لقاء بارزاني وعبدي.. كسر للحواجز لتحقيق آمال الشعب الكوردي

لقاء بارزاني وعبدي.. كسر للحواجز لتحقيق آمال الشعب الكوردي
2025-01-17 17:37

شفق نيوز/ شهدت الساحة الكوردية مؤخراً "لقاءً تاريخياً" بين رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مسعود بارزاني، والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، وجاء هذا اللقاء في توقيت حساس تشهد فيه سوريا والمنطقة تحولات جوهرية بعد سقوط نظام الأسد وبدء صياغة ملامح مستقبل البلاد، بحسب ما أفاد به الباحث في مركز الفرات للدراسات، لزكين إبراهيم.

ويضيف إبراهيم لوكالة شفق نيوز، أن "هذا الاجتماع يُنظر إليه على أنه خطوة بالغة الأهمية نحو تحقيق وحدة الصف الكوردي في سوريا، وهو شرط أساسي لتمكين الكورد من تأكيد حقوقهم في سوريا الجديدة. في ظل هذه المرحلة الدقيقة، يمثل التعاون بين القادة الكورد فرصة لتعزيز الموقف الكوردي داخلياً وخارجياً، خاصةً مع تزايد التحديات الإقليمية والدولية".

ويتابع، أن "مسعود بارزاني، برمزياته كقائد قومي يمتلك رؤية تاريخية للحركة الكوردية، ومظلوم عبدي، بشخصيته القيادية ودوره في إدارة القوات الكوردية في سوريا، يجسدان نموذجين للقادة الذين يحملون آمال الشعب الكوردي. أهمية اللقاء تكمن في قدرته على كسر الحواجز الداخلية وتعزيز الحوار بين الكورد في أجزاء مختلفة من كوردستان. كما أن الرسالة التي بعثها هذا الاجتماع تحمل تطمينات للشارع الكوردي في روج آفا (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)، الذي طالما تطلع إلى قيادة متحدة وقوية تدافع عن مصالحه وتتبنى قضاياه الوطنية والقومية على الساحة الإقليمية والدولية".

ويوضح إبراهيم، أن "التفاؤل الذي عمّ الشارع الكوردي بعد هذا اللقاء ينبع من كونه خطوة تعكس الجدية والرغبة المشتركة في بناء مستقبل أفضل للكورد في سوريا".

ويؤكد، أن "توحيد الجهود بين القيادات الكوردية سيعزز من فرص الكورد في المشاركة الفعالة في رسم مستقبل سوريا الجديدة. ومع استمرار التحديات، يبقى الأمل معقوداً على استثمار هذه اللحظة التاريخية في تحقيق مزيداً من التعاون والتكامل بين القوى الكوردية، بما يخدم تطلعات الشعب الكوردي في الحرية والعدالة والاعتراف بحقوقه المشروعة".

وكان قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، كشف اليوم الجمعة، عن أبرز مباحثاته مع الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، في أربيل عاصمة إقليم كوردستان.

وكتب عبدي، في تدوينة له على منصة إكس: "كان لقاؤنا مع الرئيس مسعود بارزاني مصدر سعادة.. ناقشنا عملية التغيير التي تمر بها سوريا".

وأضاف: "أكدنا بشكل مشترك أن موقف الكورد في سوريا يجب أن يكون موحداً وأن الحوار مع دمشق يجب أن يحمي حقوق الشعب الكوردي سلمياً.. وأكدنا أيضاً أن أهمية الوحدة الكوردية والاستقرار الإقليمي بشكل عام وهي مسؤوليتنا جميعاً".

وجاءت زيارة عبدي السريعة إلى أربيل التي استمرت بضع ساعات قبل عودته إلى سوريا (أمس الخميس)، بعد 3 أيام من زيارة، حميد دربندي، ممثل الزعيم الكوردي، مسعود بارزاني، إلى شمال شرق سوريا (الاثنين الماضي)، في زيارة هي الأولى من نوعها، وتسليمه دعوة رسمية من بارزاني إلى عبدي لزيارة أربيل.

توحيد القوى الكوردية

من جهته، يقول السياسي الكوردي عبد السلام برواري، إن "زيارة عبدي إلى أربيل هي تتويج نهائي للهدف الرئيسي الذي يسعى إليه مسعود بارزاني، وهو أن تجتمع القوى الكوردية في شمال شرق سوريا على برنامج ورؤية مشتركة، والذهاب إلى دمشق للاجتماع بالقيادة الجديدة وفق هذه الرؤية التي يجب أن تكون واقعية ومقبولة".

ويشير برواري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "(قسد) متأثرة فكرة الإدارات الذاتية، وأن المجتمع الدولي يريد الاستقرار وأن تتمتع الإدارة السورية الجديدة بفترة راحة ليتم بناء سوريا الجديدة كما حصل في العراق عام 2003، وأن بقاء (قسد) والقوات العسكرية والإدارة الذاتية خارج الحكومة المركزية يتعارض مع مسرح الوطنية والاتجاه العام في السياسة الخارجية، لذلك مسعى مسعود بارزاني هو إقناع (قسد) بالاتفاق مع القوى الكوردية الأخرى لبلورة رؤيا وخارطة طريق عقلانية والذهاب بهذه الرؤية بوفد مشترك إلى دمشق".

يذكر أن الزعيم الكوردي، مسعود بارزاني قاد في تشرين الأول/أكتوبر 2014 مبادرة لتوحيد الصف الكوردي في سوريا، واحتضنت محافظة دهوك في إقليم كوردستان عدة اجتماعات بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكوردي تمخض عنها توقيع اتفاقية دهوك، لكن الاتفاق لم يطبق، لكن بعد سقوط نظام الأسد (في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي) عاد مطلب توحيد الصف الكوردي في سوريا إلى الواجهة مجدداً بهدف التفاوض مع الإدارة السورية الجديدة وتأمين حقوق الكورد.

"المصالحة".. عنوان المرحلة الجديدة 

ويرى الأكاديمي الكوردي السوري، د.فريد سعدون، أن "زيارة عبدي إلى أربيل أنهت مرحلة طويلة من الخلافات وكسرت عقود من الجمود بين الطرفين، لتؤسس مرحلة جديدة عنوانها المصالحة للتوصل إلى حل كوردي مستدام في المنطقة، لأن القضية الكوردية لها تأثير على استقرار مجمل المنطقة في سوريا والعراق وتركيا وإيران".

ويبين سعدون لوكالة شفق نيوز، أن "الطرفين الكورديين حزب العمال الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني كانت بينهما خلافات ومشاكل كثيرة كانت تؤجج الصراع الكوردي وتؤثر على المنطقة بشكل عام، أما بعد زيارة الجنرال مظلوم إلى أربيل واللقاء بالرئيس مسعود بارزاني فمن المتوقع طوي صفحة المرحلة الماضية والبدء بصفحة جديدة تؤسس لتاريخ جديد من المصالحة والتعاون والتكاتف".

ويشير إلى أن "هناك جملة من الأسباب التي أدت إلى هذه المرحلة الجديدة، منها المتغيرات الدولية التي حدثت في المنطقة وخاصة الدول الإقليمية التي كانت لها تأثيرات كبيرة على القرار الكوردي أو على الأقل على الوضع الكوردي في المنطقة منها إيران وتركيا".

ويضيف، "لكن حالياً بدأت مرحلة جديدة دولياً في المنطقة تقودها الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي يريد التأسيس للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لأن لديه مصالح اقتصادية وسياسية وتحديداً في المنطقة المتأزمة حالياً في سوريا والعراق ولبنان وإسرائيل".

ويتابع، أن "المشكلة الكوردية كانت تمثل إحدى أهم المشاكل الرئيسية في هذه المنطقة، وبالتالي عندما يكون هناك اتفاق كوردي والتوجه نحو إقامة منطقة كوردية آمنة خالية من الصراعات، فهذا سيخدم مشروع الشرق الأوسط وسيخدم المصالح الدولية في المنطقة التي تبحث عن مناطق استقرار للاستثمار الاقتصادي فيها".

ويرى سعدون، أن "هذه المرحلة الجديدة ستنعكس إيجاباً على سوريا بعد سقوط النظام وبدء سلطة جديدة ومرحلة انتقالية تستدعي وجود هدوء حتى تستطيع جميع الأطراف في سوريا الجلوس على طاولة حوار واحدة لحل الخلافات فيما بينها والتوصل لاتفاق بشأن الدستور وتشكيل الحكومة المقبلة والاتفاق على شكل الدولة ونظام الحكم".

ويؤكد، أن "الكورد يمثلون جزءاً رئيسياً في بناء الدولة السورية، خاصة وأن قوات (قسد) التي يقودها الكورد برئاسة الجنرال مظلوم تتمتع بإدارة ذاتية في منطقة واسعة في شمال شرق سوريا ولديها سيطرة عسكرية على منطقة واسعة وتحت قبضتها معظم الثروات الوطنية من البترول والنفط والغاز والسدود والكهرباء والزراعة وغيرها".

ويكمل سعدون، "لذلك التوافق الكوردي في سوريا بين المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكوردية والذهاب إلى دمشق بوفد كوردي مشترك على مشروع وموقف واحد سيخدم المصالحة السورية بشكل عام، لأنه سيخفف من أعباء الخلافات بين الفصائل والأطراف السياسية".

وكان مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كوردستان سفين دزيي، قد أكد أن التغيرات "المفاجئة" في سوريا تؤثر بشكل مباشر على الإقليم والعراق، مشيراً إلى ضرورة التعامل مع الواقع الجديد في المنطقة.

وقال دزيي في تصريح لوكالة شفق نيوز أمس الخميس، "حاولنا ونحاول تعزيز التقارب والتفاهم بين الأطراف الكوردية، في هذا السياق، كان هناك مبعوث خاص للرئيس مسعود بارزاني إلى سوريا للتواصل مع السلطة المحلية، ونتطلع إلى مزيد من التقارب بين الأطراف المعنية".

وفي هذا السياق، يقول المراقب للشأن الكوردي السوري، برور ميدي، إن "زيارة عبدي لأربيل تعد تاريخية ولقاء مهم نحو توحيد الجهود لحل الخلافات الكوردية في ظل بعض الخلافات السابقة خصوصاً بعد سقوط نظام الأسد وتشكيل إدارة جديدة تدير البلاد".

ويضيف ميدي لوكالة شفق نيوز، "نثمن هذه الجهود التي تسعى لتعزيز الوحدة الكوردية لتحقيق المطالب المشروعة في سوريا الجديدة وإحقاق الحقوق الكوردية والعمل مع الإدارة السورية الجديدة بضمانات دولية لتثبيت الحقوق الكوردية في دستور البلاد".

ويتمتع الحزب الديمقراطي الكوردستاني في العراق بعلاقات ودية مع تركيا وكان على خلاف مع قوات سوريا الديمقراطية وغيرها من الجماعات المتحالفة مع حزب العمال الكوردستاني.

ويقول الناشط السياسي من سوريا، محمد راسم قنطار، أن "زيارة عبدي لأربيل تهدف إلى أن يلعب إقليم كوردستان دور الوساطة مع تركيا بحكم علاقتها المتميزة معها، في وقت ربما أدرك عبدي أن التحالف الدولي وإدارة ترامب المقبلة لم تعد متمسكة كثيراً بقوات (قسد)، لأنها في النهاية لا يمكن أن تخسر علاقاتها مع تركيا لحساب (قسد)". 

ويضيف قنطار لوكالة شفق نيوز، أن "بحسب ما يتداول فأن مسعود بارزاني داعم للمجلس الوطني الكوردي، وهذه دلالة على توافق بين المجلس وبارزاني على ضرورة المشاركة بالمؤتمر بتوافق وطني جامع، وهذا من أهداف زيارة عبدي للإقليم، فهو كان قد طلب من بارزاني المساعدة في توحيد القرار السياسي الكوردي من خلال توحيد جهود وتوجهات الكتل السياسية الكوردية".

ويتابع، أن "اجتماع أربيل أشار إلى أهمية (التمسك بالسلاح والحفاظ عليه) وكذلك التأكيد على وحدة الأراضي السورية، وهذا يثير التساؤلات بكيفية أن تكون الدولة موحدة والسلاح منتشر بيد مكون محدد على أساس عرقي وله حدوده الجغرافية، لذلك قد تكون رسالة بالتأكيد على مطلب الفيدرالية".

ويرى قنطار، أن "الفيدرالية لا يقبل بها السوريون وحتى الكورد منهم، فهم يرفضون أي مشاريع انفصالية أو حتى فيدرالية، لكن هناك بعض القبول على مناقشة اللامركزية (الإدارية) وإيجاد صيغ تناسب وتحفظ وحدة الدولة على المستوى السياسي والعسكري".

يذكر أن عبدي زار مدينة أربيل، أمس الخميس، واجتمع مع الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، وأجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني. 

كما أصدر المكتب الإعلامي للزعيم الكوردي مسعود بارزاني، بياناً، ورد لوكالة شفق نيوز، جاء فيه أن "لقاء الزعيم الكوردي مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي في أربيل، بحث الوضع في سوريا وآخر التطورات الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى الإطار العام لتعامل الأطراف الكوردية مع الوضع الجديد في سوريا وكيفية اتخاذ موقف مشترك للأحزاب الكوردية في سوريا".

وأضاف، أن "اللقاء شهد التأكيد على أن الأحزاب الكوردية في سوريا يجب أن تقرر مصيرها دون أي تدخل، وبالطرق السلمية بما يضمن حقوقها في الوحدة والتضامن مع الحكام الجدد في سوريا للوصول إلى التفاهم والاتفاق، وأن تكون عامل سلام وأمن، والاستقرار ومنع المعاناة التي حلت بالشعب الكوردي والمكونات الأخرى في سوريا".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon