في عالم يعج بالفرص والخيالات، ليس كل حلم يتحقق بنفس الطريقة التي يتمناها صاحبه. فبعض الأحلام، عندما تتحقق بسرعة البرق، تصبح لعنة أكثر من كونها نعمة كما حدث لصاحب قصتنا هذه.

كان ياما كان في قريب الزمان والمكان.. كان يعيش في مدينة جميلة فتى عرف عنه أنه يركب سائر الأمواج ويمتهن أغرب المهن ، تفوق

في بيع الدهن الحر الى التجار الذين يقصدون مدينته، حتى أصبح رمزًا في بيع منتجه.

لكن الفتى، كان يحلم بشيء أكبر من عالم التجارة ، والانتقال إلى عالم السياسة حيث السلطة والمال الأوفر.

وفي يوم من الأيام، وبينما كان يتجول في الأسواق يروج لبضاعته، عثر الفتى على فانوس سحري بداخله مارد قوي قادر على تحقيق أمنية واحدة مهما كانت.

لم يتردد الفتى في طلب أمنية العمر بأن يصبح سياسيًا نافذًا، يملك السلطة والجاه يأمر وينهي براحته

وبسرعة البرق، حقق له المارد حلمه، ووجد نفسه يجلس في أعلى المناصب ، محاطًا بالخدم والحاشية، وتزوج اجمل النساء، وعاش حياة الملوك والسلاطين حيث الجواري والغلمان، وظن أن كل شيء قد أصبح ملكًا له، وأنه لن يسقط أبدًا.

لكن الطموح الأجوف سرعان ما يتحطم عند أول اختبار حقيقي، إذ تصدى له كبير الكهنة خوفا من تنامي سلطته بعد ان استولى على أموال طائلة بطرق غير مشروعة، ولم يحتاج كبير الكهنة إلى الكثير من الجهد لطرده من منصبه وإعادته إلى واقعه القديم.

لم يتقبل الفتى السقوط المفاجئ، وبدأ يبحث عن أي طريقة للعودة إلى السلطة.

حاول التقرب من أصحاب النفوذ، لكن الأبواب أُغلقت في وجهه. فقرر أن يلجأ إلى السحرة والمشعوذين، الذين وعدوه بأن هناك طريقة لاستعادة موقعه وقالوا له:

عليك بمهاجمة قوم الجن الذين يسكنون الجبال، وبهذا ستكسب رضا كبير الكهنة وأمير البلاد، الذي قد يعفو عنك ويعيدك إلى منصبك!

وهكذا، بدأ الفتى في تنفيذ هذا المخطط، متجاهلًا أنه كان مجرد أداة في لعبة أكبر منه، وأن الهجوم على قوم الجن لن يعيده إلى السلطة، بل سيدخله في صراعات لن يخرج منها سالمًا.

ومع مرور الوقت، أدرك الفتى أن كل الأبواب قد أُغلقت أمامه، وأن كل ما فعله لم يثمر سوى المزيد من العداء والخسارة، وأنه خسر الإنس والجن.

لم يعفُ عنه أمير البلاد، بل أصبح يرى فيه مجرد دمية سياسية انتهت صلاحيتها.

وفي لحظة يأس، عاد الفتى إلى حيث بدأ، لكنه اكتشف أن الأيام تغيرت، والأسواق لم تعد كما كانت، ومهنته القديمة لم تعد كما تركها.

لقد كان سقوطه أشد من صعوده، وعرف حينها أن الأحلام عندما تتحقق دون جهد، لا تدوم، بل تتحول إلى كوابيس يصعب الإفاقة منها.

وهكذا أصبح فتى الدهن الحر عبرة للجميع بأن في عالم السياسة، كما في الحياة، من يصعد بسرعة دون أساس يسقط بقوة دون فرصة للنهوض.