شفق نيوز/ بهدوء وحذر شديد، تعمل هذه هديل أحمد على صيانة قطعة تراثية من الفرش الموصلي أو ما يسمى بـ"المرمر" في أحد منازل الموصل القديمة.
هديل أحمد، معيلة لعائلة من 6 أفراد تعلمت مهنة صيانة الفرش والمرمر، على يد خبراء من اليونسكو، وبدأت تعمل معهم في مشروع لإعادة إعمار أكثر من منزل تراثي في الموصل القديمة.
تقول هديل، لوكالة شفق نيوز، إنها تعلمت الكثير من خلال اليونسكو وأصبح لديها مصدر رزق لها ولعائلتها بعد أن فقدوا معيلهم الوحيد بسبب الحرب، مشيرة إلى أنها ليست الوحيدة التي تعلمت وتعمل مع اليونسكو، وإنما هناك العشرات من النسوة والفتيات أيضا يعملن مثلها، وقد تدربن على مهنٍ صعبة لكنهن استفدن كثيراً وأصبحن يكتسبن الخبرة شيئاً فشيئا.
كسر القيود
في المقابل، أوضحت المهندسة ريا عيسى، العاملة ضمن المشروع، أن "العمل كان بالتنسيق مع دائرة العمل والشؤون الاجتماعية، وكانت الفرصة متاحة لجميع الراغبين بالتقديم عليها والعديد من النسوة قدمن على طلب للحصول على فرصة عمل وبناء على رغبتهن وفرت اليونسكو العمل لهن مع تدريبهن".
وأضافت عيسى، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "عدد العاملات حالياً وصل إلى 150 امرأة، وسيصل قريباً إلى 250 أي أن 250 عائلة توفرت لهن مصادر رزق من خلال هذا المشروع".
ولفتت إلى أن "أهم نقطة في هذا الأمر هو ليس توفير مصدر رزق للنسوة والفتيات فقط، وإنما هذا العمل كان حكرا على الرجال ولم تشهد الموصل أن عملت امرأة في مجال البناء والعمارة وهذه هي المرة الأولى التي يكسر فيها هذا الحاجز وهو أمر مهم جداً للنساء خصوصا اللواتي يتخوفن من حدود المجتمع الموصلي والتحفظات الموجودة فيه".
روح الموصل القديمة
أما نادية سعد، وهي مسؤولة فريق عمل ضمن اليونسكو، فبينت أن "المشروع يستهدف 124 منزلاً تراثياً داخل الموصل القديمة، لأجل إعادة إعماره بطريقة عمرانية تشبه الطريقة التي كانت مبنية عليه".
وذكرت نادية للوكالة، أن "اليونسكو قامت بتدريب النساء على عمليات البناء وإعادة الإعمار بطرق قديمة وعلمتهن طرق البناء القديمة التي انقرضت مع الزمن مثل البناء بالجص والعمل بالفرش الموصل أو ما يسمى بالمرمر، وبعدها أصبحن يعملن في عمليات إعادة الإعمار والصيانة لهذه المنازل التراثية التي ستصبح تحفة عمرانية تحاكي تاريخ الموصل التراثي وكل منزل منها حافظ للذاكرة التراثية ويصور للأجيال القادمة كيف كانت تبنى المنازل في الموصل القديمة".
وأشارت إلى أن "المشروع الذي يقع ضمن إطار (مبادرة إحياء روح الموصل) الممولة من الاتحاد الأوروبي، أحيا الأمل في إعادة تراث المدينة وأحيا الأمل لهؤلاء النسوة بتوفير فرص عمل لهن وعلمهن مهنا تمكنهن من الاستفادة منها في المستقبل".
إعادة إرث الموصل
هذا وتعمل اليونسكو على إعمار المعالم التاريخية والدينية أيضا مثل الجامع النوري الكبير والكنائس القديمة ووصلت الى مراحل متقدمة في عمليات إعادة الصيانة والإعمار.
يذكر أن احتلال داعش للموصل والمعارك التي حدثت لطرده منها تسببا بخسارة المئات من المواقع الأثرية، بحسب ما أعلنت عنه مفتشية آثار نينوى في وقت سابق.
وقال مدير المفتشية خير الدين أحمد، إنهم يشرفون على جميع عمليات إعادة الإعمار والصيانة ويشتركون فيها، وكوادر المفتشية متواجدة في كل المواقع التي تعمل فيها اليونسكو".
وأشاد خير الدين، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، بالدور الذي تلعبه اليونسكو والاتحاد الأوروبي بـ"عمليات إعادة إعمار وصيانة المواقع التراثية في المدينة القديمة".
وخلص إلى القول: "جزء كبير من هوية الموصل التراثية سيعود أجمل مما كان عليه في السابق، ومحاولات خطف روح الموصل التراثية فشلت، والفترة القادمة سيعود هذا الإرث الكبير كما كان".