شفق نيوز/ حذر خبراء اقتصاديون ونواب، يوم السبت، من أن رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي سيزيد من معدلات الفقر بين العراقيين، مشيرين إلى أنه سيلحق أضرارا "كارثية" بالفقراء ومحدودي الدخل.
ويقول استاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "رفع سعر الصرف إلى 1450 دينار عراقي لكل دولار، مع تقليل الرواتب بنسبة 30% ورفع الضريبة على الرواتب المتبقية من شأنه رفع الاسعار بحدود 20% إذا ما عرفنا أن السلع المستوردة تشكل 85 الى 90%".
ويضيف أن "البنك المركزي سيرفع سعر بيع الدولار أكثر من السعر الذي سيشتريه والبالغ 1450 دينار بواقع عشرة الى عشرين نقطة وبالتالي فإن السعر في الأسواق سترتفع مرة اخرى وقد تصل الى 60%"، مؤكدا أنه "ليس بإمكان الموظفين ولا المواطنين ان تكون لديهم القدرة الشرائية ومواكبة هذه الارتفاعات في الأسواق".
ويشير المشهداني الى ان "هذا الارتفاع من شأنه أن يزيد الفقر على ثمانية ملايين شخص حسب الاحصائية الاخيرة لوزارة التخطيط إلى أكثر من 15 مليون شخص".
ولفت المشهداني الى ان "رفع الحكومة لصرف الدولار سيضيف ما يقارب من 16 تريليون دينار للموازنة، في حين أنه بإمكان الحكومة أن ترفع سعر النفط في الموازنة بمقدار اربعة دولار لتضيف 4 تريليون دينار خاصة إذا ما عرفنا ان اسعار النفط حاليا ارتفعت لأكثر من 50 دولارا مع تقليص النفقات غير الضرورية بدلا من رفع سعر الدولار بهذا الشكل".
من جهته، يقول رئيس المركز الاقتصادي العراقي، ضرغام محمد علي، لوكالة شفق نيوز، ان "خفض الرواتب وسعر صرف الدينار سيرفع الأسعار ويؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية، وبالتالي سيؤدي الى رفع نسب التضخم والفقر وانكماش تضخمي يؤذي السوق ويقلل فرص العمل بشكل خطير ويؤدي بالتالي الى الكساد المدمر للاقتصاد العراقي".
واوضح ان "المصارف الحكومية ستتضرر أيضا بشكل كبير بسبب الإقبال على سحب الودائع الدينارية ما سيفرغ خزائنها بعد انعدام الثقة بالدينار".
ونشرت وكالة شفق نيوز، في وقت سابق اليوم، مسودة قانون موازنة 2021 والتي تضمنت سعر صرف الدينار العراقي عند 145 الف دينار مقابل 100 دولار. وعقب ذلك سجلت بورصة الكفاح ارتفاعاً في سعر الدولار ليصل الى 136 ألف دينار مقابل 100 دولار.
وكشفت اللجنة المالية النيابية، يوم أمس الجمعة، عن قرار اتخذه البنك المركزي لخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار رسمياً ابتداء من يوم الأحد المقبل.
من جانبه، اعتبر النائب عن محافظة صلاح الدين، جاسم حسين الجبارة، أن سياسة الحكومة والبنك المركزي العراقي "ضربة معيشية" للشعب وللمشاريع الخدمية بشكل عام.
وقال الجبارة في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "تسريبات بنود الموازنة للرأي العام ولدت غضبا واحباطا شعبيا كبيرا لا يمكن احتواءه ما لم تتم اعادة النظر بالسياسة المالية التي تعتزم الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي اعتمادها والتي تتضمن رفع سعر الدولار، وهو ما سيلحق اضرارا وكوارث معيشية بطبقة الفقراء ومحدودي الدخل في ظل وجود شرائح واسع تحت وعند مستوى خط الفقر".
وتساءل الجبارة "ما مصير المشاريع المحالة سابقا وغير المنفذة والتي تحت التنفيذ التي تعاقدت عليها الدولة عندما كان سعر الصرف 120 ألف عراقي لـ100 دولار، وكيف سيتم التعامل معها في حال رفع سعر الصرف الى 145 الف عراقي؟".
وحذر النائب من "تبعات سلبية كبيرة تطال الاقتصاد العراقي والسوق المحلية وما سينجم عنه من ارتفاع أسعار البضائع والمواد الغذائية بعد فشل الحكومات المتعاقبة في توفير مفردات البطاقة التموينية منذ 17 عاما".
وأردف الجبارة "كيف سيكون مصير الشرائح المشمولة بالحماية الاجتماعية المحدودة الدخل، وماذا سيحل بطبقات الكسبة الذين يعتاشون على الأعمال اليومية لتأمين القوت المعيشي لأسرهم؟".
وشدد ان على الحكومة "تأمين العيش الكريم وفرص العمل لأبناء الشعب كافة وليس تطبيق قوانين تعسفية"، منتقداً "تحميل المواطن مسؤولية الإخفاق في إدارة الموارد بالضغط مجددا عليه لعقاب استمر 17 سنة ومستمر".
الى ذلك، أعرب رئيس كتلة النهج الوطني، عمار طعمة، عن "صدمة شديدة" من الأرقام المتداولة والمسربة عن موازنة عام 2021، التي أشارت إلى تقدير النفقات بمبلغ 150 تريليون دينار.
وقال طعمة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، "إذا صحّت هذه التسريبات فانها تنذر بوقوع كارثة اقتصادية واجتماعية حقيقية، ونعتقد أن مثل هذا الرقم يمثل تقديراً مبالغاً فيه الى حد بعيد ولعدة أسباب".
وبين طعمة "في ظل الظروف السابقة التي شهدت موازنات انفجارية اعتمدت على سعر النفط الذي وصل الى ما يقارب 100 دولار ولم تبلغ الموازنات تلك 75% من تقديرات هذه الموازنة المسربة".
وأضاف "موازنة 2021 لابد أن تعتمد على أرقام فعلية كأساس لها وهي انفاق سنة 2020 الفعلي ومجموع الإنفاق للأشهر الثمانية الأولى كان 46 تريليون دينار، ونضيف لها ما تم تخصيصه بقانون الاقتراض 26 تريليون دينار فمجموعها 72 تريليون دينار وقد يتبقى منها فائض أيضا".
وتابع طعمة "وبحساب تقديرات إيرادات سنة 2021 فإن النفطية منها اعتمادا على السعر المعلن من الحكومة 42 دولارا فان الإيرادات النفطية تقارب 64 تريليون دينار وفق سعر صرف بمقدار 1300 دينار عراقي للدولار الواحد".
واشار الى انه "ومع اضافة إيرادات المنافذ بحسب تصريح وزير المالية لصحيفة (الغارديان) تقدر بـ5.9 تريليون دينار فالمجموع أكثر من 73 تريليون دينار تقريبا من غير بقية الإيرادات غير النفطية وما يزيد عن نفط الاقليم المنتج عن الرقم المثبت في الموازنة 250 ألف برميل يوميا وايراداته غير النفطية الأخرى، وهذا المبلغ المقدّر لوحده يغطي نفس الإنفاق الذي تم صرفه فعليًا للسنة الماضية دون أن تتحمل الموازنة عجزا".
ونبه طعمة الى ان "اعتماد الموازنة المسربة سعر صرف 1450 دينار للدولار يعني تخفيض رواتب الموظفين واقعيًا بنسبة 18%، وهو يعني تقليل جزء من النفقات التشغيلية عما كان ينفق في سنة 2020".
وبين ان "الموازنة المسربة تضمنت تخفيضا لكافة المخصصات الممنوحة لمنتسبي دوائر الدولة الممولة مركزيًا وذاتيًا بنسب تتراوح من 20% الى 60% من أصناف تلك المخصصات، وهذا الإجراء يعني أيضا انه خفض النفقات التشغيلية عما كانت عليه في موازنة 2020".
واردف طعمة "كما تضمنت الموازنة المسربة فرض ضرائب جديدة ومنها ضريبة بنسبة 20% على بيع الوقود".
وقال رئيس كتلة النهج "نؤكد على موقفنا الرافض لهذه التقديرات المبالغ بها جدا، كما نرفض الإجراءات التي تخفض رواتب عامة الموظفين أو التي تثقل كاهل محدودي الدخل، ونعتقد أن الحلول الواقعية تتمثل بالإجراءات الآتية".
واكد على ضرورة "ضغط النفقات وإلغاء غير الضرورية منها النثريات وغلق السفارات في الدول التي لا تتحقق جدوى واضحة من وجودها، وتخفيض رواتب الدرجات الخاصة".
ودعا الى "تحصيل ايرادات المشتقات النفطية للمصافي المحلية التي تجهزها الحكومة بالنفط الخام والتي تقدر قيمة المنتج من برميل واحد بـ150 دولار".
وشدد على "الاستيفاء الكامل للضرائب والرسوم على الهواتف النقال والمصارف المستفيدة من مزاد العملة، وتحصيل إيرادات الكمارك وإخضاع جميع معاملاتها للتدقيق الإلكتروني (الأتمتة)".
وطالب طعمة بـ"تسليم جميع نفط الاقليم المنتج وعموم وارداته الأخرى للسلطة الاتحادية، وإكمال التدقيق البايومتري على الموظفين وإلغاء مئات آلاف الوظائف الوهمية".
وحث على "اعتماد آليات دقيقة وحازمة في استيفاء الرسوم والجبايات التي تصل الى الوزارت، وجدولة الديون الخارجية وتأجيل تسديد الديون الداخلية وتعويضات الكويت".
واشار الى اهمية "إلغاء عقود جولات التراخيص وعقود شراكة الاقليم مع الشركات الأجنبية وإيجاد الصيغة البديلة بما يحقق اعلى منفعة اقتصادية للعراق".
وأضاف "يجب رفع فائدة المصارف الحكومية الى 10% لتشجيع المواطنين على الإيداع لدى الدولة وتوفير السيولة بدلًا من دفع الفائدة للشركات والبنوك الأجنبية وبنسبة أعلى من هذه والمواطنون أولى بهذه الفائدة".
وشدد طعمة على "تشجيع القطاع الخاص خصوصا في بناء المجمعات السكنية لحل أزمة السكن وتشغيل العاطلين وتحريك عجلة الاقتصاد، وطبع تريليون دينار شهريًا من العملة العراقية".
وختم طعمة بالتأكيد على ضرورة "السيطرة على التضخم الذي سببه مزاد العملة بفتح البنك المركزي نوافذ للبيع الى المواطنين المستوردين الحقيقيي