في منتصف شهر تموز 2024 قالت أمانة بغداد أنَّها تدرس فكرة نقل أسواق الجملة من وسط العاصمة إلى خارجها، واوضح المتحدث باسم الأمانة محمد الربيعي، في تصريح صحفي ان الأمانة تدرس نقل الأسواق الكبرى المنتشرة في بغداد إلى أطراف العاصمة ليتسنى لسيارات الحمل إيقافها في أماكن قريبة في أثناء التفريغ، والسماح لأصحاب العربات بنقل البضائع من السيارات إلى المحال التجارية بشكل لا يعوق الشارع والمارة كما يحدث في الوقت الحالي.
ومن المعلوم ان العاصمة بغداد تضم عديد من اسواق الجملة من اهمها، سوق الشورجة الذي يعد من أقدم وأكبر أسواق الجملة في بغداد ويقع في منطقة الرصافة، يشتهر ببيع التوابل، والمواد الغذائية، والمنظفات، والملابس، وبعد 2003 اخذ ينشط كثيرا باستيراده للأجهزة الكهربائية والصحية والسجاد وبضائع اخرى كثيرة.
ومن الاسواق سوق جميلة، الذي يقع في منطقة جميلة ويعد مركزا رئيسا لتوزيع المنتجات الغذائية بالجملة، مثل الطحين والبقوليات ومستلزمات اخرى؛ كما ان سوق النهضة الواقع في المنطقة المسماة باسمه يشتهر ببيع الأدوات المنزلية والمستلزمات الصناعية بالجملة، وكذلك بدأت تتوسع فيه حتى عمليات تجارة الدراجات والسيارات وغيرها من الآليات بحيث امتدت عمليات التجارة الى شارع الضلال البعيد نوعا ما عن منطقة النهضة.
ومن اسواق الجملة ايضا سوق الباب الشرقي، تحول لاسيما بعد عام 2003 الى المتاجرة بالأدوات الكهربائية والإلكترونية بالجملة وبالأدوات الصحية ومستلزمات تصفية المياه وغيرها، يجاوره سوق السنك ابتداء من رأس جسر السنك ويعرف ببيع الأقمشة والمنسوجات بالجملة، وكذلك الاجهزة الكهربائية المتنوعة والمواد الاحتياطية للسيارات والمواد الصحية ومستلزمات الحدائق للمنازل والمؤسسات، وتسبب تلك الاسواق زخما كبيرا لحركة السير في شوارع الجمهورية والكفاح والرشيد ومقتربات جسور السنك والجمهورية والاحرار والشهداء.
كما انبثقت اسواق جملة اخرى في منطقة الوزيرية، وبعض التصنيفات تعد سوق السراي ابتداء من نهاية شارع المتنبي وامتدادا لرأس جسر الشهداء نزولا الى شارع الرشيد ومنطقة الرصافي سوقا للجملة ايضا، اذ يزدهر نشاط هذا السوق مع اقتراب حلول المواسم الدراسية، فهو يقوم بتوفير المستلزمات المدرسية للطلاب والمعلمين، وهو يتمكن من بيع اللوازم المدرسية بالجملة لأصحاب المدارس.
هذه بعض الأسواق الرئيسة المعروفة في مركز بغداد، وتوجد عديد الأسواق الأخرى التي تتخصص في بيع شتى السلع بالجملة، منها سوق الغزل المجاور لسوق الحيوانات، الذي يؤمن أنواع البقوليات ومستلزمات الطبخ بالغاز لتجار الجملة فاستحوذ على مكانة أحد أسواق الجملة في العراق، وأيضاً يبيع البضائع مفردة للزبائن.
كما يعد بعض المراقبين اسواق الهرج والصفافير والمولات المستحدثة الواقعة في مركز بغداد اسواقا للبيع بالجملة، كما يعد آخرون المواقع الالكترونية ومنها موقع "علي بابا" الشهير وغيره، مساهما للبيع بالجملة في مركز بغداد.
ان تزايد أسواق البيع بالجملة في مراكز المدن وفي العاصمة بغداد بالتحديد يؤدي إلى عدة مشكلات، منها، الازدحام المروري، اذ ان تجمع أعداد كبيرة من الشاحنات والمركبات في مناطق الأسواق يؤدي إلى ازدحام كبير في الشوارع المحيطة، مما يزيد من صعوبة التنقل.
وان زيادة عدد الشاحنات والمركبات التجارية يزيد من انبعاثات العوادم والتلوث الهوائي، فضلا عن النفايات الناتجة عن النشاطات التجارية، وهو ما يمكن ملاحظته بالتحديد في سوق الشورجة وتشعباته.
وكذلك فان النشاط التجاري المكثف في الأسواق يؤدي إلى ارتفاع مستويات الضوضاء، مما يؤثر سلبا على السكان المحليين.
وان ازدحام الأسواق قد يؤثر سلبا على حياة السكان المحليين، اذ يؤدي إلى ارتفاع الإيجارات وتكاليف المعيشة، وقد يدفع البعض منهم إلى مغادرة المنطقة، وكذلك فان زيادة النشاط التجاري يمكن أن يؤدي إلى الضغط على البنية التحتية للمدينة، مثل الطرق وشبكات الصرف الصحي والكهرباء.
وان تجمع أعداد كبيرة من الناس والبضائع في منطقة محدودة قد يؤدي إلى زيادة في حالات السرقة والجرائم؛ والأسواق الكبيرة قد تؤثر سلبا على التجار الصغار والمحلات المحلية، اذ يمكن أن يصعب عليهم المنافسة مع الأسعار المنخفضة التي يقدمها التجار بالجملة.
هذه بعض المشكلات التي يمكن أن تنجم عن زيادة أسواق البيع بالجملة في مراكز المدن، التي تتطلب تخطيطا حضريا وإداريا متكاملا للتعامل معها بشكل فعال، وعندئذ ستجري معالجة النتائج السلبية لتركز مراكز البيع بالجملة في وسط العاصمة.
فنقل أسواق البيع بالجملة من مراكز المدن إلى مناطق خارجية يؤدي الى تخفيف الزحام المروري في مراكز المدن ويشترط ذلك بحسب الدراسات توفير بنية تحتية مناسبة في المناطق الجديدة التي تستضيف الأسواق، بما في ذلك الطرق والشبكات الكهربائية والصرف الصحي، وان تأمين وسائل نقل عامة فعالة تربط بين المناطق الجديدة والأسواق يمكن أن يسهل الوصول ويقلل الاعتماد على السيارات الخاصة.
كما يستلزم النقل تشجيع استعمال النقل الجماعي أو توفير خدمات نقل خاصة للبضائع يمكن أن يقلل من عدد الشاحنات والمركبات الثقيلة التي تتحرك في داخل المدينة، وتحسين تنظيم حركة المرور في داخل المدينة وخارجها لضمان سهولة التنقل ومنع حدوث ازدحام في المناطق الجديدة.
ويجب العمل على تطوير المناطق المحيطة بالأسواق الجديدة لتوفير الخدمات الضرورية، مما يقلل من الحاجة للتنقل إلى مراكز المدن، وإشراك المجتمع المحلي والتجار في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان قبولهم ودعمهم للخطوة، وفضلا عن ذلك يمكن أن تتطلب هذه العملية مدة انتقالية لضمان التكيف السلس لجميع الأطراف المعنية. بشكل عام، يمكن لنقل الأسواق أن يخفف الزحام المروري في مراكز المدن إذا جرى التخطيط له وتنفيذه بشكل جيد وشامل؛ كما انه يشجع على تطوير وتوسع السكن في المناطق التي اختيرت كأسواق جملة بديلة، وتخفيف الضغط عن تمركز السكان في وسط العاصمة.
وتشير التوقعات الى ان المناطق المختارة البديلة لنقل اسواق جملة بغداد اليها تتضمن مناطق، جرف النداف جنوبي بغداد، وبوب الشام في شمال بغداد، وعويريج جنوبيها ايضا، وابي غريب في غرب العاصمة، ومناطق اخرى مقترحة تقع في النهروان شرقي بغداد، اذ ستحول الى مراكز تجارية بديلة.
ومع تناقل اخبار النية في تحويل اسواق الجملة الى أطراف العاصمة بغداد، تنوعت ردود اصحاب المحال بين مؤيد للقرار ومعارض له، ويقول بعض اصحاب المحال في الشورجة، انهم يؤيدون القرار إذا كان مقترنا برفع جميع التجاوزات من مركز العاصمة وتطبيق القانون، فيما يرفض آخرون ذلك بالحديث عن ماضي الشورجة وذكرياتها لدى العراقيين؛ ولكن وبحسب المراقبين فان تلك الذكريات كانت قبل ان تتضاعف اعداد سكان العاصمة مثلما عليه الحال اليوم وتحول بغداد الى مدينة تعاني من ازدحام مروري قاتل، بحسب تعبيرهم.