نتائج كارثية للدراسة الاعدادية: نسب نجاح متدنية لا ترتقي الى صفر بالمئة في بعض المدارس
برغم ان الحديث بشأن الامتحانات الوزارية (البكالوريا) للسادس الإعدادي في العراق لعام 2023 ـ 2024، كشف عن أكثر عن 700 ألف ممتحن وارتفاع نسبة طلبة الفرع العلمي منهم بسبب إلغاء العمل بالفرعين الإحيائي والتطبيقي، وبرغم ان الامتحانات جرت في اوضاع من الاستقرار مقارنة بما كانت تشهده البلاد، فان النتائج جاءت مخيبة للآمال.
وبرغم تصريحات وزارة التربية المتفائلة بان العام الدراسي الحالي من الأعوام "الناجحة" وبرغم ما تمتعت به الوزارة من دعم فيما يتعلق بمخصصات الموازنة، او في تزايد اعداد المعلمين والمدرسين الذين جرى تعيينهم من المحاضرين وأصحاب الشهادات التي جعلت عددهم يفوق المليون، الا ان النتائج جاءت بعكس المتوقع.
وتشير نتائج الامتحانات المعروضة في موقع الوزارة او غيرها من المواقع الى ان هناك انخفاضا كبيرا في نسب النجاح وارتفاعا كبيرا في عدد الراسبين، وقد ذكرت تصريحات وكشف واقع الحال، إن معدل نسبة النجاح هي اقل من 10% في معظم المدارس في بغداد والمحافظات، كما إن هناك مدارس لم تحقق أية نسبة من النجاح أي إن نسبتها (صفر %) برغم إن طلبتها دخلوا القاعات وأجابوا على أسئلة الامتحان. يأتي ذلك كنسب عامة برغم اعلان وزير التربية ان "76 طالباً حصلوا على معدل 100%".
وبرأي تربويين فانه، إذا كان هناك من يعتقد إن انخفاض نسبة النجاح يعود لتعمد بعض الطلبة ترك الإجابات او حذفها في بعض الدروس التي أثارت تساؤلات في حينها ومنها (الرياضيات، الفيزياء) لإعادة المحاولة في الدور الثاني "وربما الدور الثالث مثلما جرى في مدة سابقة"، فان ذلك لا يسوغ الدرجات ونسب النجاح المتدنية لكل درس من دروس الامتحانات، فيما يفسر بعض التربويين الامر بانه بسبب الرقابة هذه السنة على شبكة الانترنت ومنع استعمالها بصورة غير قانونية من قبل الطلاب لسرقة الاسئلة.
وحتى المدارس التي كانت تعرف بتميزها شملها هذا الداء؛ ففي مراجعة لتلك النسب في إحدى المدارس ضمن تربية الكرخ الاولى التي حصلت على المرتبة الأولى في نسب النجاح للفرع العلمي، نجد إن هناك انخفاضا في نسب النجاح لعدد من الدروس، ففي ثانوية الكرخ للبنين العريقة مثلا، كانت نسب النجاح الكلية 7%.
واستخلصنا البيانات الآتية فيما يتعلق بعدد الممتحنين ونسب النجاح؛ الكرخ الاولى - ثانوية الكرخ: المشاركون 55 الناجحون 4 نسبة النجاح 7%، الكرخ الثالثة إعدادية الزوراء: المشاركون 75 الناجحون 11 النسبة 15 %.
الانبار - ثانوية الرمادي: المشاركون 135 الناجحون 7 نسبة النجاح 5%، البصرة - الإعدادية المركزية: المشاركون 291 الناجحون 24 النسبة 8%، الديوانية - إعدادية الكرامة: المشاركون 37 الناجحون 1 النسبة 2%.
وفي الرصافة الاولى ببغداد إعدادية الصادق: المشاركون 160 الناجحون 5 النسبة 3%، الرصافة /3 - إعدادية الرافدين: المشاركون 179 الناجحون 6 النسبة 3%.
في النجف - إعدادية النجف: المشاركون 435 الناجحون النسبة اقل من 1%، بابل - إعدادية الإسكندرية: المشاركون 107 الناجحون 9 النسبة 8%، ديالى - إعدادية أبي حنيفة: المشاركون 181 الناجحون 7 النسبة 4%.
وفي ذي قار - إعدادية الناصرية: المشاركون 189 الناجحون 21 النسبة 11%، صلاح الدين- الإبراهيمية: المشاركون 66 الناجحون صفر النسبة صفر%، كربلاء - إعدادية المكاسب: المشاركون 81 الناجحون 9 النسبة 11%، كركوك - الاعدادية المركزية: المشاركون 312 الناجحون 29 النسبة 9%.
وفي محافظة ميسان - إعدادية الثورة: المشاركون 270 الناجحون 8 النسبة 3%، نينوى - إعدادية خالد بن الوليد : المشاركون 51 الناجحون 4 النسبة 8%، . واسط - إعدادية الكوت: المشاركون 188 الناجحون 20 النسبة 11%.
وبمراجعة لمدة زمنية سابقة ولنقل 5 سنوات كان يفترض ان تتغير اشياء كثيرة نحو الايجاب وبضمنها نتائج العملية التعليمية، الا ان الملاحظ ان النتائج ظلت على سوئها والمفارقة ان ذلك شمل حتى المدارس الاهلية وجرى التحذير من تبعاته بصورة مبكرة بالإشارة الى نتائج الدراسة المتوسطة التي تنعكس حتما على الدراسة الاعدادية لاحقا، وعلى سبيل المثال عام 2019 في البصرة بينت نتائج 36 مدرسة أهلية ان نسبة النجاح فيها صفر بالمئة.
وفي حينها وبحسب ما نشرت وكالة شفق نيوز للأنباء دعا النائب جمال المحمداوي الجهات المعنية لمعالجة الوضع، مطالبا وزارة التربية ومحافظ البصرة باتخاذ اجراءات "حازمة" ضد المدارس التي حققت نسب نجاح متدنية، بعد اعلان نتائج الثالث المتوسط، أبرزها محاسبة المدارس الاهلية التي نسبة نجاحها (صفر %) والبالغ عددها (36) مدرسة، وتغيير ادارات المدارس الحكومية والاهلية التي نسبة النجاح فيها اقل من (25%) واتخاذ اجراءات مناسبة بحقها، بحسب ما صرح النائب في حينه.
ان انخفاض نسب النجاح في الدراسة الإعدادية في العراق، ووصولها إلى 0% في بعض المدارس، يعكس تحديات كبيرة تواجه النظام التعليمي. هذه الظاهرة تنجم عن مجموعة من الاسباب من بينها تدهور البنية التحتية التعليمية، اذ ان كثيرا من المدارس في العراق تعاني من نقص في البنية التحتية الملائمة، كما ان المدارس قد تكون مزدحمة، تفتقر إلى الفصول الدراسية المناسبة، أو تعاني من نقص في المعدات والمواد التعليمية الأساسية، وان قلة الموارد تؤثر سلباً على جودة التعليم وتجعل من الصعب على الطلاب التركيز والاستفادة من الدروس.
وبعض المدارس تعاني من نقص في عدد المعلمين المؤهلين، أو قد تكون الملاكات التعليمية غير كافية لتغطية جميع المواد الدراسية بشكل فعال، فضلا عن غياب التدريب المستمر للمعلمين وعدم توفير الحوافز الكافية قد يؤدي إلى ضعف الأداء التدريسي.
وكذلك يمكن القول، ان المناهج الدراسية في بعض الأحيان تكون قديمة وغير متماشية مع احتياجات العصر؛ الطلاب قد يواجهون صعوبة في فهم المحتوى إذا كان لا يعكس الواقع أو لا يتناسب مع قدراتهم، وعدم ربط المناهج باحتياجات سوق العمل يزيد من فقدان الدافع لدى الطلاب.
وكان الوضع الأمني والسياسي غير المستقر والصراعات والنزاعات في بعض المناطق قد اثر بشكل مباشر على العملية التعليمية، و عدم الاستقرار يؤثر أيضاً على نفسية الطلاب ويقلل من تركيزهم على التعليم.
وكثير من العائلات العراقية تعاني من الفقر، مما يضطر الطلاب إلى العمل لمساعدة أسرهم بدلاً من التركيز على الدراسة، والفقر قد يؤدي أيضاً إلى نقص في الموارد الأساسية للطلاب مثل الكتب، الأدوات المدرسية، وحتى الغذاء الكافي، مما يؤثر سلباً على قدرتهم على التعلم.
وكذلك فان الإضرابات والتغييرات المتكررة في النظام التعليمي، فضلا عن التأخر في بدء العام الدراسي أو عدم انتظام الدوام الدراسي، تؤدي إلى تراجع الأداء الأكاديمي، وان الفوضى الإدارية أو نقص التخطيط السليم قد يسهمان في انخفاض جودة التعليم.
كما يتعرض كثير من الطلاب الى الضغوط النفسية المرتبطة بالصعوبات الاقتصادية، والنزاعات العائلية، والمشكلات الاجتماعية الأخرى التي تؤثر على تركيز الطلاب وقدرتهم على التحصيل الدراسي، وان غياب الدعم النفسي في المدارس يزيد من تفاقم هذه المشكلة.
في بعض الأحيان، قد يكون هناك نقص في الرقابة الفعالة على العملية التعليمية في المدارس، وعدم تواجد تقويم منتظم لأداء المعلمين والمدارس، ذلك يجعل من الصعب اكتشاف المشكلات وحلها في وقت مبكر، وكذلك الاعتماد على وسائل تقويم قديمة أو غير مناسبة قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة بشأن أداء الطلاب.
كما ان كثيرا من الطلاب قد يكونون من النازحين داخلياً أو المهاجرين، وهو ما يعني أنهم قد يواجهون تحديات إضافية مثل اللغة، الاندماج الاجتماعي، أو التكيف مع بيئة تعليمية جديدة وهذه العوامل تؤثر بشكل كبير على قدرتهم على النجاح في الدراسة.
وان الفساد في بعض المناطق قد يؤثر على توزيع الموارد التعليمية، ويؤدي إلى سوء إدارة المدارس، مما يضعف النظام التعليمي ويؤدي إلى تدهور جودة التعليم.
ان انخفاض نسب النجاح في الدراسة الإعدادية يعد مؤشرا خطيرا على تدهور جودة التعليم في العراق، وبحاجة إلى تدخلات شاملة من قبل الحكومة والمجتمع المدني لتحسين البنية التحتية، وتطوير المناهج، وتدريب المعلمين، ودعم الطلاب نفسيا واجتماعيا، وذلك ما يجمع عليه المتخصصون.