إدراج حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله اليمنية ضمن قوائم المنظمات الإرهابية من قبل السلطات العراقية ليس عملاً أثار رد فعل غاضب جداً من قبل شريحة واسعة من العراقيين وكذلك اللبنانيين واليمنيين، بل أنه كشف عن "فضيحتين" من العيار الثقيل، بل الباليستي.

الفضيحة الأولى هي "تماهي" الحكومة المنتهية ولايتها "ضمناً" مع رغبة إسرائيلية بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من قبل الدول العربية والإسلامية لتجريده من القاعدة الشعبية وأي تعاطف اجتماعي قومياً كان أو دينياً أو مذهبياً أو تحررياً -هناك تنظيمات سياسية وفكرية ترى في حزب الله مقاومة وطنية ضد دولة محتلة-، وكذلك الحال بالنسبة لجماعة أنصار الله اليمنية، وبالتالي سيكون التصنيف ضربة مزدوجة تستنزل عقوبات دولية على الحزب والجماعة وتسحب من تحتهما بساط التعاطف الجماهيري.

وبالتالي، الحكومة العراقية وضعت نفسها في حرج محلي وإقليمي ودولي كبير، مقابل ماذا؟.

في مثل هكذا قرارات بالتأكيد تكون الأولوية للمصلحة الوطنية على حساب باقي الاعتبارات العاطفية، وهذا أمر لا إشكال فيه، لكن الإشكال يمكن في ماهية المصلحة الوطنية التي قصدتها الحكومة العراقية في هذا القرار؟، فحزب الله وأنصار الله حالياً لا يشكلان تهديداً أمنياً ولا اقتصادياً للعراق فهناك موانع جغرافية وكذلك دبلوماسية حيث أنهما ليسا حكومتان تمثلان لبنان واليمن وأيضاً لا تمثيل دبلوماسي لهما في العراق كحزبين سياسيين، ولذلك وجودهما من عدمه لا يشكل خطراً على العراق.

في المقابل، استعداء الحزب والجماعة قد يمثل خطراً واقعياً على أمن واقتصاد العراق، فلربما كان رد فعل الحزب والجماعة على هذا التصنيف هو إعلان العراق دولة عدوة، وتحت هذا البند يمكن لحزب الله ضرب المصالح العراقية في لبنان وربما تفجير المصفى النفطي الذي أبرمت حكومة السوداني اتفاقية مع نظيرتها اللبنانية لإنشائه في بيروت، كما يمكن للحوثيين ضرب ناقلات النفط العراقي في البحر الأحمر وبحر العرب، فهل هذا مستبعد بالنسبة للحكومة أم أنها استطلعت الغيب وعرفت ما يجول في خيال قيادات الحزب والجماعة مسبقاً وأنهم لن يقوموا بأي رد فعل على ما جرى؟!.

وليت هذه الحكومة اكتفت بالفضيحة وألقت الكرة في ملعب مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي وقالت: ليس لنا من الأمر شيء.

المصيبة أن "التخبط المخجل" في نفي صحة هذا القرار كان أشد فضيحة من إقراره، إذ يبدو أن الحكومة العراقية ورئيسها ووزرائها وجيش المستشارين "الفضائيين" لا يعرفون أن ما يتم نشره في جريدة الوقائع العراقية هو مرسوم جمهوري وإشعار رسمي عن قانون تم إقراره وفق السياقات القانونية بعد مروره بالسلطات والجهات المعنية المتعددة، وبنشره في الجريدة يعتبر قانوناً نافذاً واجب التنفيذ، أما التنصل بأنه خطأ فني أو مطبعي فهو أمر مضحك ومخجل.

كما أن تبرير البنك المركزي العراقي للتصنيف بأنه "جاء بناء على طلب من دولة ماليزيا بخصوص تجميد أموال وأصول أشخاص وكيانات مرتبطة بداعش والقاعدة"، فهو أكثر إضحاكاً، فهل السيد حسن نصرالله كان على دين ابن تيمية وبايع أبو بكر البغدادي، أم أن عبد الملك الحوثي كان على دين محمد بن عبد الوهاب وبايع أسامة بن لادن، لكي يتم اعتبار نصرالله والحوثي "مرتبطان بداعش والقاعدة"؟!.

الفضيحة الثانية هي مجلس النواب، هذا المجلس المكون من 329 مفترساً يفترسون الموازنة العراقية شهرياً بمليارات الدنانير كرواتب ومخصصات حماية وبدلات إيجار سكن ونفقات وقود وصيانة لمواكبهم المهيبة وتأثيث لقصورهم المنيفة، تبين أن هؤلاء الـ329 مقدساً لا يقرأون جريدة الوقائع العراقية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بواجبهم ووظيفتهم التي تحت غطائها يفترسون ثرواتنا.

نصيحة منيّ للحكومة المنتهية ولايتها ولمجلس النواب المنتهي الصلاحية أيضاً، استعينوا ChatGPT وغيره من برامج الذكاء الاصطناعي قبل أن تقوموا بالتصويت على فضائح جديدة، وهو لن يكلفكم سوى أن تصدروا "فرماناً" من أفواهكم المباركة إلى جيش البطالة المقنعة في مكاتبكم ليحرك العاملون فيها أصابعهم المخملية على الكيبورد ويطلبوا المشورة من قداسة الشيخ "الذكاء الاصطناعي" دام ظله الوارف وتبارك فهمه العارف.