شفق نيوز/، استعرض الأب رفعت بدر، وهو مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الزيارة المقررة للبابا فرانسيس الى العراق في اذار/مارس 2021، قائلا ان الامل هو ان "تحث العراقيين على فتح صفحة جديدة والسعي للغفران المتبادل والتئام جراح البلد".
وكتب الأب رفعت بدر في مقالة على موقع "الفاتيكان نيوز"، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "العراق بلد مقدس. عاش فيه الأنبياء، وأقدمهم ابراهيم الذي توجه من أور الكلدانية الى الارض المقدسة حيث بدأ عصر النبوة.. والعراق أرض النبي يوسف الذي عاش في نينوى.. وهو ايضا حيث نفي الناس وفق العهد القديم الى بابل".
واشار الى الجانب السياسي العراقي خاصة من جانب الدعوة للبابا للقيام بالزيارة، بالاضافة الى الدعوة من الكنيسة الكاثوليكية في العراق، وتحديدا من الكنيسة الكلدانية التي يترأسها حاليا لويس روفائيل الاول ساكو، "من دون ان نتجاهل طبعا الكنيسة السريانية الذين كان اتباعها شهداء الإيمان، خصوصا بعد تفجير كنيسة سيدة النجاة قبل عشرة أعوام".
وبالاضافة الى هؤلاء، هناك حضور ايضا للكنائس الكاثوليكية وتحديدا اللاتينية والمارونية واليونانية والقبطية والأرمنية، الى جانب ايضا الكنيسة الاشورية.
وكتب الأب رفعت بدر ان البابا فرانسيس يأتي الى العراق في وقت لم يتمكن فيه أسلافه من القيام بذلك بسبب تعقيدات وظروف ضاغطة انجلت مؤخرا، بما فيها الحروب والعنف الطائفي والهجمات الارهابية وتعقيدات المسائل السياسية في هذا البلد الشقيق.
وذكر بان البابا يوحنا الثاني كانت لديه امنية بزيارة العراق في العام 1999، لكن بسبب الحصار المفروض على العراق في مرحلة صدام حسين، ادى الى تأجيل الزيارة. لكن البابا يوحنا الثاني قام بزيارة حج "روحية" الى العراق في 21 مارس/آذار 2000، وقام بزيارات بابوية الى مصر والاردن وفلسطين. وبعدها بعام، سار على خطى بولس الرسول الى سوريا.
والان، البابا فرانسيس الذي يولي أهمية لاحترام الفقراء واللاجئين والمهاجرين، وحقوقهم بحياة آمنة، يذهب الى العراق حيث اجبر المسيحيون والايزيديون خاصة من سهل نينوى والموصل والبلدات والمدن المجاورة، على النزوح بالقوة الى بلاد حول العالم في ظل الاعمال الارهابية التي قامت بها داعش في ذلك الوقت.
ويأتي البابا اولا الى العراق لتشجيع المجتمع المسيحي في العراق لتحمل الاضطرابات السياسية بما فيها حروب خارجية او اقتتال داخلي التي شهدها العراق. وما زال هناك وجود مسيحي مشرق ومجيد برغم التراجع الكبير في اعدادهم.
وبالتالي، فان الباب يسعى الى تشجيع الصامدين في ارض اجدادهم برغم الكوارث المتتالية خاصة خلال زيارته الى مدينة اربيل حيث يوجد حاليا عدد كبير من النازحين من الموصل والبلدات في سهل نينوى. كما سيزور ايضا الموصل وقرقوش من أجل حث النازحين منهما بالقوة والذين يعيشون في الخارج على العودة الى ارض أسلافهم واجدادهم.
وثانيا، يريد البابا ان يروج للحوار والتعايش المشترك بين كل المكونات الدينية، سواء على المستوى المسكوني بين الكنائس الواحدة او عبر العلاقات المسيحية – الاسلامية. فمن المعروف ان هناك ليس فقط حوار مسيحي – سني، وانما ايضا حوار شيعي – مسيحي. وعلى أرض العراق، هناك جماعات الصابئة المندائية والايزيديين والبهائيين وغيرها من اصحاب المذاهب والمعتقدات الدينية.
وبالاضافة الى ذلك، يريد البابا الذي يشجع الحوار، ان يؤكد على المشاعر المشتركة والاخوية التي تربط المكونات المختلفة ضمن الشعب العراقي في اطار المواطنية، خاصة بعد شهور على توقيع الباب على الوثيقة المهمة "كلنا أخوة وأخوات".
وسيوجه البابا خلال زيارته الى العراق، رسالة من أجل السعي نحو طريق السلام والحوار والاخوة والتعاون البناء بين مختلف السياسيين في العراق من اجل بناء دولة عراقية عصرية قوية بعد سنوات من الحروب الصعبة والمريرة والنزاعات الطائفية وهجمات المجموعات الارهابية، وذلك من أجل ان يعيد احياء روح الامل بين كل العراقيين، خاصة الشباب، من أجل مستقبل أفضل.
ولهذا، اعرب الاب رفعت بدر عن الامل بان تكون زيارة البابا ناجحة ومثمرة وتخدم بداية الوحدة من خلال حث الشعب العراقي على فتح صفحة جديدة، والسعي الى غفران متبادل، حيث يتسنى لهذا البلد الشقيق بدء طريق التعافي من الجروح من الماضي ويتطلع نحو مستقبل بأمل".
وفي الختام، ذكر الأبد بدر بنقطتين، الاولى هي ان البابا خلال زيارته الى الامارات في بداية العام 2019، وقع وثيقة مهمة مع امام الازهر حول الاخوة الإنسانية والسلام العالمي والتعايش سوية، وبعدها بشهرين كان في المغرب حيث وقع على نداء مع الملك المغربي، يتعلق بالقدس، فهل ستكون هناك وثيقة جديدة ستبصر النور تتعلق ببلاد ما بين النهرين؟
والنقطة الثانية، انه في مارس/اذار العام 2003، كانت طبول الحرب الاميركية تقرع وتحظى بدعم دولي، باستثناء البابا يوحنا بولس الثاني الذي قال "لا للحرب. الحرب ليست حتمية دائما، وهي دائما هزيمة للانسانية". وفي مارس/اذار 2021، سيأتي البابا فرانسيس لمحاولة ترميم ما تم هدمه كنتيجة لانه لم يتم الاستماع الى صوت سلفه.