مع قرب بدء العام الدراسي في العراق، تواجه الأسر الفقيرة تحديات كبيرة في تدبير مستلزمات التعليم الأساسية لأطفالها، مثل الملابس المدرسية والقرطاسية. هذه المعاناة تعكس الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها كثير من الأسر، لاسيما في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ان تكاليف الملابس المدرسية تمثل عبئا ماليا كبيرا على الأسر الفقيرة، فقد تضطر الأسرة إلى استغلال ملابس مستعملة من الأعوام السابقة أو الاعتماد على تبرعات من الجمعيات الخيرية لتغطية هذا الاحتياج، وان عدم القدرة على توفير ملابس مدرسية جديدة قد يشعر الأطفال بالحرج أو التمييز في المدارس.
اما أسعار القرطاسية، التي تشمل الدفاتر، الأقلام، الحقائب المدرسية وغيرها من الأدوات، فتشكل تحديا إضافيا؛ وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يجد كثير من الآباء والأمهات أنفسهم مضطرين إلى تقليص نفقات أخرى أساسية مثل الغذاء أو الدواء لتوفير قرطاسية أطفالهم، في ظل تهاون المؤسسات التعليمية في توزيع القرطاسية، بل حتى الكتب المدرسية جرى التأخر في توزيعها في سنين سابقة ما ادى الى اضطرار الأسر لشرائها من السوق.
ان عدم القدرة على توفير الاحتياجات المدرسية يؤثر سلبا على نفسية الأطفال، اذ يشعرون بعدم المساواة مقارنة بزملائهم. هذا يمكن أن يؤدي إلى تراجع الأداء الدراسي أو حتى التسرب من المدرسة في بعض الحالات.
ولمواجهة هذه التحديات، لوحظ في اوقات سابقة تواجد بعض المبادرات من قبل منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية التي تسعى إلى توزيع ملابس مدرسية وقرطاسية على الأسر المحتاجة، كذلك، حاولت بعض المدارس توفير دعم جزئي أو إعفاءات من الرسوم للأسر الفقيرة، لكن هذه الجهود غالبا ما تكون غير كافية بالنظر إلى حجم الاحتياجات.
ومع بدء العام الدراسي الجديد، تظل معاناة الأسر الفقيرة في تدبير احتياجات أطفالهم المدرسية بحاجة إلى اهتمام أكبر من الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية، وان تعزيز الدعم الاجتماعي وتحسين الظروف الاقتصادية للأسر الفقيرة سيكون له أثر إيجابي على التعليم والمجتمع ككل.
المشكلة انه في جميع السنوات الدراسية السابقة، كان يجري التأكيد من المسؤولين على توفر المستلزمات الدراسية، غير ان القول والامنيات شيء والواقع شيء آخر.
وفي شهر آب 2024 كشف المكتب الإعلامي في وزارة التربية عن اجتماع موسع عقد لإنهاء إجراءات طباعة وتسليم الكتب المدرسية الى المخازن المركزية لغرض توزيعها مباشرة على المديريات العامة للتربية وحل أبرز المعوقات التي تعترض العمل، بحسب الوزارة، فيما جرى تحديد السابع من أيلول 2024 موعدا لإنهاء تسلم الكتب من المطابع.
ويتحدث المكتب الإعلامي في وزارة التربية عن تجهيز المديريات العامة للتربية بالكتب المدرسية بنسبة (100٪) للصفوف الأولية الابتدائية، في ميسان والنجف وبابل والديوانية وصلاح الدين وجانب الكرخ الاولى والثانية والثالثة من بغداد، بحسب الحاجة الفعلية والحصص المقررة لكل مديرية، على وفق بيانه؛ مبينا ان وزير التربية وجه المديرين العامين للتربية بالتسلم والتسليم المباشر من المخازن المركزية الى الإدارات المدرسية.
وفي 21 آب 2024 قال المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، إن الوزارة سخرت كل جهودها لتجاوز أزمة نقص الكتب مع انطلاق العام الدراسي، مبيناً أن الوزارة باشرت هذا العام بطباعة الكتب المنهجية في وقت مبكر.
ودعت لجنة التربية والتعليم النيابية إلى الإسراع في طباعة الكتب قبل بدء العام الدراسي الحالي وعدم تكرار ما حصل في العام الماضي.
ولكن المراقبين يتساءلون عن تكرار مشكلة تأخر توزيع الكتب في كل عام، ويعربون عن تمنياتهم الا يحدث ذلك في العام الحالي 2024 ـ 2025.
تأتي تلك المخاوف، بعد الانباء عن تسرب الكتب المطبوعة الى السوق؛ ففي 15 آب جرى ضبط أربعة مخازن مليئة بالكتب المدرسية معدة للبيع في سوق الشعب ببغداد، واشاد وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري بجهاز الأمن الوطني الذي ضبط أربعة مخازن تحتوي على نحو (100) ألف كتاب طبعة (2024) مخالف للضوابط ومعد للبيع في سوق الشعب شرقي بغداد، بحسب بيان للوزارة.
ومن الضروري الاشارة هنا ا الى ان الاسر الفقيرة لطالما اشتكت في اوقات سابقة من معاناتها من توفير مستلزمات العام الدراسي لأبنائها ومن بين ذلك الملابس المدرسية.
وكانت مواطنة من محافظة كربلاء قد تحدثت لوكالة شفق نيوز عن سبب لجوئها إلى شراء الملابس المستعملة "بدأنا نتجه إلى البالة بسبب ارتفاع أسعار الملابس الجديدة، ولكوني أم لعدة أطفال، فلا أستطيع ان اشتري ملابس جديدة لجميع أطفالي، خصوصا مع قرب بدء العام الدراسي، الذي سيلحقه أيضا قرطاسية ومتطلبات أخرى، فلا أستطيع تدبير كل ذلك لأطفالي، كون والدهم عامل بأجر يومي، ولا نملك راتب الرعاية الاجتماعية الذي قدمنا عليه أكثر من مرة على مدى سنوات، من دون استجابة حتى الآن".
ويضطر بعض الناس للشراء من "البالة" بسبب وضعهم المادي الصعب، وفي هذا الجانب يقول المواطن سجاد علي من محافظة المثنى، لوكالة شفق نيوز "لجأت إلى الملابس المستعملة التي أعدها (معاش الفقير)، مُجبرا، فلدي ستة أولاد وجميعهم في المدارس".
وتشدد مواطنة، على ان توزيع القرطاسية يجب ان يكون قبل بداية موسم الدراسة بأيام، مستدركة، ان وزارة التربية مصرة على ان تضع العائلات في موقف محرج مع بداية كل عام دراسي، بحسب تعبيرها، مزيدة القول، ان الطالب بحاجة في اول يوم دراسي الى ما لا يقل عن 7 او 8 دفاتر لتسجيل الدروس والواجبات اليومية.
يذكر ان وزارة التربية والتعليم اعلنت في بيان رسمي عن موعد الدخول المدرسي في العراق لعام 2024-2025 مع إقرار بعض المواعيد الأخرى المتعلقة بالعملية التعليمية، على النحو الآتي: بداية العام الدراسي في الأول من تشرين الاول 2024، يستمر الفصل الدراسي الأول حتى يوم 15 كانون الثاني لعام 2025.
يبدأ الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي بداية شهر شباط 2025، وينتهي العام الدراسي 2024-2025 في شهر حزيران من العام نفسه، وتكون الامتحانات الخاصة بالفصل الدراسي الثاني في شهر حزيران لعام 2025.
اما في الجامعات فيبدأ الفصل الدراسي الأول للجامعات في يوم 10 ايلول وينتهي في يوم 19 كانون الاول 2024، وتأتي الامتحانات الخاصة بمنتصف الفصل الدراسي بداية من يوم 22 كانون الاول 2024 وحتى يوم 22 كانون الثاني 2025، ويبدأ الفصل الدراسي الثاني في الجامعات بداية من 2 شباط وينتهي في يوم 1 مايس 2025.
فيما حددت هيئة رعاية الموهوبين في وزارة التربية يوم الاثنين 16 ايلول 2024 موعداً لانطلاق العام الدراسي الجديد 2024ـ 2025 للموهوبين، مسوغة ذلك "لما تتمتع به المناهج الدراسية من كثافة علمية ومواد إثرائية تتطلب وقتا أطول لاستكمالها"، بحسب بيان الوزارة.