شفق نيوز/ تواجه النساء في وسط وجنوب العراق صعوبات في إيجاد فرص العمل رغم كفاءتهن ونيلهن شهادات أكاديمية عليا، وتتمثل تلك التحديات بالظروف البيئية والعائلية، فما يزال المجتمع لا يتقبل عمل المرأة، ويرى فيه نوعاً من "الخزي والعار".
وتسعى النساء العراقيات، إلى الاعتماد على أنفسهن في جوانب الحياة المختلفة، وخاصة في قطاع العمل، ليساعدن عائلاتهن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، وسط دعوات لتمكينهن اقتصادياً واجتماعياً وقانونياً وسياسياً وقيادياً أيضاً.
الطبقة الثانية في المجتمع
وتقول الناشطة إسراء الأديب، إن "النساء تواجه صعوبات في العثور على عمل في المحافظات الوسطى والجنوبية، رغم كفاءتهن ونيلهن شهادات عليا، وذلك بسبب انحسار البيئة والرقعة الجغرافية والعادات والتقاليد، كما هناك عنف منهجي من قبل الشركات والعشائر، إلى جانب الشعور بالخزي والعار لعملها، لذلك تجد المرأة نفسها بالطبقة الثانية في المجتمع".
وتؤكد الأديب التي من محافظة كربلاء لوكالة شفق نيوز، أن "الاندماج الاقتصادي مهم لاستحصال المرأة على وظائف عدة والمساهمة في إنعاش الاقتصاد".
وتشكّل نسبة النساء العراقيات العاملات في القطاع الخاص، حوالي 29 بالمائة من المجموع الكلي للعاملين في القطاع، بحسب ورقة بحثية لمركز النهرين للدراسات والأبحاث الاستراتيجية.
وعلى الرغم من أن نسبة النساء في المجتمع العراقي تقارب 49 بالمائة من إجمالي السكان، إلا أن فرصهن في سوق العمل مازالت ضئيلة، إذ لا تتجاوز نسبة النساء العراقيات العاملات حدود 15 بالمائة من حوالي العشرين مليون امرأة عراقية، بينما تقع 85 بالمائة منهن ضحايا عوامل موضوعية تحجم دورهن في المجتمع عموماً وسوق العمل تحديداً.
وفي هذا السياق، تشير الناشطة النسوية، رقية سلمان، من محافظة البصرة، إلى أن "المرأة تواجه صعوبة في إيجاد عمل لها، رغم وجود الكفاءة والشهادة المطلوبة".
وتوضح لوكالة شفق نيوز، أن "هذا يعود إلى أسباب عديدة، منها تدهور الاقتصاد العراقي عموماً وفي المحافظات الوسطى والجنوبية خصوصاً، كما أن أغلب الاستثمار يقتصر على محافظات محددة، فضلاً عن المحسوبية والعلاقات في التوظيف".
ويؤكد تقرير للبنك الدولي صدر عام 2020، أن مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل تعتبر منخفضة، بحيث تشكل أقل من 15 بالمائة فقط.
وقال البنك في التقرير، إن "هناك أقل من 15 بالمائة من النساء يشاركن في سوق العمل في كل من العراق والأردن، و26 في المائة فقط في لبنان"، مبيناً أن "هذه النسب تعد من بين أدنى معدلات مشاركة المرأة في العمل على مستوى العالم".
عزل الكفاءة ومحاربتها
من جهتها، تعزو الأستاذة الجامعية، إسراء الجوراني، من محافظة واسط، أسباب تردي حال النساء في وسط وجنوب العراق إلى "محاربة الكفاءات رغم وجود الفرص، حيث هناك تمكين لأشخاص غير أكفاء في المناصب بناءً على العلاقات والمحسوبية والمنسوبية، وأن أكثر الفرص تذهب للأحزاب والمحاصصات".
وتضيف الجوراني الحاصلة على درجة الدكتوراه في الإعلام لوكالة شفق نيوز، أن "جميع الفرص متاحة لكن هناك من يضع قيوداً وشروطاً تصل إلى عزل الكفاءة وحتى محاربتها".
وتشير إلى أن "الطامة الكبرى التي تعاني منها البلاد هي وضع أشخاص غير مختصين بمجال عملهم، بسبب ان السلطة الأعلى التي تدير المؤسسة تأتي بأشخاص تحت سيطرتهم حتى تتحكم بدوائر الدولة".
وتطالب الجوراني "الجهات المعنية والمسؤولة بوضع حد لهذه الظاهرة، ووضع جهات رقابية ولجان مختصة لتقييم الأعمال في المؤسسات والدوائر الحكومية".
وتلفت دراسة أعدتها وحدة إحصاءات النوع الاجتماعي التابعة للجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية، إلى أن توزيع النساء حسب قطاعات العمل لا يبدو متوازناً، فيظهر أن هناك قطاعات تنشط فيها النساء على حساب قطاعات أخرى.
فالقطاع العام والحكومي هي أكثر القطاعات الجاذبة لمشاركة المرأة، حيث كانت النسبة حوالي 78 بالمائة مقارنة بباقي القطاعات، التي لم تشكل سوى 21 بالمائة في القطاع الخاص، مع الإشارة إلى أن أغلب النساء العاملات في القطاع الخاص هنَّ من النساء الريفيات.
أما بيئة العمل عند النساء العاملات، وفقاً للدراسة، فهي أقل خطورة عند المقارنة مع عمل الرجال، فقد أظهرت النتائج أن أكثر من 82 بالمائة من النساء يعملن في بيئة عمل غير خطرة، بالمقابل هناك 46 بالمائة من الذكور يعملون أيضاً في أجواء عمل مماثلة.
تقييم غير عادل
من جانبه، يشير مدير المركز العراقي للدراسات والبحوث الإعلامية، ماجد الخياط، إلى إن "قلّة فرص العمل للمرأة في مجالات معينة يعود إلى أن السوق في تباين، ومن المفترض عند توفر فرص عمل يخضع المتقدمين لتقييم كفاءة والأفضل منهم يحصل على الوظيفة".
ويضيف لوكالة شفق نيوز، "لكن منظومة التقييم في البلاد عموماً هي غير عادلة وغير صحيحة، لذلك يلاحظ أن المستحق لا يحظى بأي فرصة للعمل، بينما غير المستحق يحظى بالوظيفة، وهذا يدل على وجود خلل في إدارة المؤسسات والمحسوبية، وكذلك شبهة فساد بانعدام العدالة، ما يستدعي إعادة النظر بالمؤسسات لتكون رصينة".
وبحسب الأرقام والبيانات التي أصدرتها منظمة العمل الدولية، في وقت سابق، حول المساواة بين الجنسين، بلغ معدل مشاركة المرأة العربية في سوق العمل 18.4 بالمائة، وهو المعدل الأدنى في العالم مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 48 بالمائة.