أعلنت وزارة التخطيط عن ارتفاع نسبة التضخم هذا العام الى 6 في المائة.
والتضخم مصطلح اقتصادي يستخدم لتأشير الزيادة في أسعار السلع والخدمات في فترة محددة، والتي يرافقها انخفاض القدرة الشرائية للعملة المحلية وتدنّي قيمتها مقابل العملات الصعبة.
التضخم بتفسير مبسط هو كالسارق الذي يقوم باختلاس النقود من جيوب المواطنين باستمرار وبمعدّل صغير خلال فترة من الزمن من دون أن يشعروا بذلك. ولإعطاء مثال على ذلك نذكر ان سعر اللتر من زيت الطعام كان قبل عام ألفا وخمسمئة دينار فقط، بينما وصل سعره اليوم الى ثلاثة الاف دينار. وهذه الزيادة في السعر تسمى التضخم. والزيادة الحادَّة هذه في سعر لتر الزيت هي دليل على أن القوة الشرائية للدينار العراقي قد انخفضت.
ان استمرار ارتفاع معدلات التضخم يدلل بوضوح على عدم توقف الآثار السلبية لقرار خفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار، الذي ادى الى ارتفاع أسعار عموم المواد، بضمنها المواد الغذائية الأساسية كالسكر والزيت والطحين والرز. وهو ما نجمت عنه تداعيات قاسية بالنسبة لمعيشة المواطنين وحياتهم، بجانب مشاكل وظواهر اجتماعية خطيرة، لم يألفها المجتمع العراقي، مثل الانتحار وجرائم القتل لافراد العائلة الواحدة، واتساع ظاهرة الطلاق، التي دفعت بسبب خطورتها مجلس القضاء الأعلى الى إصدار بيان قبل يومين، يحذر من اثار هذه الظاهرة، وجاء فيه ان “انتشار الظاهرة أصبح مشكلة، تعود أسبابها إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن الظروف التي مرت بها البلاد، وبضمنها البطالة وأزمة السكن.
عند القيام بجردة حساب للمشاكل والاثار والتداعيات السلبية لقرار خفض قيمة عملتنا الوطنية، وعند السؤال عن أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا القرار الخطير الذي أضر بالملايين من اصحاب الدخل المحدود والكادحين والشرائح الفقيرة والمهمشة. وتبرز امامك دون عناء، حقيقة انه انحياز طبقي بامتياز لصالح المضاربين بالعملة واصحاب البنوك ومزوري الفواتير لتعظيم ثرائهم الفاحش.
يقال ان أرباح شخص معين صاحب مجموعة مصارف تجاوز 50 مليار دينار شهريا، ووصل معدل أرباح صاحب بنك آخر 15 مليار دينار شهريا، فيما يعاني ملايين العراقيين من البطالة والتهميش ومن ذل الجوع والحرمان. لهذا فان استمرار سريان القرار يشكل انحيازا غير منصف للشرائح الطفيلية غير المنتجة، التي ليس لها أي دور إيجابي في العملية الاقتصادية، بل يقتصر دورها على النهب المنظم للمال العام بحماية بالفاسدين.
لقد بان بوضوح الهدف من قرار خفض قيمة الدينار، ولا تصمد أية حجة لتبرير هذا الاجراء الخطير بعد كل نتائجه الكارثية على المجتمع. فلا اقتصاد تم تنويعه، بل بقى ريعيا بامتياز، ولا اقتصاد وطني جرت تنميته، ولا بنية تحتية تم إنشاؤها. فيما لم يحصل الإنتاج الوطني على أي حماية، ولا على تخفيض ضريبي او إعفاءات من رسوم، وبقي يواجه تدفق السلع الرديئة التي اغرقت اسواقنا، والتي تصلنا من دول الجوار. فيما لم تتراجع كميات الدولار التي يعرضها مزاد البنك المركزي، بل بلغ معدل البيع 200 مليون دولار يوميا، وهو اعلى من المعدل السابق للقرار، الامر الذي يدحض كل الادعاء والتبريرات التي تضمنتها الورقة البيضاء.