إلى الرئيس – البيشمركة «مسعود بارزاني»:




يقول الفيلسوف الفرنسي «فرانسوا ماري آروويه»، والذي يُعرف باسم «فولتير» حكمة سياسية «أفضل حكومة هي تلك التي يوجد فيها أقل عدد من الأشخاص عديمي الفائدة». مناسبة الاستشهاد بهذا القول، الذي يبدو أنه يصلح لكل زمان ومكان، هي بخصوص حالة اللجوء الكوردية ومآلاتها في إقليم كوردستان، إذ يلاحظ في وسائل التواصل الاجتماعي وحتى على أرض الواقع انتهاكات وممارسات قاسية ومؤلمة وغير إنسانية تمارسها شخصيات سياسية – حزبية بارزة من أحزاب المجلس الوطني الكوردي، وحتى قيادات الطرف الآخر من حكومة الإدارة الذاتية، والتي هي عديمة الفائدة، إذ تمارس الفساد والاستغلال والتهديد والوعيد، وسط غياب الرقابة والمحاسبة الذاتية والقانونية.

 

سيّدي الرئيس: ليعلم كلّ مَن يؤمن بكفاحك وبكوردستان أن «استثمار أوجاع اللاجئين خيانة إنسانية، لا تُغتفر»، ونحن – اللاجئون – نطالبك؛ تقديراً لمنزلتك في العمل السياسي، ودورك الرائد في العملية السياسية، ولتاريخ أسرة بارزاني العريقة، أن تبلغ المسؤولين في الحزب الديمقراطي الكوردستاني «P.D.K» القيام بإجراءات عاجلة وجذرية؛ للوقوف في وجه ثُلّة مستفيدة ومتنفّذة من الأحزاب الكوردية – السورية، التي تستغلّ من خلال سماسرتها وأزلامها حاجات اللاجئين الإنسانية، في الزيارات والإجازات والإغاثات، وغيرها من الأمور التي ترهقهم وتنغّص عليهم معيشتهم.

 

سيّدي الرئيس: عليك أن تدرك إدراكاً كاملاً أن اللاجئين لا يخافون منك! لأنك صوتهم وضميرهم الحيّ، بقدر خوفهم وحذرهم من شبّيحة حزبية، تكتب بحقّ كل مَن يحتجّ على ممارساتهم وانتهاكاتهم تقارير كيدية وغير إنسانية، وترسلها إلى جهات أمنية في حكومة إقليم كوردستان، والتي بدورها تتعامل مع المسألة على أساس أمني بحت، حيث يتعرّضون إلى ضرب وشتم وإهانات واتهامات لا أساس لها إلّا في عقول تلك الثلّة – الجماعة، التي لا تؤمن بالعمل الجماعي السياسي في سبيل المجتمع والناس.

 

سيّدي الرئيس: هناك سؤال يحيّرني دائماً، كلما أصادف أو أقرأ عن اللجوء أو النزوح، والحقيقة أنني دائماً ما أجد له إجابات في اللغة ومعاجمها، وهو ما الفرق بين كلمتي (اللاجئ والنازح)؟ ثم أبناء غربي كوردستان هل هم موجودون في إقليم كوردستان تحت صفة لاجئ أم نازح؟ إذ هناك فرق لغوي بين اللجوء والنزوح، فاللجوء يتم لأسباب جبرية دون أن يكون للتخطيط دور فيه. أما النزوح فقد عرف بأنه بحث عن المرعى والكلأ والماء، أيّ ضمن حدود جغرافية البلد الواحد، فعفرين وكوباني وقامشلو وديرك مدن مثلها مثل دهوك وهولير والسليمانية ومهاباد وديار بكر...

 

سيّدي الرئيس: وحدّها كلمة «لاجئ» كافية لأن تنطّق حروفها بمعاناة أصحاب المخيّمات ووجعهم اليومي، غير أن هذه المفرّدة وأمام ألم الاستغلال والمحسوبيات والتشبيح أو الوساطة الحزبية وغيرها من الانتهاكات المجحفة التي تُمارس على أكثر من (250) ألف لاجئ كوردي وسوري – بحسب تقرير كشفته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق، في 20 حزيران/يونيو 2018م – تبدو أكثر قسوة ومرارة.

 

سيّدي الرئيس: نحن الآن في مواجهة الحقيقة المُرّة، وإذا كنّا ننتقد ونكتب بقسوة ضد أشخاص سياسيين وأحزاب ومنظمات، فإننا حتماً نرفض أن يكون اللاجئون البسيطون حطباً لنار الحقد والانتهاذية والمحسوبيات الحزبية واللا كورداياتي، فمَن يزورنكم يرمون أوجاع الناس خلفهم، ويلهثون في سبيل النفوذ أو السلطة أو المال.

 

سيّدي الرئيس: لم تكن يوماً سيّداً على آلام الناس وقضاياهم الإنسانية حتى تكتب تاريخاً مزوّراً، لكن هناك مَن يكتب تاريخاً مزوّراً حقيراً خطيراً وهو يسطرها بحروف بارزانية ويرسمها برياش كورداياتية، دون أن يملك ذرّة خجل من الدماء التي هُدرت في سبيل قضايا الشعوب المضطهدة، ومنهم الشعب الكوردي والأمازيغي.

 

سيّدي الرئيس: لم تبع يوماً النفاق والكذب لشعبك، ولم تتلاعب بقضيتهم، فيما هناك مَن يبيع الوهم والأحلام والوعود التي لا تطعم جائعاً، ولا تنصف مظلوماً من طرف محترفي النفاق ومستثمري أوجاع اللاجئين، أولئك الذين يناضلون تحت راية كوردستان وراية القادة الخالدين مصطفى ملا بارزاني وقاضي محمد وشيخ سعيد پيراني وغيرهم، حيث يقفزون على عدّة حبال ويغيّرون الأقنعة حسب ما تقتضيه المصلحة الحزبية – الشخصية.

 

سيّدي الرئيس: ادخلْ إلى مخيم دوميز وباريكا ودار شكران وقوشتبة...، عاشر قلوب بعض اللاجئين فيها، تمشَّ بين الأزقة والشوارع، اذهب إلى معبر سيمالكا، ولكن حذارِ أن تدخل مكاتب أحزابنا؛ فلن تجد هناك آلام الفقراء والمحتاجين.

 

في النهاية سيّدي الرئيس، أعلم جيّداً بأنك تعلم بكل شاردة وواردة عن أحزابنا الكوردية – السورية، وبأنك وقيادتك وحكومتك على علم ودراية بكل شيء عنهم وعن اللاجئين، من فساد واستغلال وتشبيح «حزبي وفكري واجتماعي وأمني»، ومحسوبيات ووساطات وفوضى قراراتية – مزاجية، وانتهازيات واستفزاز البسطاء...، ولكن هو سؤال واحد لا غيره «ما الحل حتى لا نُهان على أرضكم؟!».