الفكرة "الفيدرالية" للعراق... تاريخها ونجاحها وإخفاقاتها.. فهل من أقاليم جديدة؟

الفكرة "الفيدرالية" للعراق... تاريخها ونجاحها وإخفاقاتها.. فهل من أقاليم جديدة؟
2023-04-04T19:05:06+00:00

شفق نيوز/ اعتبر موقع "مشروع أبحاث ومعلومات الشرق الاوسط" الامريكي المتخصص بقضايا الشرق الاوسط، ان مؤيدي قيام النظام الفيدرالي (اتحادي) في العراق، لم يتمكنوا من تحقيق فوز سوى على الورق، وذلك لأسباب داخلية، من بينها عدم استقرار العلاقة بين اربيل وبغداد، بالاضافة الى مركزية السلطات في العراق الاتحادي.

وبداية، اشار التقرير الامريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان تحويل الدولة العراقية المركزية الى دولة فيدرالية (اتحادية) كان احد اكثر الاهداف السياسية الملحة لمهندسي وما يمسى بناة الامة، الذين كانوا وراء الغزو الامريكي في العام 2003.

واشار التقرير الى ان انصار النظام الفيدرالي مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، اعتبروا انه الحل السحري الذي سيتيح معالجة الازمات المرتبطة بتوفير الخدمات العامة وحماية الهويات، في حين انه في المقابل، يعتبر معارضو النظام الفيدرالي انه سيساهم في تعميق الانقسامات في بلد منقسم بالفعل وسيكون بمثابة وسيلة تؤدي الى الانفصال.

الا ان التقرير رأى ان مؤيدي الفيدرالية فازوا على الورق على الاقل، موضحا انه في العام 2005، تم تكريس الفيدرالية في الدستور، لكن مع مرور 20 عاما، تبين جمود النظام.

وبعدما اشار التقرير الى ان العراق يتألف حاليا من 18 محافظة، الا ان ثلاثاً منها فقط وهي دهوك واربيل والسليمانية، جرى دمجها في اقليم للحكم الذاتي هو اقليم كوردستان الذي لديه برلمان خاص به ووزارات ورئيس للاقليم، اوضح ان المحافظات ال 15 الاخرى مرتبطة بعلاقة مركزية مع بغداد برغم ان لكل منها محافظ ومجلس محلي. وتابع قائلا، إن المحافظات التي حاولت تشكيل اقليمها الخاص على مدى العقدين الماضيين، واجهت عقبات مختلفة من كل من الحكومة المركزية ومن اقليم كوردستان، وهو ما يعني ان الوعود بتحقيق الفيدرالية ليست متساوية ولا قابلة للتحقق.

الى ذلك، اشار التقرير ان الضغوط من اجل الفكرة الفيدرالية تعود الى ما قبل العام 2003، مذكرا بتمرد المحافظات ال9 والتي تضم اغلبية شيعية بالاضافة الى كوردستان وكركوك، على الرئيس صدام حسين وحزب البعث في العام 1991، بانتفاضة بعد هزيمته في حرب احتلال الكويت، وبسبب تراكم المظالم الاقتصادية والسياسية داخل المجتمعات الشيعية والكوردية المضطهدة، فجرى انشاء منطقة الحظر الجوي شمالا وجنوبا، لكن المحافظات الكوردية تمكنت من انشاء مؤسسات سياسية خاصة بها، واستمر الشيعة في العيش تحت وطاة القمع والانتقام البعثي طوال 12 عاما اخرى.

واوضح التقرير ان الفيدرالية ظلت قضية مهمة للعديد من قادة المعارضة في المنفى، مثل جلال الطالباني واحمد الجلبي فيما بعد العام 1991، وطرحوا هذه القضية مرارا في المؤتمرات التي نظمت في الولايات المتحدة وكوردستان العراق، وهي قضية تعززت بفعل حملة صدام حسين للتطهير العرقي ضد الكورد.

لكن التقرير لفت الى وجود دول محيطة لديها علاقات مثيرة للخلافات مع مواطنيها الكورد، ولهذا لم يتمكن الكورد سوى من اجل انشاء حكم ذاتي ضمن العراق الاتحادي، كما ان الولايات المتحدة في في المرحلة التي سبقت غزو العام 2003 وما بعده، اعطت الاولوية لسياسة عراق موحد، وذلك بهدف ارضاء تركيا، حليفها في الناتو. ثم ذكر التقرير بمرحلة العام 2005 عندما اقرت الاحزاب العراقية بكتابة الدستور الجديد، ووافقت على الوضع الخاص لكوردستان وانشاء الاقليم المعترف به دستوريا، الا انها لم تتمكن من الاتفاق على ما اذا كان ينبغي تخصيص وضع مماثل للمحافظات الاخرى.

وتابع ان احد الاستثناءات كان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي كان له علاقات وثيقة مع الاحزاب الكوردية، مشيرا الى ان الحزب اقترح انشاء اقليم واحد يضم 9 محافظات بها اغلبية شيعية في الجنوب، وهي محاولة لم تنجح في نهاية المطاف.

واستكمل التقرير ان الاحزاب الكوردية، مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني كان لها تأثيرها على صياغة الدستور، وهي ايدت قيام دولة اتحادية تعترف بكوردستان كاقليم، وتسمح للمحافظات الاخرى (باستثناء بغداد) لتصبح اقاليم.

اما الاحزاب السياسية السنية، مثل الحزب الاسلامي العراقي الذي قاطع في البداية انتخابات اللجنة الدستورية، فقد انخرط في عملية صياغة الدستور، مضيفا ان هذه الاحزاب عارضت لغة الفيدرالية. وتابع التقرير انه خلال استفتاء العام 2005، صوتت ثلاث محافظات سنية، هي الانبار ونينوى وصلاح الدين على رفض الدستور الجديد الا ان اصواتها لم تكن كافية لمنع تبنيه.

وتابع التقرير ان الوثيقة النهائية المصادق عليها في اكتوبر/ تشرين الاول العام 2005، تنص على انشاء نظام فيدرالي "يتكون من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية، بالاضافة الى ادارات محلية". ونصت المادة 117 على الاعتراف بكوردستان كاقليم ضمن العراق. كما نص الدستور على انشاء اقاليم جديدة. لكن المادة 119 حددت طريقتين لاجراء استفتاء على ان تصبح المحافظة اقليما وهما من خلال جمع تواقيع 10٪ من الناخبين في المحافظة او الحصول على موافقة ثلث اعضاء مجلس المحافظة.

واضاف التقرير انه في كلتا الحالتين، يجب ان تشارك المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في الاستفتاء.

لا اقاليم جديدة

وذكر التقرير الامريكي ان العديد من المحافظات حاولت ان تكتسب صفة الاقليم خلال السنوات الثماني التي قضاها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في المنصب بين عامي 2006 و 2014 ، الا ان ذلك لم ينجح، مشيرا بذلك الى ما جرى فيما يتعلق بمحافظة البصرة الغنية بثرواتها النفطية لكنها تعاني من الاهمال وذلك في العام 2008.

ولفت التقرير الى انه كان هناك خشية في بغداد من خسارة الموارد المالية في حال سيطر "اقليم البصرة" على عائدات النفطية، مثلما هو الحال في بعض الاحيان فيما يتعلق باقليم كوردستان.

واشار التقرير الى انه ما تزال هناك دعوات من اجل "اقلمة" البصرة، والى ان محافظات اخرى مثل ديالى وصلاح الدين في وسط العراق جرى منعها من اجراء استفتاء خلال فترة حكم المالكي.

وذكر التقرير بان الاحزاب السياسية الشيعية الرئيسية، بما في ذلك حزب الدعوة بزعامة المالكي، عارضت اضفاء صفة الاقليم على هذه المحافظات على الرغم من ان احد الاحزاب، المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي كان يسمى سابقا المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، حاول هو ايضا تشكيل اقليم.

 وتابع التقرير ان زعماء سياسيين في بغداد قالوا ان الضغط من اجل اقامة اقاليم في ديالى وصلاح الدين، سيؤدي الى اضعاف الحكومة الاتحادية. كما رفض هؤلاء الزعماء اجراء استفتاء على اساس انه كان مدفوعا بالطائفية (باعتبار ان المحافظتين بهما غالبية سنية). كما لفت التقرير الى انه من العقبات الاخرى التي حالت دون التمكن من اجراء ديالى وصلاح الدين الاستفتاء ان المحافظتين تضمان اراض متنازع عليها بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة الاتحادية.

واشار التقرير الى ان قضية المناطق المتنازع كانت عليها ما تزال بمثابة شوكة في العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، مذكرا بان دستور العام 2005 ينص على اجراء استفتاء بحلول 31 كانون الاول/ ديسمبر 2007 لتحديد وضع كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها، وهوما لم يتم حتى الان.

مستقبل الفيدرالية

وخلص التقرير الى القول انه برغم الضغوط لتطبيق الفيدرالية من جانب الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني و والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، فانه لم تحدث تغييرات على التركيبة الفيدرالية للعراق بخلاف تكريس كوردستان كإقليم في الدستور.

واشار الى ان الذين يخشون الفيدرالية يعتبرون انها بعيدة مجرد خطوة واحدة عن الانفصال، مضيفا ان هذه المخاوف تعززت بعد استفتاء الاستقلال في اقليم كوردستان في 25 ايلول/سبتمبر من العام 2017 ، والذي شمل ايضا المناطق المتنازع عليها.

وتابع التقرير انه برغم ان بغداد رفضت الاستفتاء ونتائجه، بينما اكدت حكومة الاقليم ان الاستفتاء ليس ملزما، الا انه برغم ذلك، عزز الاعتقاد بين العديد من العراقيين بان التحول الى اقليم هو الخطوة الاولى نحو الاستقلال.

وختم التقرير بالقول انه الى جانب العقبات السياسية والمقاومة من جانب الحكومة المركزية للتخلي عن سيطرتها على الموارد، فان العراق يفتقر الى وجود مؤسسات الحكم اللامركزي.

واوضح انه حتى عندما عندما ضغط رؤساء الحكومات من اجل تحقيق اللامركزية في بعض الوزارات الاتحادية على غرار ما فعله حيدر العبادي مع العديد من الوزارات بين الاعوام 2014-2018، فان المحافظات اما انها كانت تعاني من مشكلات تتعلق بتحديد المسؤوليات، او ان الوزارات في بغداد كانت ترفض تفويض صلاحيات السلطات.

واعتبر التقرير انه الى ان تستقر العلاقة بين بغداد وكوردستان ويتم تسوية الخلافات الطويلة بينهما، فانه من غير المرجح ان تتشكل اقاليم جديدة..

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon