ائتمان شبه معدوم لعشرات المصارف وعراقيون يتعاملون بالنقد لتسوية معاملاتهم

ائتمان شبه معدوم لعشرات المصارف وعراقيون يتعاملون بالنقد لتسوية معاملاتهم
2021-09-13T09:01:38+00:00

شفق نيوز/ 

العشرات من المصارف الحكومية والخاصة تنشط في العراق وتتنوع أنشطتها ما بين التجارية والاسلامية والزراعية والصناعية، الا ان ائتمان هذه المصارف يكاد يكون شبه معدوم، مما جعل الكثير من العراقيين يمتنعون عن التعامل مع هذه المصارف ويعتمدون على النقد لتسوية معاملاتهم.

والائتمان المصرفي هو ما تقوم به المصارف ضمن صلب عملها بعملية اقراض للاموال أو منح تسهيلات (تمويل اصول وبضائع و غيرها) يتم بين طرفين أحدهما المصرف والطرف الاخر يسمى العميل المقترض وينتج عن هذا العقد هامش ربح للمصرف (فائدة، عائد على الاستثمار) أو (عائد مرابحة أو استصناع أو عمولة في المصارف الاسلامية) مقابل تسديد هذا المبلغ الذي تم منحه للعميل على فترات زمنية متعددة متفق عليها حسب بنود العقد.

مصارف متعثرة

يقول مستشار رابطة المصارف العراقية سمير النصيري في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "هناك 72 مصرفا خاصاً في العراق تمارس الائتمان بنسب متفاوتة"، رافضا عن "ما يقال انها لا تمارس الائتمان".

ويضيف النصيري؛ ان "هناك نحو 50 مصرفا في العراق قامت خلال السنة الماضية والحالية بمنح قروض عن طريق مبادرة البنك المركزي للمشاريع الصغيرة والكبيرة بحدود 10 آلاف مشروع لـ 18 الف شخص بقيمة مالية تجاوزت الـ700 مليار  دينار".

ويقر النصيري "بوجود بعض المصارف المتعثرة بالعراق والتي تعاني من نقص في سيولتها ولم تلتزم بتعليمات البنك المركزي والمتلكئة في إرجاع ودائع الناس"، مؤكدا أن "هذه المصارف مشخصة من قبل البنك والبعض منها تحت الوصاية والبعض الاخر يتم محاولة ارجاعها للسوق بعد اعادة هيكلتها من جديد".

خطورة منح الائتمان

ويقول الخبير الدولي ومستشار مصرف الجنوب الاهلي هشام الشمالي في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "المصارف الخاصة تمارس الائتمان اسوة بباقي المصارف الحكومية إلا أنها تتردد بسبب خطورة منح الائتمان وتلكؤ بعض الأشخاص في تسديد ما بذمتهم من أموال والتي تؤدي الى اللجوء للمحاكم والتي تأخذ سنين طويلة"، مبينا ان "منح القروض وممارسة الائتمان ليس له علاقة برأس مال المصرف".

ويضيف أن "تلكؤ الشخص في التسديد سيؤثر بالتأكيد على سيولة المصرف"، مستدركا في الوقت نفسه أن "توطين الرواتب لموظفي الدولة مكن المصارف من منح القروض لهذه الفئة لأن المصرف سيضمن إرجاع القروض عبر استقطاع جزء من الراتب الموطن لديها من قبل الموظف".

ويقر الشمالي أن "ذلك لا يمكن تعميمه على كل المواطنين الذين لا يعملون بالقطاع الحكومي لانه ليس هناك ضمانات كافية للسداد بدون أن يكون هناك تلكؤ".

ونفى الشمالي وجود مصارف تعتاش على مزاد البنك المركزي، مبينا أن "مزاد البنك هو أحد الأدوات المهمة التي تلبي احتياجات الناس من المستورد وأنه لا يمكن أن ترى مواد غذائية مستوردة ما لم يكن هناك مزاد للعملة".

المصارف وأموال البنك المركزي

ويقول استاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "المصارف التي تأسست في العراق هي برؤوس أموال صغيرة تبلغ 250 مليار دينار اي حوالي 200 مليون دولار والان تساوي 175 مليون دولار بعد رفع سعر الدولار وبالتالي لا تسمح هذه الأموال ببناء مشاريع انتاجية".

ويوضح المشهداني؛ ان "هذه المصارف تستند و تتعكز على البنك المركزي في امرين اولهما الدخول بمزاد العملة وهو يحقق لها  ارباحا مستقرة وثابتة ولا يحتاج الى مجازفة عبر الحصول على مبلغ خمسة الى 8 ملايين او اكثر وبيعها للتجار بسعر السوق بغض النظر عن تقديم كشوفات، والأمر الثاني يتعكز على البنك المركزي بشأن المبادرات التي يطلقها الأخير بما يتعلق بالمشاريع والاسكان والتي تحصل المصارف على فوائد لاباس بها عبر هذه المبادرات، مبينا ان المصارف العراقية تعمل وتشتغل بأموال البنك المركزي".

ويؤكد المشهداني؛ ان "ما يحتاج المصارف العراقية هو عمليات الدمج ولا نحتاج الى كل هذه المصارف التي وصلت إلى أكثر من 70 مصرفا"، لافتا إلى أنه "بمقارنتها مع مصارف الدول العربية تعتبر مصارفنا مجرد دكاكين ليس إلا وهو ما لاحظناه عند قيام البنك الكويتي الذي يملك راس مال 100 مليار دولار بمحاولة الشراكة مع احد المصارف الاهلية في العراق الذي لا يملك أكثر من 150 مليون دولار".

وأصدر البنك المركزي دراسة في عام 2016 التي بينت أن "نسبة الاستثمارات إلى إجمالي الموجودات في المصارف التجارية هي 8%"، مشيرة إلى أن "بعض هذه المصارف الاهلية التجارية ليست لديها اية استثمارات".

سيطرة المصارف الحكومية

ويقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح في حديث لوكالة شفق نيوز ان "ضعف الائتمان للمصارف الاهلية يعود الى سيطرة المصارف الحكومية بالنشاط المصرفي والتي تشكل 85% بالمقابل تبلغ حصة المصارف الاهلية هي 15% ".

ويشير صالح إلى أن "الإصلاح المصرفي يجب أن يبدأ بالمصارف الحكومية اولا لثقلها الكبير لأنها تستحوذ على الودائع الحكومية وعلى ودائع الجمهور حوالي 65 %"، لافتا الى ان "الجمهور يودع بالمصارف الحكومية نظرا لانتشارها بصورة اكبر و تاريخها وثقة بالمصارف الحكومية اكثر، في حين تعرضت بعض المصارف الاهلية الى مشاكل وذهبت ودائع الجمهور".

واوضح صالح؛ ان "رؤوس أموال المصارف الاهلية أكثر من المصارف الحكومية، الا ان المصارف الاهلية لا تتوسع في الائتمانات بحجة تحصيل هذه الائتمانات ضعيفة، كما أنها تتحجج بمنافسة الدولة لهم لان المصارف الحكومية مدعومة بالسيولة النقدية الانسيابية".

استنزاف العملة

وترى عضو اللجنة الاقتصادية والاستثمار البرلمانية ندى شاكر جودت في حديث لوكالة شفق نيوز ان "بعض المصارف الاهلية تحولت الى اماكن استنزاف للعملة الصعبة من خلال مزاد العملة"، مؤكدة "عدم وجود ائتمان حقيقي لتلك المصارف بما يحقق الفائدة القصوى من العمل المصرفي في البناء والاستثمار والاعمار وكما معمول به في اغلب دول العالم".

وتضيف جودت ان "الكثير من المصارف الخاصة تبتعد عن العمل الائتماني بسبب ضعف المردود منه وتعمل برأس مال منخفض وودائع قليلة وتحصل على ارباحها من مزاد البنك المركزي العراقي وهو ما يبعدها عن اختصاصها المصرفي".

تجار: نتعامل بالنقد

ويقول التاجر محمد الحسني في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "التاجر ليس له ثقة بالمصارف نتيجة فشلها في الحفاظ على أموال المودعين التي غالبا ما تعلن عن افلاسها وتذهب أموال المودعين أدراج الرياح، فضلا عن عدم الاستفادة منها تجاريا في الحصول على القروض التي تكاد تكون مكلفة جدا مقارنة بالأرباح التي يجنيها منها التاجر".

واضاف الحسني؛ ان "معظم التجار يتعاملون بالنقد في تسوية معاملاتهم التجارية وابراء الذمم بعيدا عن المصارف"، مستدركا بالوقت نفسه أن "عمليات التحويل من والى الخارج تتم عن طريق مكاتب الصيرفة".

واشار الحسني الى ان "عملية التوطين لرواتب الموظفين هي الاخرى فاشلة في العراق فبمجرد ما يتم تحويل الراتب في الماستر كارد الخاص بالموظف يقوم الأخير مباشرة بسحب جميع الراتب وهو ما يدل على عدم ثقة المواطن بالمصارف الحكومية والاهلية". 

وقامت وكالة شفق نيوز بالاتصال بالبنك المركزي لمرات عديدة للاستفسار منه وتفسير أسباب ذلك إلا أنه لم ترد على المكالمات. 

ويشير تقرير للبنك الدولي أن 89% من البالغين في العراق ليس لديهم حسابات مصرفية، مشيرا إلى أن امتناع الكثير من الأفراد التعامل مع المصارف بسبب عدم ثقة المواطنين بالمصارف.

وقال البنك في تقريره السنوي للاستقرار المالي لعام 2016، إن "تقديرات البنك الدولي لعام 2014 اشارت الى ان عدد حسابات الودائع للعراقيين الى عدد البالغين بلغ 11% أي أن 89% من هؤلاء البالغين ليس لديهم حسابات مصرفية.

ويذكر ان الروتين الإداري لدى المصارف في فتح حسابات للتوفير أدى إلى عزوف معظم الأفراد على فتح هذه الحسابات لدى المصارف واتجه الى عملية الاكتناز في الدور.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon