شفق نيوز/ أعلن رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، يوم الاثنين، دعمه الكامل لمطالب وحقوق المسيحيين وجميع المكونات في العراق، فيما أشار إلى وجود مادة دستورية "غير مفعلة" بشأن الأحوال الشخصية.

وأكد بارزاني، في مؤتمر قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في العراق، الذي تنظمه الجامعة الكاثوليكية في أربيل، وحضرته وكالة شفق نيوز، دعمه لمطالب وحقوق المسيحيين وجميع المكونات في العراق، قائلاً: "دعمنا مرتبط بتاريخ طويل من الإيمان وثقافة التعايش السلمي والمساواة في كوردستان".

وأضاف "يرتبط دعمنا أيضا بالدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب العراقي وأقره، وتنص المادة 41 من الدستور العراقي على أن العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دينهم وطائفتهم ومعتقدهم واختيارهم، على النحو الذي ينظمه القانون".

وتابع: "لم يتم تطبيق هذه المادة في الدستور حتى الآن، ووجود قانون أحوال شخصية للأديان الخاصة بهم، سيجعل حقوق المسيحيين والايزيديين والصابئة وجميع الأديان في العراق محمية".

واعتبر نيجيرفان بارزاني، هذا المؤتمر "خطوة عملية مهمة جداً، لأنه يفتح المجال للحوار والحل المناسب لمطالب وحقوق المسيحيين"، مردفاً بالقول "نؤيد المطالب الدستورية لهم ولجميع المكونات الأخرى في العراق".

وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس إقليم كوردستان:

يسعدني ان اراكم جميعا هنا في اربيل وكلنا مجتمعون للحوار حول حقوق مكون ديني اصيل لشعبنا، وهم المسيحيون. لا شك في اننا بوجودنا هنا معا سنمنح اطمئنانا اكثر لمسيحيي اقليم كوردستان والعراق عموما. كلنا ندعم هذا المؤتمر، لانه يهدف الى تأمين الحقوق العادلة للمسيحيين، من خلال الحوار وبطريقة قانونية ودستورية على مستوى عموم العراق.

اشد على ايدي سيادة المطران بشار وردة ورئاسة الجامعة الكاثوليكية في اربيل والمشرفين على تنظيم هذا المؤتمر الذي يتناول مسألة غاية في الاهمية والضرورة، وهي كتابة مسودة قانون الاحوال الشخصية للمسيحيين في العراق. ارحب بالضيوف المسيحيين الذين قدموا من لبنان وسوريا والاردن ترحيبا خاصا. وعطفا على تجاربهم الشخصية ارجو ان تكون لهم مشاركة مفيدة في مناقشات هذا المؤتمر وان يقضوا بعضا من الايام السعيدة في كوردستان.

نحن ندعم دائما مطالب وحقوق المسيحيين والمكونات جميعا، وان دعمنا هذا مرتبط بالتأريخ الطويل للثقة وثقافة التعايش والمساواة في كوردستان.

وكذلك دعمنا هذا مرتبط بالدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب العراقي وصادق عليه. حيث تنص المادة الحادية والاربعين من الدستور العراقي وتقول:” العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم اومذهابهم اومعتقداتهم او اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون”

ولكن لم يتم العمل بهذه المادة الدستورية لحد الآن. فالعمل بهذه المادة ووجود قانون خاص بالاحوال الشخصية للاديان، يؤدي الى حماية حقوق المسيحيين، الايزديين، الصابئة، المندائيين وباقي الاديان في العراق. هذا المؤتمر خطوة عملية مهمة جدا، لانه يشرع الطريق امام الحوار ووضع الحلول الملائمة لمطالب وحقوق المسيحيين. ونحن ندعم هذه المطالب الدستورية لهم ولكافة المكونات.

عدم وجود قانون خاص بالاحوال الشخصية للمسيحيين، يؤدي الى ان يتم التعامل معهم بموجب قانون لا يتوائم مع دينهم ومعتقدهم! وقد شكل تأثيرا سلبيا كبيرا على العائلة والمكون المسيحي في العراق. يتم اطلاعنا على عديد من الملفات تسبب لنا القلق والانزعاج، لانها تعرض حياة ومصير العديد من الاطفال، والنسوة الى المشاكل والتعقيدات، وبالاخص في مسائل الميراث والطلاق وفرض الدين والمعتقد بشكل قسري، حينما يقوم اب او ام مسيحية بتغيير دينها!

حسب قناعتنا لا يمكن تغيير دين طفل لا يزال تحت سن الثامنة عشر ويعيش في اجواء دين آخر. لذلك نحن ندعم هذا الاقتراح انه حين يقوم اب او ام مسيحية بتغيير ديانتهم، فان لاطفالهم واشبالهم الحق في اختيار دينهم حينما يبلغون الثامنة عشرة من العمر. وكذلك بالنسبة للميراث، يجب التعامل معه بموجب قانون يراعي الاعتقاد والدين المسيحي.

في كل المسائل المتعلقة بالاحوال الشخصية، يجب ان يكون هناك حل يراعي مطالب المسيحيين وملائم مع مبادىء التعايش والمساواة في الحقوق لكافة مكونات العراق. فلا يمكن خلق المشاكل والعراقيل داخل المكون المسيحي باسم القانون وعن طريق القانون. نحن لسنا مع هذا الخرق للعدالة والمساواة. هذا حق دستوري ان يكون المسيحيون احرارا في شؤونهم الشخصية على اسس ديانتهم ومعتقدهم.

عليه اطلب من الاطراف المشاركة في صياغة الدستور العراقي وكتل البرلمان العراقي، ان ينظروا باهمية الى هذه المسألة وهذه المعضلة وان يستعجلوا في وضع الحلول لها، مع مراعاة مطالب وحقوق المسيحيين والاديان الاخرى. اطلب من القضاة المحترمين، ان يتعاملوا مع هذا الملف بنظرة انسانية عميقة، لانه ونتيجة لهذه المشاكل تفككت العديد من العوائل، وخربت العلاقات تماما بين كثير من الاباء والامهات مع اولادهم وذويهم، الى جانب عدم توفر الضمان والاستقرار العائلي، ما ادت الى هجرة الكثير من الاشخاص والعوائل المسيحية والرحيل عن العراق.

اطلب من اتحاد العلماء الدين الاسلامي في كوردستان وجميع اساتذة الدين المحترمين في اقليم كوردستان والعراق بصورة عامة، ان يقدموا العون والمساعدة في حل هذه المشاكل التي تواجه المسيحيين نتيجة التفسير الخاطىء وتطبيق القوانين من منطلق الشريعة الاسلامية، ان احد المبادىء الدين الاسلامي هو: لا اكراه في الدين. انا متأكد بانكم سوف تكونون داعمين جيدين جدا، لانكم انتم يا اساتذة الدين الاسلامي المحترمين، من الداعمين الاقوياء لحماية التعايش السلمي في كوردستان.

ومن هنا اود ان اشكر اتحاد علماء الدين الاسلامي في كوردستان الذين كانوا داعمين في تعديل قانون الاحوال الشخصية في العراق واقليم كوردستان وفي مسألة الميراث. واذكَر باحترام المرحوم العالم والاستاذ الكبير الدكتور مصطفى الزلمي وكافة الشخصيات والداعمين لحقوق المرأة الذي شاركوا آنذاك في هذا المشروع.

انا عن نفسي تربيت في منطقة كانت دور عبادة الاديان فيها بجانب بعضهم البعض، ومعتنقي جميع هذه الاديان كانوا يعيشون مع بعض بوئام كبير. حتى ان عددا من الاشخاص الآشوريين المسيحيين قد تعرضوا الى عمليات الانفال مع البارزانيين سنة 1983. وان العديد من افراد البيشمركة من المسيحيين قد ذاع صيتهم في ارجاء هذا الوطن نتيجة شجاعتهم في اثناء ثورة كوردستان.

نحن في كوردستان كانت حياتنا ومصيرنا دائما معا. وبغض النظر عن عمليات القتل الجماعي التي حصلت في المنطقة، الا ان كوردستان ظلت دائما موطنا للتعايش القومي والديني. وكانت الحركة التحررية الكوردستانية، حركة لحماية كافة القوميات في كوردستان، وليست للكورد فحسب. لذلك فحماية حقوق كافة المكونات الكوردستانية واجبنا نحن وقناعة راسخة لنا في اقليم كوردستان.

منذ الدورة الاولى لبرلمان كوردستان وفي الكابينة الاولى لحكومة اقليم كوردستان، تم اخذ موقع المسيحيين بنظر الاعتبار. والآن نطمئن المواطنين المسيحيين جميعا باننا نبذل قصارى جهدنا لحماية امن واستقرار الحياة الاسرية والاجتماعية في اقليم كوردستان. ونحاول في كافة المجالات بغية تحسين مشاركة وتضامن كافة المكونات في اقليم كوردستان. نحن نؤمن بالتعايش الحقيقي والمساواة. انا اؤمن تماما بان المساواة في الحقوق للجميع، تعني التعايش المشترك الحقيقي.

من هنا اكرر مرة ثانية، وبالاستفادة من الماضي، فان أمام العراق طريقا واحدا للنجاح والتقدم، وهو التعايش ومشاركة كافة المكونات في ادارة البلد. إن تهميش وظلم اي مكون، يخرب وضع ومصير البلد، ولا يمكن استصغار اي مكون كان في العراق.

اكرر تمناياتي بالنجاح لمؤتمركم، كونوا متأكدين بان لكم دعمنا الكامل وستبقى كوردستان دائما موطنا لجميع الاديان والقوميات وستبقى موطنا للتعددية والتعايش والقبول السلمي للآخر والتسامح.