تبدأ بالموازنة وتنتهي بالرواتب.. ما تداعيات انخفاض أسعار النفط على العراق؟
شفق
نيوز/ يؤكد مختصون أن انخفاض أسعار النفط العالمية إلى ما دون مستويات 70 دولاراً
للبرميل سوف يؤثر بشكل مباشر على الموازنة الاستثمارية والتشغيلية للقضايا السلعية
والخدمية وعلى الحركة الاقتصادية بشكل عام في البلاد، أما الرواتب فهي آخر ما سوف
يتأثر، حيث أن العراق قادر على دفع الرواتب لمدة ثلاث سنوات على الأقل.
وتعد
معادلة النفط دولية، وهذه المعادلة "تجعل الولايات المتحدة -الفاعل الكبير
بها فهي منتجة للنفط ومصدرة له- تبحث عن أسعار نفط بمستويات 50 إلى 70 دولاراً
للبرميل، على اعتبار أنها تصدر نفطها بحدود 50 إلى 55 دولاراً، وعند التصدير على
70 دولاراً يكون هذا مربحاً لشركاتها النفطية، وهي في ذات الوقت تستورد نفوطاً من
نوعيات أخرى تستخدمها في أمور كثيرة، لذلك لا تريد أن تكون أسعار النفط
مرتفعة"، بحسب الخبير الاقتصادي والمالي، مصطفى حنتوش.
ويضيف
حنتوش لوكالة شفق نيوز "كما أن الشركاء الأوروبيين لأميركا يعانون حالياً من
ارتفاع أسعار الوقود والنفط والغاز وغيرها، وأن أوروبا شريك أساسي لأميركا، ما
يدفع الأخيرة للبحث عن استقرار أسعار النفط دون 80 دولاراً للبرميل، أما مجموعة (أوبك+)
فهي تبحث عن مستويات فوق 70 دولاراً، فهي ترى أن مستويات من 75 إلى 80 دولاراً
للبرميل هو سعر عادل لسعر برميل النفط، لذلك هناك رؤيتين ومعادلتين دوليتين لأسعار
النفط".
ويوضح،
أن "أسعار النفط العالمية لا تأتي من النمو العالمي الذي هو حالياً في حالة
تباطؤ من ناحية، ومن ناحية أخرى أن بعض الطاقات النظيفة -رغم أن النفط أرخص منها
بعشر أضعاف- بدأت تؤدي أدواراً محددة، وكذلك هناك موضوع أساسي وهو أن العرض ليس
بالقليل على البترول، وروسيا حالياً تهرب النفط وتبيعه بأسعار دون مستويات 60
دولاراً للبرميل، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط".
ويتابع
"كما أن الحرب الروسية الأوكرانية شارفت على الانتهاء، وفي ظل عدم وجود نمو
في الاقتصاديات العالمية وهناك تضخم من ناحية أخرى، فهذه الأمور جميعها تجعل من
أسعار النفط معرضة إلى الانخفاض دون مستويات 70 دولاراً للبرميل، وقد يستمر هذا
السعر لفترة معينة".
أما
فيما يخص العراق وارتباطه بالنفط، فإن "العراق يعتمد على النفط بنسبة 90%
وهذا رقم كبير، وفي حال انخفاض أسعار النفط إلى دون مستويات 70 دولاراً للبرميل،
اعتقد أن العراق قادر على دفع الرواتب لمدة ثلاث سنوات على الأقل، خاصة مع وجود
بحبوحة في السنوات 2022 و2023 و2024 التي وصلت فيها أسعار النفط إلى فوق 70 دولاراً
للبرميل، إضافة إلى وجود احتياطات للبنك المركزي والاحتياطات الدولارية المرتفعة،
أما موضوع الدينار العراقي فهو موضوع داخلي وليس له علاقة بالإيرادات ويحل عن طريق
سياسات نقدية"، وفق حنتوش.
ويطمئن
الخبير، أن "رواتب الموظفين ليس فيها مشكلة حتى في حال انخفاض أسعار النفط
إلى دون مستويات 70 دولاراً، لكن كشق استثماري فهنا قد تحصل مشكلة بتلكؤ بعض
المشاريع وتوقفها كما حصل في عامي 2015 و2020 بانخفاض أسعار النفط، لذلك الخوف هو
في الجنبة الاستثمارية فقط".
وخلص
حنتوش إلى القول، إن "الهمّ الأكبر يبقى في فتح الاستثمارات الداخلية من
الصناعة والزراعة والسياحة والنقل من ميناء الفاو وطرق النقل وكذلك الاقتصاد
الخارجي وتحقيق الاكتفاء بالكهرباء وغيرها، لذلك من أجل التخلص من إيرادات النفط
الريعية يجب الاعتماد على فتح الاقتصاد الداخلي والخارجي".
بدوره،
يبين عضو لجنة النفط والغاز النيابية، باسم الغريباوي، أن "أوبك طلبت تخفيض
التصدير من الدول الأعضاء في سبيل المحافظة على الأسعار، حيث إن أسعار النفط تخضع
للعرض والطلب، وكانت الأسعار فوق 80 دولاراً وهبطت حالياً للمحافظة على السعر
الموجود".
ويشير
الغريباوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "خفض التصدير يؤثر في سد عجز
الموازنة الذي يسدد من فرق السعر، لكن لن يؤثر على المبالغ الموضوعة ضمن خطة
2023".
أما
عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي، فيقول إن "الموازنة مبينة
بنسبة 90% على الإيرادات النفطية، وكلما تغير سعر النفط سيكون هناك تأثير مباشر
على الموازنة، وبالتالي كلما انخفضت أسعار النفط العالمية سيكون هناك عجز في نسبة
الإنجاز للموازنة".
ويؤكد
الكرعاوي لوكالة شفق نيوز، أن "الرواتب لن تتأثر لأن سقف الرواتب أقل بكثير
من هذا السقف المعمول به في الموازنة، ولكن تتأثر الموازنة الاستثمارية بكل مباشر،
وكذلك الموازنة التشغيلية للقضايا السلعية والخدمية بحسب الأولويات التي وضعتها
الحكومة، وكذلك الحركة الاقتصادية بشكل عام في البلاد، أما الرواتب فهي آخر ما سوف
يتأثر".
وعن
الآلية التي تعتمد عليها وزارة النفط في تسعيرة النفط العراقي، يقول المتحدث باسم
الوزارة، عاصم جهاد، إن "قبل نهاية كل شهر تجتمع كوادر الوزارة لاستعراض
تطورات السوق النفطية وعلى ضوء ذلك يتم تسعير النفط العراقي حسب النوعية والكثافة
والأسواق، لذلك هي تسعيرة شهرية وليست يومية، وتبرم عقود تسويق النفط إلى الشركات
العالمية وفق هذه الآلية".
ويوضح
جهاد لوكالة شفق نيوز، أن "تطورات السوق النفطية إيجاباً أو سلباً لا تصيب
العراق فقط بل الدول المنتجة والسوق النفطية التي دائماً ما تتعرض لتحديات وظروف
جيوسياسية واقتصادية وصحية وأمنية وغير ذلك من التحديات التي تنعكس على أسعار
النفط".
ويتابع
"لكن اتفاق أوبك بلص يهدف إلى تحقيق التوازن واستقرار الأسواق النفطية
العالمية وهذا ما تعمل عليه، حيث تصدت أوبك بلص للكثير من التحديات والظروف الصعبة
التي واجهت الأسواق النفطية العالمية عن طريق اتخاذ مجموعة إجراءات بقرار جماعي
لمواجهة هذه التحديات وإعادة العافية للسوق النفطية".