اضحت عودة دونالد ترامب الى البيت الابيض، موضوع الساعة في العالم باجمعه، وهذا مؤشر على تأثير الانتخابات الامريكية على جميع الدول، وليس على الداخل الامريكي فقط، على الرغم من ان السياسة الخارجية ليست ذات اهمية لدى الناخب الامريكي، او انها لا تصبح موضع تجاذب بين المواطنين.

وفقا لاستطلاعات الرأي بشأن الموضوعات ذات الاهمية لدي الناخبين الأمريكيين، فان السياسة الخارجية لا تشكل سوى 4% من دائرة الاهتمامات  لديهم، وهذه نسبة ضئيلة اذا ما قورنت بالمسائل الاخرى مثل الاقتصاد والديمقراطية والهجرة والبيئة والاجهاض، وهذا ما يجعل الرئيس او الادارة الامريكية الى حد بعيد غير مقيد في تمشية السياسة الخارجية، لذلك من حق دول العالم ان تتخوف من الرئيس الجديد وسياساته، خصوصا ان شخصا مثل ترامب الذي يعرف بانه رئيس مختلف في تصرفاته وسلوكه السياسي، دونالد ترامب رئيس غالبا ما يظهر نفسه بانه يسعى دوما الى اجراء التغييرات في الشكل التقليدي في ادارة الحكم في امريكا، وهذه نقطة مهمة عند مواطنيه، لذلك حقق النجاح بقوة هذه المرة. ان الاوضاع الاقتصادية السيئة تشكل دوما ارضية خصبة لتنامي ونهوض السياسيين الشعبويين، والوضع الحالي في امريكا  من الجانب الاقتصادي مصاب بالتضخم، لذلك اعاد الامريكيون انتخاب ترامب.

في منطقة الشرق الاوسط رحبت كل من تركيا واسرائيل بعودة ترامب، وايران قلقة، وروسيا سعيدة واوربا والناتو واوكرانيا قلقة، وبعض الدول العربية ايضا لا تحبذ عودته، والعراق سيكون في وضع سيء بسبب المجاميع المسلحة وعلاقاته مع ايران، ومن الواضح ان كل دولة من تلك الدول تنظر الى عودة ترامب من منظور مصالحها، اما بالنسبة لاسرائيل فان عودته تعني الدعم التام ، ومع تركيا لا يعتقد ان تسوء العلاقات من اجل مجرد عنوان، ففي الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية سلمت جزءا من اراضي كوردستان سوريا التي تسيطر عليها الادارة الذاتية للـ(PYD) لتركيا، ومن الواضح ان تركيا اليوم ايضا عينها على الجزء الباقي وبانتظار ان يقوم ترامب بتسليمه لها، وبالنسبة لايران فمن الواضح ان ترامب يصر على الا تمتلك ايران السلاح النووي، اما بالنسبة لدول الخليج العربية فان ضمان امنها له مقابل منح الاموال حيث يقول: انه لن يحمي احدا بالمجان، ومن الواضح ان المشكلة في سياسة ترامب، انه لايهتم لمسائل الديمقراطية وحقوق الانسان، فهمه الملح هو اصلاح اوضاع الاقتصاد الامريكي، لذلك اذا استطاع فانه سيخفض من معوناته للناتو، فهو يعتقد بانه سيتوصل لاتفاق مع روسيا، حتى وان كان على حساب اوكرانيا، وعلى المستوى الدولي فهو لا يعبأ بالبيئة والاتفاقيات الدولية، في المرة السابقة انسحب من تلك الاتفاقيات، فشكل ادارة الحكم في الدول ليس مهما عنده اذا ضمن مصالحه الاقتصادية، لذلك نراه يعادي الصين بقوة، لانه يرى الصين كتهديد اقتصادي، ويعتقد بوجوب ايقافها، والذين يعتقدون بان عودة ترامب ستتسبب بمزيد من الحروب، ليست لديهم تصورات صحيحة، على العكس من ذلك فان ترامب لايؤيد الحروب، لان الحرب تعني عنده الضعف في الاقتصاد، وهذا ما يعارض رأيه، والدولة الوحيدة التي يعاديها بقوة هي ايران، بسبب خطرها على امن اسرائيل، والا فليس له عداء حتى مع ايران، فنظرة ترامب للسياسة هي نظرة اقتصادية وليس اي شيء آخر، فهو يعتقد ان امريكا ستعود عظيمة من خلال الاقتصاد فقط، وشعاره امريكا اولا، ولكن السؤال الملح هو هل بامكان ترامب فرض رأية على السياسة الامريكية، ام بمعنى اخر هل ستكون السياسة الامريكية عبارة عن نظرة ترامب؟ انا اعتقد بانه في المسائل الفرعية بامكانه تطبيق سياسته، ولكن في المسائل الاستراتيجية ستبقى الكلمة النهائية للمنظومة وليس لترامب، لان امريكا دولة مؤسسات والقرار الاخير تحدده المنظومة وليس الاشخاص.  

ترجمة : وكالة شفق نيوز