لم يكتف رموز المحاصصة الطائفية بمسك السلطة والاستئثار بها من اجل مصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية. كما لم يكتفوا بفرض إرادتهم، عبر مختلف السبل ومنها الابتزاز، بهدف تشريع قوانين تسهم في تكريس وجودهم في السلطة. ولم يغادروا نهج الهيمنة. كما انهم لا يترددون في ارتكاب الموبقات من اجل البقاء في السلطة التي تعني لهم المال والنفوذ والامتيازات، والحصانة من المحاسبة على جرائم الفساد وسوء الادارة والتفريط بموارد البلد.
من اجل السلطة وامتيازاتها ارتكبوا الأفعال الشائنة التي لا تقبلها القيم الانسانية والأعراف الاجتماعية، وسيقدمون من اجل ذلك على ارتكاب افعال أشنع.
خوفهم من فقدان مواقع السلطة جعلهم ينظمون حملة إعلامية مادتها التشويه والكذب والتدليس وقلب الحقائق. حملة تحاول النيل من التيار المدني. لكن من اين للفاشلين إدارة حملة إعلامية ناجحة، حملة لا بد لنجاحها من المصداقية والموثوقية والموضوعية؟ وها ان حملتهم توفر للناس مادة للسخرية والاستهزاء والتندر.
ان من حسن حظ التيار المدني ان له خصوما فاشلين حقا وصدقا، وفاشلين حتى في ادائهم مقابل حسن أدائه. فلهذا ورغم ضعف الامكانيات وتواضعها، استطاع قلب عناصر حملة التشويه لصالحه، عكس ما أراد من نظم حملة التشويه وخطط لها.
يتضح جليا الرعب الذي ينتاب قيادات الكتل المتنفذة ورموزها من تنامي دور التيار المدني وتصاعد دوره السياسي، وحضوره الميداني، واتساع نفوده في اوساط الرأي العام، بفضل إسهامه الفعال في حركة الاحتجاج السلمية، ونجاحه في صياغة مطالب تصب في مصلحة المواطنين، وتؤشر شجاعته في فضح الفساد والمفسدين الذين نهبوا أموال الدولة وثروات الشعب. هذا وغيره جعل مساحة المراوغة امام رموز المحاصصة محدودة، فلم يخفوا ضيق صدورهم من النقد الذي وجهه التيار المدني الى نهج المحاصصة الذي اعتمدوه في إدارة البلد.
المضحك في حملة التشويه هذه اتهام التيار المدني بالعمالة لواشنطن. والذاكرة، ومثلها غوغل، يزخران بوقائع من كانت واشنطن وما زالت قبلة لهم، منذ مؤتمرات المعارضة التي عقدت في لندن وفيينا وصلاح الدين وحتى الآن.
اما توجيه تهمة الالحاد فهو محاولة بائسة لا تنطلي على احد، فالمدنيون لم يتعرضوا يوما للدين، وقد عبروا في اكثر من مناسبة عن احترامهم للدين وللمتدينين. ولم تكن ساحة الدين يوما ساحة معركة للمدنيين، انما معركتهم مع من يتاجرون بالدين، وبالطائفة، تغطية للفساد ولنهب الاموال العامة.
اما المضحك المبكي، فهو انهم يعزون النصر الذي تحقق على داعش لهم وحدهم، محاولين تجزئة النصر، وتقزيمه.
والنصر لم يكن له ان يتحقق لولا تلاحهم الإرادتين الوطنية والشعبية.
نعم، النصر هويته عراقية بامتياز. لكن من اين لمن جعل الهوية الطائفية عنوانا له، ان يدرك معنى المواطنة؟