شفق نيوز/ اعتبر موقع "أويل برايس" البريطاني المتخصص بقضايا الطاقة، ان ثلاثة أحداث مرتبطة بالعراق حدثت في الأيام الاخيرة، تعيد وضع روسيا في مرتبة متقدمة في الشرق الاوسط.
وذكر التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان هذه الاحداث شملت اما ايران او العراق، او كليهما معا، مضيفا انها اعادت تعزيز دور روسيا نحو المقدمة في الشرق الأوسط وذلك على حساب الولايات المتحدة.
"الزعيم الفعلي"
وأوضح التقرير؛ أن هذه الأحداث تمثلت أولا باجتماعات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والقيادات السياسية والعسكرية الايرانية، بما في ذلك الرئيس ابراهيم رئيسي، وثانيا انسحاب مقتدى الصدر الذي وصفه بأنه "الزعيم الفعلي في البلد" وكتلته السياسية المكونة من 73 عضوا، وهي الأكبر، من البرلمان العراقي، وثالثا الاتفاق على خريطة طريق جديدة للتعاون بين ايران والعراق.
واشار التقرير انه في فيما يتعلق بالنقطة الاولى، فانه قبل انسحاب الولايات المتحدة لوحدها من الاتفاق النووي الايراني في العام 2018، فان روسيا استفادت من تحفيف العقوبات، لتعزيز وجودها في إيران، وهي في قطاع الطاقة لوحده قبل العام 2018، أبرمت عقود استكشاف وتطوير من خلال شركة غازبروم لحقول جنكولة وتششميه-خوش النفطية، وشركة "زاروبج نفت" لحقلي أبان وبيدر غرب ، وشركة "تات نفت" لحقل دهلوران.
ولفت الى مذكرة تفاهم سابقة بين شركة "لوك اويل" وشركة النفط الوطنية الايرانية لدراسات حقلي نفط "أب تايمور" و"المنصوري".
وتابع التقرير ان الاكثر اهمية من ذلك، هو التوقيع على مذكرة تفاهم من 22 نقطة من جانب نائب وزير النفط الإيراني أمير حسين زمانينيا مع نائب وزير الطاقة الروسي كيريل مولودتسوف والتي لم تتضمن الدراسات وخطط الاستكشاف والاستخراج فقط، وانما ايضا نقل الغاز وعمليات تبادل البتروكيماويات والأبحاث المتعلقة بتوريد وتسويق المنتجات البتروكيماوية وتصنيع المعدات النفطية مع الشركات الهندسية الايرانية المحلية بالاضافة الى نقل التكنولوجيا في قطاع المصافي.
ولفت التقرير إلى أن المحادثات وقتها، في اوائل العام 2018، كان تتضمن ايضا الاستخدام المزدوج للموانئ والمطارات الايرانية من قبل روسيا لأهداف مدنية وعسكرية، مستدركا أن هذه الخطط جرى تعليقها بسبب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في أيار/مايو من ذلك العام.
"اتفاقية تاريخية"
إلا أن مفاهيم هذه البنود جرى إدراجها لاحقا في الاتفاقية التاريخية التي مدتها 25 عاما بين إيران والصين، والتي نشر "أويل برايس" تفاصيل حولها في ايلول/سبتمبر العام 2019.
أما حول الاجتماعات الاخيرة للافروف في طهران خلال الاسبوع الماضي، فقد نقل التقرير عن مصادر مقربة من وزارة النفط الايرانية قولها إن الوزير الروسي وابراهيم رئيسي بحثا في توسيع التعاون في جميع المجالات بما يتماشى مع مذكرة التفاهم الاصلية (المؤلفة من 22 نقطة) بالاضافة الى التعاون اللوجستي لنقل البضائع بما في ذلك النفط والغاز والمنتجات المرتبطة، من إيران إلى روسيا ومن روسيا إلى إيران.
كما أوضحت المصادر أن المحادثات شملت عناصر التعاون الخاص المزدوج الاستخدام مدنيا وعسكريا والتي كان جرى الاتفاق حولها قبل اربع سنوات.
وذكر التقرير بإعلان وزارة الخارجية الايرانية نفسها بأن زيارة لافروف كانت تستهدف توسيع التعاون مع منطقة اوراسيا والقوقاز، مضيفا بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الايراني ابراهيم رئيسي خلال اجتماعهما 19 يناير/كانون الثاني الماضي، كان هناك "نقاش مكثف" حول قيام روسيا بتزويد ايران بنظام الدفاع الصاروخي "اس-400" بالإضافة إلى طائرات "سوخوي -35".
"المشكلة الإيرانية"
أما فيما يتعلق بمقتدى الصدر في العراق، فقد أشار التقرير إلى أنه في الفترة التي سبقت انسحابه من البرلمان العراقي، فانه كان يتطلع الى تشكيل أول حكومة أغلبية حقيقية في البلاد منذ سقوط صدام حسين في العام 2003، وذلك من خلال التحالف مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكوردستاني.
ونقل التقرير عن مصدر ايراني قوله ان "المشكلة الرئيسية للصدر كانت انه في حال نجح بذلك، لكان قد استبعد الإطار التنسيقي الذي تسيطر عليه إيران، من أي قوة شرعية لها، وكذلك روسيا، وذلك نظرا الى كرهه القوي لأي تدخل أجنبي في الشؤون العراقية".
وذكر التقرير أن روسيا أساسا سيطرت على قطاع النفط في اقليم كوردستان منذ العام 2017، وكانت تتطلع من أجل البناء على ذلك من أجل توسيع نفوذها في جنوب العراق، لتشكيل منطقة واحدة وكيلة لها تجمع إيران والعراق، مضيفا أنه لو كان قدر للصدر النجاح، لكان الصدر دمر هذه الرؤية.
ونقل التقرير عن المصدر الايراني قوله ان التكتل الكوردي المتمثل بالحزب الديمقراطي الكوردستاني "هو الذي اوقف خطة الصدر، لأنه انحاز الى صيغة الاتفاق التقليدية المتعلقة بتوزيع المناصب السياسية".
واختتم المصدر الإيراني قوله "لهذا، عدنا الآن الى حيث كنا حيث لا وجود لشخصية قوية واضحة في العراق، وهي تماما الطريقة التي تريدها إيران وروسيا".
"موسكو - طهران - بغداد"
أما فيما يتعلق بالنقطة الثالثة والأخيرة حول خريطة الطريق الجديدة للتعاون بين إيران والعراق، فقد ذكر التقرير أنه في ظل "عدم وجود زعيم واضح في الأفق في بغداد"، فان طهران سارعت إلى الإعلان عن مبادرات رئيسية عديدة بينها وبين بغداد.
واوضح التقرير ان احد اهم الوسائل لتأمين الطاقة في جميع انحاء الشرق الاوسط هي تعزيز التحكم بشبكة توزيع الطاقة التي لا تتعلق فقط حركة الكهرباء ولكن مسارات النفط والغاز أيضا، مضيفا أن هذه الفكرة كانت محور كافة الخطط الايرانية الاخيرة، وذلك بدعم كامل من الكرملين.
وتابع التقرير أن روسيا شاهدت بالفعل في أوروبا القوة التي تتحصل عليها من خلال جعل الدول تعتمد على صادراتها من النفط والغاز . واضاف ان الولايات المتحدة تدرك قوة السلطة التي تتمتع بها إيران على العراق وذلك بفضل إمدادها المستمر له بالكهرباء والغاز.
وذكر التقرير بتصريحات لمسؤول نفطي حكومي في العراق بانه يجب إعداد خريطة طريق للخطوات والأهداف المستقبلية للعراق وايران، مشيرا الى وجود قضية مهمة اخرى تتعلق بالتكنولوجيا والمنتجات الايرانية، متحدثا على سبيل المثال عن ما يتوفر لدى ايران إمكانات عالية في العديد من القطاعات مثل كابلات الطاقة والأنابيب والتجهيزات والتقنيات الحديثة التي بالإمكان نقلها إلى العراق.
ونقل التقرير عن المسؤول النفطي العراقي قوله ان الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية تناول موضوع التدريب ونقل التكنولوجيا والمعدات التقنية، مضيفا أن "قضية نقل الخبرة والتكنولوجيا مهم جدا ويجب ان نكون قادرين على التعاون في هذا المجال".
"خريطة جديدة"
وختم التقرير بالقول إن خريطة الطريق الجديدة هذه تتضمن جوانب مترابطة واضحة "مع مجموعة الصفقات التي نوقشت بين نائب رئيس الوزراء الروسي الكسندر نوفاك وكبار المسؤولين الإيرانيين في نهاية أيار/مايو، والتي تتضمن مشاريع الطاقة والزراعة والنقل والتعاون الإضافي في القطاعات المالية والمصرفية والنفطية والغاز والبتروكيماويات والطاقة النووية.
ترجمة: وكالة شفق نيوز