شفق نيوز/ لم يكن سكان الأهوار في جنوب العراق مدركين أن ثمة خطرا كبيرا محدقا بهم نتيجة الجفاف وشح المياه.
ويعاني العراق من أزمة مائية حادة، وفيما يتوقع استمرارها لسنوات مقبلة، بدأت تأثيراتها تبرز إلى السطح، حيث أن قلّة المياه تؤدي إلى البحث عن وسائل أخرى للعيش "فالماء سر الحياة".
ونتيجة لقلّة المياه وعدم وجود معالجات حكومية ناجعة لهذه الأزمة، اتجهت أنظار المواطنين نحو إعادة استخدام مياه المبازل والمجاري والأنهار لسد احتياجاتهم اليومية، ما تسبب بظهور مشاكل صحية عديدة لهم، كون تلك المياه غير صالحة للاستخدام البشري.
أزمة ثلاثية
وتسبب جفاف هور الحويزة في منطقة أبو خصاف بمحافظة ميسان بأزمات (اقتصادية وصحية ونفسية) للمواطنة سوسن (أم علي)، التي تقول لوكالة شفق نيوز، "كنت أعمل على صيد الأسماك في الأهوار، وحين بدأ الجفاف تنقلت بين الأهوار في محاولة للاستمرار بعملي المهدد بالزوال، ما تسبب بأزمة نفسية لي نتيجة قلقي المستمر".
وتضيف (أم علي) - المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد وفاة زوجها، "لكن بعد جفاف الأهوار كلها، إنّهار وضعي الاقتصادي، إذ كان الصيد مصدر رزقي الوحيد، ونتيجة لقلّة المياه بدأنا باستخدام مياه البحر، ما تسبب لنا بأمراض جلدية".
وهذا ما عانته الطفلة رسل من حساسية في جلدها، بسبب الجفاف واستخدام مياه بديلة غير صالحة للاستخدام البشري، وفق ما أخبر ذووها وكالة شفق نيوز، وأكدوا أن "أغلب الأطفال في الأهوار يعانون من مشاكل صحية وخاصة في الجلد".
مياه مُسقمة
ويواجه العراق حاليا أمراضا ترتبط بنوعية المياه المستخدمة، منها الكوليرا والتيفوئيد والتسمم الغذائي وغيرها، فبعد شح المياه بدأ استخدام مياها أقل جودة، بحسب الدكتور علي أبو طحين الاخصائي في طب الأسرة.
ويشير (أبو طحين) لوكالة شفق نيوز، إلى أن "قلّة المياه أثرّت أيضا على نظافة المواطنين، حيث قلّ الاغتسال، ما تسبب بظهور أمراض جلدية من جرب وغيره".
وبالإضافة إلى الأمراض، فقد أثر الجفاف في جنوب العراق على فقدان الكثير من المهن المرتبطة بالمياه، مثل تربية الجاموس وبيع الاعلاف ومشتقات الحليب والاجبان، وحتى على الصناعات الصوفية والقصبية، وفق ما يذكر الخبير البيئي، أحمد صالح.
ويتابع صالح حديثه لوكالة شفق نيوز، "وبالتالي أثر على الوضع الاقتصادي لسكان تلك المناطق، ما اضطرهم إلى الانتقال إلى أماكن أخرى، نتيجة الجفاف الحاد، حيث يعتبر العام 2022 الأقسى على العراق بشكل عام وعلى جنوبه بشكل خاص".