في السياسة الأمريكية لا يوجد شيء اسمه ( الصدفة ) لاسيما أننا نستذكر الذكرى الرابعة والسبعين على تأسيس أول جمهورية كوردية في العصر الحديث على يد الشهيد القاضي محمد بمهاباد في عام 1946 والتي استمرت ما يقرب من 11 شهرًا بسبب المؤامرات التي حِكيت ضدها من قبل أعداء الشعب الكوردي وعندما تأسست تلك الجمهورية أعطى القاضي محمد عَلَم كوردستان للجنرال ملا مصطفى بارزاني من أجل المحافظة عليه وظل البارزاني الخالد محافظًا عليه إلى أن توفاه الله - سبحانه وتعالى - بعد أن خاض جولات وصولات مع الحكومات العراقية المتعاقبة التي تملّصت عن حقوق الشعب الكوردي وتهرّبت منها واتّبعت سياسة التسويف والمماطلة وبعد ذلك قَادَ ثورتي أيلول وگولان التحرريتين فكانت من إنجازات ثورة أيلول المباركة التي نتجت عنها اتفاقية 11 آذار في عام 1970 إلا أن الحكومة العراقية لم تلتزم ببنود تلك الاتفاقية فاستمرت الحركة التحررية في مواصلة النضال من أجل كوردستان فانتقلت القيادة إلى السيد مسعود بارزاني بعد رحيل والده الجنرال ملا مصطفى بارزاني ثم قام صدام حسين وزبانيته بحملة الأنفال السيئة الصيت ضد شعب كوردستان والتي راح ضحيتها 182000 مواطن كوردي مدني و8000 من البارزانيين وتدمير 4500 قرية من الوجود واتّباع سياسة التعريب والتغيير الديمغرافي الممنهج والترحيل القسري للكورد وتوطين العرب في محل سكناهم فلم يكن أمام قيادة كوردستان إلا أن تقوم بانتفاضة كبيرة في عام 1991 ضد سلطة البعث الصدامي فأخرجوهم من كوردستان الجنوبية وتأسست أول حكومة كوردستانية في عام 1992 فأصبحت المحافظات الثلاث : ( أربيل والسليمانية ودهوك ) تحت سيطرة الكورد إلى سقوط نظام البعث الصدامي في 2003 .
وفي عام 2005 ثبت اسم إقليم كوردستان في الدستور العراقي وتم الاعتراف به رسميًا وإن كان هذا المصطلح موجودًا منذ تشكيل أول حكومة في كوردستان وبدأت كوردستان تتجه نحو البناء والإعمار فأصبحت من المناطق الآمنة على مستوى العالم مما أعطى الفرصة السانحة لإيجاد الأرضية المناسبة للاستثمار في كوردستان من قبل الشركات العالمية للاستثمار في كوردستان .
وكان نصيب كوردستان من الميزانية في الحكومة الاتحادية 17% فانتهزت حكومة كوردستان تلك الميزانية من أجل بناء كوردستان ومواكبة عجلة التقدّم فالواقع يشهد بذلك ولكن كل ذلك لم يُعجب بعض ساسة العراق فقطعوا تلك الميزانية مع رواتب موظفي كوردستان إلا أن إصرار شعبنا في مواجهة التحديات كان له الدور الأكبر للتغلب على تلك الأزمة الاقتصادية التي مرت بها علاوة على ذلك مجيء تنظيم الدولة الإسلامية واحتلاله للمناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان وقادوا حملة بربرية تجاه الكورد الإيزيديين في شنگال في 3-8-2014 وبسبب عدم وجود الأسلحة المتطورة بيد قوات الپيشمرگة فضلًا عن عدم تسليحهم من قبل الحكومة العراقية وتحديدًا في حقبة نوري المالكي ثم هروب الجيش العراقي من المحافظات السنية في سنة 2014 وتركوا تلك الأسلحة المتطورة للتنظيم ممّا أدّى إلى سقوط المناطق السنية بيده فسارعت الدول بتقديم الدعم العسكري واللوجستي لقوات الپيشمرگة البطلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا فكسرت شوكة تنظيم الدولة الإسلامية وحُررت مناطقنا الكوردستانية بقيادة الرئيس مسعود بارزاني علمًا أن الحكومة العراقية لم تقدم الدعم العسكري لقوات الپيشمرگة ولكون قواتنا قاتلت عن عقيدة كوردستانية وتحملوا أصعب الظروف كي لا تسقط كوردستان بيد تنظيم الدولة الإسلامية ولهذا السبب انتصرنا على عصابات أبي بكر البغدادي .
وبعد ذلك أجرى فخامة الرئيس مسعود بارزاني سلسلة من الاجتماعات واللقاءات من أجل التوصل لحلول حول الميزانية والرواتب ومشكلة المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان والمعروفة بالمادة 140 في الدستور العراقي إلا أن المفاوضات لم تجلب أية فائدة ونتائج إيجابية وحلول ناجعة ولم يكن أمام الرئيس البارزاني سوى التوجه إلى مشروع الاستفتاء من أجل الاستقلال والذي حقّق نسبة كبيرة من المصوّتين في كوردستان والمناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان فكانت النتيجة 92.73% بــ ( نعم ) من أجل الاستقلال والذي أجري في 25-9-2017 فتعرضنا بعدها إلى خيانة داخلية قبل بعض جحوش القضية الكوردية في 16 أكتوبر 2017 فحاولت الحكومة العراقية في حقبة العبادي بفرض حصار اقتصادي وحظر للطيران ثم راهن بعض السياسيين بأن مسيرة فخامة الرئيس مسعود بارزاني انتهت سياسيًا بعد مغادرة كرسي رئاسة إقليم كوردستان ولم يكونوا موفقين في تكهناتهم وحساباتهم السياسية لأن الرئيس مسعود بارزاني أصبح محور للعملية السياسية وبدأت الوفود تتزاحم في ( سري بلند ) بمصيف صلاح الدين فتخلصنا من تلك الأزمة الاقتصادية الخانقة بسرعة البرق من فك الحصار وحظر الطيران الجوي. ثم قامت جماهير كوردستان بتوجيه صفعة كبيرة على وجوه أعداء القضية الكوردية في الانتخابات البرلمانية العراقية والكوردستانبة فكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو الأول على العراق وكوردستان من حيث حصده للأصوات والمقاعد البرلمانية ثم بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية تم الاتفاق ما بين الكتل السياسية على اختيار الدكتور عادل عبدالمهدي رئيسًا للوزراء والذي حاول تصحيح مسار العملية السياسية وتقليص الفجوة ما بين الحكومتين الاتحادية والكوردستاتبة وتقريب وجهات النظر من أجل حلحلة المشكلات المتفاقمة وقد نجح في بعض خطواته إلا أن تلك الخطوات لم ترق لبعض الساسة الذين يسكنون في البروج العاجية ويأخذون الإملاءات من بعض الدول الإقليمية فخرجت المظاهرات ضد حكومة الدكتور عادل عبد المهدي بحجة عدم وجود الخدمات وفرص التعيين علمًا أننا مع الشعب ومطالبه إلا أن الدكتور عادل عبدالمهدي لا يتحمل ذلك لأنه جاء بعد تركة ثقيلة من قبل الحكومات السابقة من الفساد في جميع مفاصل الدولة فاضطر بتقديم استقالته تلبية لرأي مرجعية النجف ومنذ تقديم استقالته وإلى هذا اليوم لم يستطيعوا أن يجدوا شخصية سياسية لاستلام دفة الحكم على مقياسهم وتنفيذ رغباتهم فيومًا بعد يوم يتفاقم الوضع في بغداد والمحافظات الجنوبية لعدم جدية الحكومة بتنفيذ مطالب المتظاهرين .
وهل سيقوم العراق باستيراد شخصية سياسية لإدارة الحكم كما فعلوا مع الملك فيصل في سنة 1921 ؟!
وأثناء هذه الفوضى العارمة في بغداد وبقية المحافظات العراقية وجّه المنتدى الاقتصادي في داڤوس بسويسرا دعوة للسيد نيچيرڤان بارزاني رئيس إقليم كوردستان واجتمع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السيد دونالد ترامپ بالسيد نيچيرڤان بارزاني على هامش المنتدى في يوم الأربعاء 22-1-2020 إن الاجتماع بهذا اليوم تحديدًا لم يأتِ من فراغ ولاسيما في الحسابات الأمريكية وهذا اليوم هو من أهم الأيام التأريخية في الحركة التحررية الكوردستانية ألا وهو ولادة جمهورية مهاباد في كوردستان إيران كما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامپ من ضمن جدوله أعماله أن يجتمع بالرئيس العراقي الدكتور برهم صالح فُقدِّم اجتماع فخامة الرئيس نيچيرڤان بارزاني على الرئيس العراقي وهذا مؤشر إيجابي بأن قادة الكورد هم محل الثقة لدى القيادة الأمريكية وقد أعلن البيت الأبيض نتائج هذا الاجتماع أن الشراكة مستمرة ما بين إقليم والولايات المتحدة الأمريكية وأنهما مستمران في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) .
ومن خلال إلقاء نظرة خاطفة حول لغة الجسد في هذا اللقاء من قبل الرئيسين ساد جو من الفرح والسعادة ولاسيما أن السيد البارزاني كان في موقف ثابت وصلب ومصافحته لترامپ دليل على ثقته بنفسه وأنه يمثل الكورد في العالم علاوة على ذلك وجود علم كوردستان خلف الرئيس نيچيرڤان بارزاني وقد وصف ترامپ في بداية لقائه السيد نيچيرڤان بارزاني بـ ( Great fighter ) المحارب الكبير !
وفي سابقة من نوعها أن قناة Fox News الأمريكية نشرت عبر الشريط الإخباري لها ( TRUMP HOLDS MEETING W/ KURDISTAN PRESIDENT )
ترامپ يجتمع مع رئيس كوردستان !
وهنا يجب أن نقف عندما هذه النقطة الحساسة فقد قامت القناة بإلغاء مصطلح ( الإقليم ) وذكرت رئيس كوردستان وأن هذا الأمر لم يكن اعتباطًا وعبثًا من تلك القناة الأمريكية التي لها جمهور كبير من المتابعين في أمريكا فالكبار يعرفون من هم الثوّار والقادة الحقيقيون لكوردستان الذين يعملون من أجل شعبهم !
وقد اجتمع رئيس كوردستان السيد نيچيرڤان بارزاني بكبار الشخصيات الدولية من رؤساء الدول والشخصيات الدبلوماسية على هامش منتدى داڤوس في دورته الخمسين بسويسرا .
وما تمخض عن هذا الاجتماع هو نتاج ثمار الاستفتاء من أجل الاستقلال وكان فيه رسائل متعددة منها العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوردستان ستكون أقوى من قبل ورسائل إلى الداخل والدول الإقليمية ودول العالم أن كوردستان هي الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة .
إن ما يقوم به مهندس الدبلوماسية الكوردستانية السيد نيچیرڤان بارزاني من خلال جولاته المكوكية ولقاءاته بقادة دول العالم سيظهر نتائجه في المستقبل القريب كيف لا وهو حفيد البارزاني الخالد الذي أصبح مشرفًا على الجيش في جمهورية مهاباد أول جمهورية كوردية في العصر الحديث وفي هذا اليوم يلتقي رئيس أعظم وأقوى دولة في العالم السيد ترامپ بالسيد نيچیرڤان بارزاني رئيس كوردستان .