شفق نيوز/ رسم موقع "الاتحاد الأوروبي اليوم"، العوائق التي تعترض انخراط فرنسا في العراق، وقال إنها موجود أيضاً في لبنان، مشيراً إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون غفل خلال قمة بغداد عن الفساد المتفشي في المستويات العليا من الطبقة السياسية العراقية.
وأشار تقرير للموقع الأوروبي، ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى إعلان يوم الاثنين الماضي، حول صفقة "توتال" الفرنسية مع الحكومة العراقية والتي تبلغ قيمتها 27 مليار دولار، وهي أكبر استثمار في هذا البلد من جانب شركة غربية.
وجاء إبرام الصفقة مع الشركة الفرنسية العملاقة، في أعقاب الزيارة الثانية لماكرون إلى العراق خلال أقل من عام، إذ أشار التقرير إلى وجود "تجاهل صارخ في خطاب الرئيس الفرنسي في قمة بغداد أي الكسب غير المشروع المنتشر في المستويات العليا من الطبقة السياسية العراقية"، وفقاً للموقع.
وتابع التقرير أن "الفساد المنظم داخل الدولة إلى جانب الانقسامات الطائفية، تستمر في منع العراق من تطبيق إصلاحات يحتاجها بشدة"، مشيراً إلى أن "ماكرون تبنى مؤخرا وجهة الاستثمارات في العراق، إذ جاءت برغم أن العراق يحتل المرتبة 160 من أصل 180 دولة في لائحة منظمة الشفافية الدولية، ما يجعله أحد أكثر الدول فسادا على الكرة الأرضية".
وكجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز وجود فرنسا في الشرق الأوسط، فقد كان ماكرون بحسب الموقع، "أول زعيم غربي يزور العراق بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة في العام الماضي، وذكر كذلك أن "ماكرون سيحمي الشركات الفرنسية التي تستجيب لدعوته للاستثمار في أسواق الشرق الأوسط الحيوية استراتيجيا برغم أنها محفوفة بالمخاطر سياسيا، لكن يتحتم عليه ان اتخاذ خطوات صلبة للتعامل مع الفساد المستوطن الذي سبق له ان إثر على نشاط الشركات الأوروبية".
وذكر التقرير الأوروبي أن "الكاظمي، وبعد الاحتجاجات ضد الفساد التي ادت الى اسقاط الحكومة السابقة، اتخذ خطوات لكبح الفساد بما في ذلك اعتقال مسؤولين من بينهم محافظ سابق وقاض".
ونقل التقرير أيضاً عن معهد تشاتهام هاوس البريطاني للأبحاث قوله إن "الكاظمي لا يتمتع بسلطة لفرض الإصلاحات أكثر من أي من أسلافه في الحكم، خاصة مع العد التنازلي للانتخابات في أكتوبر التي أبطأت تطبيق الإصلاحات المتأخرة".
وأشار إلى أن "الانتخابات نفسها أصبحت ساحة معركة لجهود مكافحة الفساد، ففي الأسبوع الماضي، أحبطت القوى الأمنية محاولة للتلاعب بنتائج التصويت المقبل".
وتابع التقرير الأوروبي، أنه برغم حجم سيطرة كسب الأموال غير القانوني على المؤسسات العراقية والحياة اليومية، إذ تقوم الفصائل السياسية والميليشيات بتقاسم المناصب الحكومية والسرقة من كل من الدولة ومن عموم الناس، إلا أن شركة "توتال" أصبحت أحدث شركة فرنسية تخصص استثمارات جديدة في العراق.
وبتشجيع وتعهد الحكومة الفرنسية بتقديم 1.1 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية في العراق، قامت شركة "ألستوم" بطرح خطاب نوايا لبناء شبكة مترو في بغداد في أكتوبر 2020، بينما وقعت شركة "إيه دي بي إنجينيري" عقدا لإعادة بناء مطار الموصل في فبراير/شباط الماضي، وفقا للموقع
لكن التقرير برغم إشارته إلى أهمية استثمارات الشركات الأجنبية في العراق الذي يعتمد على 96% من ميزانيته على مبيعات النفط، حذر من أن "التجارب السابقة" تطرح تساؤلات مهمة حول مدى تعرض هؤلاء المستثمرين الى مخاطر الابتزاز والضغوط السياسية، بما في ذلك ما جرى عند أعتاب بيت ماكرون نفسه، والمتمثل بقضية شركة "أورانج" للاتصالات.
التجربة اللبنانية
واعتبر التقرير أن الكثير من العوائق التي تمنع المشاركة الفرنسية في العراق موجودة في لبنان ايضا، وهو يحتل مرتبة اعلى بقليل من العراق في قضايا الفساد وهو بالإضافة الى ذلك، تحت رحمة النخبة الطائفية التي تقوم بتحويل الكثير من عائدات البلاد المالية إلى جيوبها الخاصة.
وقبل أكثر من عام، كان ماكرون أول زعيم أجنبي يزور بيروت بعد الانفجار المدمر في المرفأ الذي أودى بحياة نحو 200 شخص، مع الكشف عن تخزين مئات الأطنان من نترات الامونيوم لسنوات مما يؤكد على اهمال النخبة السياسية في لبنان.
وخلال وجوده في بيروت، تحدث ماكرون عن "الأخوة" مع المواطنين الذين أصيبوا بالصدمة في هذه المستعمرة الفرنسية السابقة، في حين حصل التماس من أجل أن جعل لبنان مرة أخرى تحت الانتداب الفرنسي، على ما يقرب من 60 ألف توقيع.
وبرغم ذلك، يقول المحللون ان تدخل ماكرون لم يساهم سوى في إضعاف حكرة المحتجين، وهو قام مؤخرا بتسليم أكثر من 118 مليون دولار من المساعدات على الرغم من انه أعلن انه "لن يكون هناك شيك على بياض للنظام السياسي اللبناني".
وخلص التقرير الأوروبي إلى أن الحكومة الفرنسية ضغطت من اجل فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي في حين تتجاهل دعوات النشطاء اللبنانيين لتجميد الأصول الفرنسية للمسؤولين اللبنانيين الفاسدين.
وأردف "بينما يستمر ماكرون في دعوة السياسيين الفاسدين في لبنان الى تشكيل حكومة، فإن اقتصاد البلاد أصابه الانهيار".
وختم التقرير بالقول بانه "إذا كان ماكرون جادا حول تعزيز مكانة فرنسا، وبالتالي الاتحاد الأوروبي، كشركاء لدول مثل العراق ولبنان، فإنه يحتاج الى بذل كل ما بإمكانه من اجل "معاقبة الكسب غير المشروع وتعزيز جهود مكافحة الفساد في الأنظمة السياسية لهذه البلدان".
ووفقا للتقرير الأوروبي، فالنظر إلى حجم المساعدات والاستثمارات الفرنسية والاوروبية الموجهة إلى هذين البلدين، فإن "ماكرون وزملاؤه من قادة الاتحاد الأوروبي يتمتعون بنفوذ أكبر، ويتحملون مسؤوليات أكبر".