شفق نيوز / بعد أزمة الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة التي جرت في تشرين الأول الماضي، انقسم المشهد السياسي العراقي إلى قسمين، الأول متمثل بالصدريين الذين حصدوا أعلى عدد مقاعد في البرلمان الجديد، بواقع 73 مقعداً، أما الثاني المتمثل بأجنحة الحشد الشعبي والفصائل مع نوري المالكي تحت مسمى "الإطار التنسيقي".
ولخص موقع "المونيتور" الأمريكي، المشهد الحالي في العراق، أن مشكلة تشكيل الحكومة الجديدة لم تعد مربتطة بالاعتراف بنتائج الانتخابات، وانما برغبة الاطار التنسيقي بالتمسك بالمكاسب التي كان يتمتع بها داخل أجهزة الحكم ورئاسة اللجان البرلمانية، بعد الانتخابات الماضية.
حكومة صدرية
وكتبت "المونيتور" الأمريكي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن الصدر يبحث عن "حكومة اغلبية"، بمعنى انه سيتحالف مع الكورد والسنة، تاركا "الاطار التنسيقي" على مقاعد المعارضة البرلمانية، في حين أن قوى الاطار تسعى من اجل قيام "حكومة توافقية" تشمل مشاركة الجميع في الحكومة الجديدة.
ونوه التقرير الى الاجتماع المنعقد في الثاني من كانون الاول/ ديسمبر، حيث التقى قادة التيار الصدري بقادة الاطار التنسيقي، بمن فيهم زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وورئيس كتلة الفتح هادي العامري، وذلك في "محاولة لكسر الجمود بين الجانبين".
ونقل التقرير عن رئيس مركز المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاء الدين، قوله ان "الصدر يسعى الى حل سياسي يقود الى تشكيل الحكومة حيث قد يحصل المعارضون لنتائج الانتخابات على حصة اكبر من السلطة في الحكومة المقبلة بطريقة ترضيهم".
وأوضح علاء الدين، انه "في مرحلة لاحقة، فان الصدر سيبحث معهم تسمية رئيس الوزراء وقد يتفق معهم على ان اختيار رئيس الوزراء سيتم بالاتفاق معهم".
تقاسم المناصب
اما الباحثة في معهد "ناشيونال اينداومانت للديمقراطية" في واشنطن، رحمة الجبوري، فقد قالت ان الاطار التنسيقي ربما يكون قد قبل بنتائج الانتخابات، "لكنهم يريدون حكومة مماثلة للحكومات السابقة وليس حكومة يسيطر عليها الصدر".
وتابع انه "في حال سيطر الصدر على الحكومة، والدولة بشكل عام، فمن المرجح ان يكون بموادهة خطيرة مع الفصائل المسلحة، وهو امر لا يريده".
واعتبر التقرير ان الصدر لا يرغب في تفويت الفرصة امامه، لكنه في الوقت نفسه لا يرغب في الخضوع لكل مطالب الاطار التنسيقي، ويحاول بحذر كسب الاحزاب المعارضة.
واوضح التقرير انه لم يتم الكشف عن تفاصيل اي اتفاق في المناقشات غير الرسمية بين الصدر والاطار التنسيقي، لكن وفقا للمعلومات التي حصل عليها "المونيتور"، فان "الاطراف المقربة من ايران لن تتأثر كثيرا في التشكيلة الحكومية المقبلة، أي انها لن تخسر نفوذها داخل السلطة التنفيذية".
ونقل التقرير عن مصادر قولها ان "الاحزاب ليست مهتمة بنتائج الانتخابات او باسم الرئيس الجديد للحكومة، بقدر اهتمامها بالحفاظ على سلطتها في الحكومة المقبلة". ولفت التقرير الى ان الصدر "يحاول استغلال الخلافات داخل الاطار التنسيقي في محاولة لتشكيل حكومته الخاصة، وهو ما يثير خوف حلفاء ايران".
نصف +1
ونقل التقرير ايضا عن رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري، قوله ان الصدر "يسعى لتوفير النصاب لمجلس النواب وفق نصف زائد واحد من اجل ان يمرر القوانين التي يريدها، في حين ان الاطار التنسيقي، وخاصة المالكي، لا يريد ذلك، مما يعني انه لن يكون هناك تفاهم كامل على تشكيل الحكومة".
واوضح الشمري ان "اجتماع الصدر برؤساء الفصائل، جاء لتخفيف التوتر، لكن هذا لا يشي بوجود اتفاق نهائي على كل المسائل".
ولفت التقرير الى ان الصدر يسعى الى "التوافق" مع القوى الكبرى ضمن الاطار التنسيقي، مثل دولة القانون، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وكذلك تحالف الفتح بزعامة هادي العامري بالاضافة الى حركة فالح الفياض، وحزب الفضيلة بزعامة محمد اليعقوبي.
واضاف ان الصدر لا يبدي اهتماما بالاتفاق مع كتائب حزب الله او الجماعات المسلحة الاخرى التي اعترضت على نتائج الانتخابات، مما قد يشير الى انه يسعى الى تحقيق تقارب مع الاحزاب التي تتمتع بنفوذ سياسي وليس النفوذ المسلح، لتشكيل حكومة وتبديد فتيل التوتر السياسي.
ونقل التقرير عن مصادر في الاطار التنسيقي، قولها إن الاطار "وافق بشكل ما على نتائج الانتخابات، لكنه لا يرغب في التنازل عن المكاسب التي حققها في الحكومات السابقة".
واضافت المصادر، أن الاطار التنسيقي "يريد ان يظل على راس اللجان البرلمانية نفسها، حتى لو كان عدد مقاعده لا يؤهله لذلك، مشيرة الى انها تسعى لنفس الشيء فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية".
وختم تقرير "المونيتور" بالقول ان "من المرجح استمرار التوتر بين الصدر والفصائل المسلحة، لكن من غير المرجح ان تتدهور الامور الى صدام شامل".