القادة السياسيين السنة والكورد.
ورأى التقرير؛ أن بابتعاد اللاعبين الإقليميين الرئيسيين الآخرين عن تبني الواقع السياسي العراقي الجديد، صارت ايران تعمل في داخل العراق بلا منافسة اقليمية جدية.
ثلاثة مسارات إيرانية
ومن المنظور الإيراني حول احتمالات الخطر واستذكار أهوال الحرب مع العراق، فان العراق يجب ألا يصبح مرة أخرى قاعدة لضربها بالصواريخ، او اذا كان سيتحول إلى قاعدة لضرب الصواريخ، فلتكن الصواريخ عندها ايرانية. وللتأكيد على هذه الرؤية، فان القيادة الإيرانية أقامت ثلاثة مسارات لعلاقاتها مع العراق.
المسار الأول يتمثل في العلاقة التقليدية بين حكومة وحكومة من خلال علاقات دبلوماسية طبيعية وانخراط المؤسسات سوية.
أما المسار الثاني فيتمثل بتكثيف الدبلوماسية العامة والتي تتضمن فتح الحدود الايرانية للمسافرين العراقيين للسياحة او العلاج او الزيارات الدينية للمقامات الشيعية. وقد جعلت هذه السياسة ايران وجهة مفضلة للمسافرين العراقيين. وبالاضافة الى ذلك، فانه بينما واصلت الدول الاخرى زيادة صعوبات الحصول على التأشيرات للعراقيين، فان ايران وقعت اتفاقية مع العراق لتسهيل التأشيرات.
أما المسار الثالث، فيتمثل في انخراط امني متشابك مع الكتل السياسية الكبيرة وأجنحتها العسكرية، والتي من بينها من تم تشكيله اما في ايران، او ازدهر في عراق ما بعد العام 2003 بدعم إيراني. وقد ساهم في هذا الانخراط الحرس الثوري او ذراعه الخارجي اي قوة القدس.
واعتبر التقرير؛ أن التوازن بين المسار الأول والمسار الثالث، قد اختل لصالح الأخير بسبب الحاحية الاهتمامات الامنية وحقيقة ان علاقات حكومة - حكومة، قد تشكلت منذ السنوات الاولى لتغيير النظام في العراق.
انفراج بعيد
ولهذا، خلص "اتلانتيك كاونسيل" الى القول انه في ظل حكومة ابراهيم رئيسي، من المرجح أن يشهد العراق استمرارا لهذه السياسات الإيرانية، في حين انه بالنسبة الى بغداد، سيكون من الضروري الاحتفاظ بعلاقات ودية مع الحكم الإيراني الجديد، ومع جيرانها الآخرين.
وأشار تحديدا إلى جهود تطبيع العلاقات مع السعودية. وتابع انه في ظل المحادثات الاخيرة التي استضافتها بغداد بين الجارتين المتخاصمتين، يبدو العراق ساحة طبيعية للخصمين الإقليميين لتسوية خلافاتهما ومعالجة الانقسام الذي في كثير من الأحيان، امتد تأثيره الى الاراضي العراقية.
واضاف انه لا يبدو أن هناك انفراجة فورية ستظهر على المدى القصير بين طهران والرياض كما أن مخاطر الانحراف عن المسار ما زالت قائمة في وقت يواجه العراق العديد من التحديات المحلية، لكن الدول الاقليمية، مثل عمان وقطر، وكذلك الغرب، يجب أن تدعم جهود الوساطة التي تبذلها بغداد.
ترجمة: وكالة شفق نيوز