لم يبتعد القضاء العراقي يوماً عن نبض الشارع وهمومه، فقد حرص على البقاء دائما على تماس معه طوال السنوات، وعالج مشكلاته بنحو مباشر، قانونية كانت أم اجتماعية.
فالتواصل مع المجتمع يأتي من خلال عمليات الرصد والمتابعة وإيجاد الحلول وتطبيقها وقد يتعدى ذلك إلى حث الجهات ذات العلاقة على تسوية المشكلات سواء في الاجتماعات المباشرة أو عبر وسائل الإعلام.
في المدة الاخيرة، كثر الحديث عن عقارات العراقيين لاسيما العائدة لأبناء المكون المسيحي، مع وجود اتهامات بالاستيلاء على منازلهم وهم خارج البلاد من قبل عصابات.
القضاء ومن خلال محاكمه سعى للتثقيف باللجوء إليه، فأبوابه مفتوحة أمام الجميع، ورغم أن مشكلة الاستيلاء على العقارات تحصل في البداية لدى جهات أخرى، لكن القضاء بإجراءاته كفيل بحلها وإعادة الحقوق لأصحابها.
وهناك العديد من الدعاوى المعروضة أمام المحاكم المختصة سواء في بغداد أو المحافظات تخص هذه المشكلة، سواء لأبناء المكوّن المسيحي أو غيرهم، تم حسمها وذلك من خلال عملية مضاهاة لتوقيع المدعي بأن عقاره قد تم الاستيلاء على سنده.
وما يبعث على الاطمئنان أن هذه العقارات حتى وأن تم بيعها إلى أكثر من شخص فأن القرار القضائي كفيل بإعادة ملكيته إلى صاحبه الأصلي.
مجلس القضاء الأعلى عزز متابعة المحاكم لهذا الملف بإعمام أصدره في 7/ 9/ 2016، وفيما كرر مناقشة هذا الموضوع في جلسته المنعقدة في 20 من الشهر الماضي، اصدر إعماماً لاحقاً اكد من خلاله على اعمامه الأول.
الاعمام الأخير كرر توجيه المحاكم ببذل العناية البالغة في دعاوى تمليك العقارات العائدة للمواطنين، لكنه ركز على المسيحيين ليأتي متناغماً مع ما يثار في الشارع بأن الاستيلاء يحصل على عقارات أبناء هذا المكون على وجه التحديد.
ثمة إجراءات أخرى جاء بها بالإعمام، للحيلولة دون وقوع عمليات الاستيلاء بأي شكل من أشكاله بضمنها التقيد بقواعد الاختصاص المكاني للمحاكم واجراء المضاهاة التي تثبت على وجه اليقين صحة عقد البيع، وهذا يعد بمنزلة المعالجة الاستباقية، ومنع حصول التلاعب واستغلال حق التقاضي كوسيلة للتجاوز على حقوق الآخرين.
ما يأمله القضاء أكثر أن يلجأ المواطنون لاسيما ممن تعرضت أملاكهم إلى الاستيلاء إلى القضاء فهو الضمانة الوحيدة لتطبيق العدالة وإعادة الحقوق لأصحابها.