الحكومة العراقية مطالبة بتفسير لما حصل
الزيارة التي قام بها زعيم مليشيا ما يسمى ب(عصائب اهل الحق) الى الحدود اللبنانية الاسرائيلية , والفديو الذي اظهر عناصر من سرايا السلام مع عناصر لحزب الله ايضا في لبنان ,اثارت ردود افعال كثيرة داخل لبنان لا زالت تداعياتها تتوالى منذرة بحدوث ازمة داخلية جديدة في هذا البلد . وقد اقتصر التركيز في تداول هذا الموضوع على الاطراف الداخلية اللبنانية المسؤولة عن استقبال قيس الخزعلي , دون النظر الى الزاوية الاخرى من المشهد وهو الطرف الرسمي العراقي وموقفه من هذه الزيارة . فقد امتنعت الجهات الرسمية العراقية من الادلاء باي تصريح حول هذه الزيارة وكان الامر لا يعنيها , مع ان من قام بالزيارة هو زعيم مليشيا تدعي بغداد انها تتبع المؤسسة العسكرية العراقية وتاتمر بتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي , اذا يمكن تاويل الزيارة بانها لمسؤول عسكري عراقي لتلك المنطقة , وبعلم الحكومة العراقية ومؤسستها العسكرية . وهكذا فان هذه الزيارة تضع الحكومة العراقية امام امرين : -
-اما ان يكون قيس الخزعلي تابعا للمؤسسة العسكرية العراقية استنادا لقانون الحشد الشعبي كما تدعي حكومة بغداد , فالحكومة العراقية والحالة هذه مسؤولة عن الزيارة وتتبنى اسباسبها , ويجب عليها تحمل ابعادها وتبعاتها السياسية .
- او ان الحكومة العراقية ليست مسؤولة عن تلك الزيارة ولا تتبنى ما قاله هذا المليشياوي هناك , وبذلك فان عليها الاعتراف بان تلك المليشيا لا تمثل المؤسسة العسكرية العراقية كما دابت على الادعاء بذلك طوال اكثر من ثلاث سنوات .
في الحقيقة فان دول الهلال الشيعي ( العراق , لبنان وسوريا) تعاني من ازدواجية في الصلاحيات و تعدد مصادر قرارها , وهذا ما تؤكده هذه الزيارة , فقيام زعيم مليشيا عراقية , بزيارة الحدود اللبنانية الاسرائيلية , بالتنسيق مع مليشيا لبنانية , دون علم من حكومتي البلدين , يوضح مدى تحكم هذه المليشيات ببوصلة المواقف السياسية غير ابهة بتوجهات حكومتي الدولتين , وهو واقع سياسي شاذ ينذر بتطورات خطيرة .
ان البنية الفكرية والعقائدية لهذه المليشيات سواء في العراق او لبنان تثبت انها لا تؤمن بشيء اسمه الدولة الحديثة , وانضوائهم اليوم في اجهزة هذه الدول هي ضرورة وقتية تفرضها عليهم ظروف المنطقة . فهم يتطلعون الى دولة العدل الالهي التي يؤمنون بها وهي دولة الامام المهدي حسب المذهب الشيعي , وهذا ما صرح به قيس الخزعلي في زيارته تلك , ومن الصعب لهكذا عقليات ان تؤمن بدولة حديثة تتكون من قوميات واديان ومذاهب متعددة كما هو الحال في العراق ولبنان .. اذا فهؤلاء ليسوا فقط لا يعترفوا بالمؤسسات الرسمية في دولهم بل هم لا يعترفوا بدولهم من الاساس .
عندما نتحدث عن المليشيات الشيعية فهذا لا يعني ان الاحزاب الشيعية هي افضل منها , فمن فسح المجال امام هذه المليشيات الشيعية للتحرك خارج العراق دون عقوبات وملاحقات قانونية هي تلك الاحزاب الشيعية التي استحوذت على البرلمان العراقي ونجحت في تمرير قانون الحشد الشعبي الذي لم يحدد المليشيات التي تنطبق عليها قانون الحشد الشعبي ولا عدد عناصرها ولا حتى المهام المنوط بها , لتفسح المجال امامها في حرية الحركة داخل وخارج العراق حسب مقتضيات مصلحة المذهب .
وعندما سئل حيدر العبادي عن ( كيف يمكن اعتبار هذه المليشيات جزءا من المؤسسة العسكرية العراقية وهناك قسم منها تقاتل خارج العراق , كان رده : - اي مليشيا تقاتل خارج العراق لا تمثل المؤسسة الرسمية العراقية ) ... لكن ما تم تطبيقه على ارض الواقع هو ان كل المليشيات الشيعية في العراق تقاتل خارج العراق ولم يتم اتخاذ اي اجراء قانوني ضدها وما زالت كلها ضمن المؤسسة العسكرية العراقية ,
لذلك فعلى الحكومة اللبنانية عدم الاكتفاء بطلب توضيحات من حزب الله اللبناني حول تواجد عناصر من هذه المليشيات على اراضيها , بل وايضا مطالبة الحكومة العراقية بتفسير لوجود احد منتسبي مؤسستها العسكرية على حدود لبنان الجنوبية متوعدا دولة اخرى ( حتى لو كانت هذه الدولة هي اسرائيل ) فهو شان داخلي لبناني ولا علاقة لا لقيس الخزعلي بها ولا لسرايا السلام بها.