شفق نيوز/ وصل ليلة أمس السبت بافيل طالباني الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكوردستاني على رأس وفد رفيع المستوى من حزبه إلى العاصمة بغداد لحسم ملف مرشح رئيس الجمهورية مع القوى السياسية العراقية بمعزل من الوفد الكوردي المشترك.
وكان الوفد المشترك للحزبين الرئيسيين في إقليم كوردستان الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني الكوردستاني قد وصل إلى بغداد أول أمس الجمعة وبدأ بجولة من الحوارات المكثفة مع القوى السياسية الشيعية والسنية قبيل انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي بهدف تشكيل الحكومة الاتحادية المقبلة.
هل بدأ الاتحاد الوطني يغرد خارج السرب؟
وذكرت مصادر خاصة لوكالة شفق نيوز، أن وفد طالباني يضم بعضويته القيادي عدنان حمة مينا، و القيادي قادر عزيز، وعدداً آخر من أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني لمناقشة مرشح الاتحاد الوطني الكوردستاني لمنصب رئيس الجمهورية.
وحسب المصادر فإن وفد الاتحاد الوطني سيعقد عدة لقاءات مع القوى العراقية لحسم ملف مرشح رئاسة الجمهورية الذي يدعي الاتحاد الوطني انه من حصته.
ويزور الوفد المشترك للحزبين والذي يرأسه القيادي في الديمقراطي الكوردستاني هوشيار زيباري، والقيادي في الاتحاد الوطني عماد أحمد، بغداد للتفاهم كفريق واحد مع الحليف الشيعي القديم عبر ما يعدونه استحقاقات حاسمة للإقليم.
الشيطان يدخل في التفاصيل
لكن يبدو ان شيطان التفاصيل يتربص بالكورد، خاصة لجهة منصب رئيس الجمهورية الذي ما يزال الاتحاد الوطني الكوردستاني يتمسك بمرشحه الرئيس الحالي برهم صالح، بينما يرفض الديمقراطي الكوردستاني ذلك، ويطالب بأن يقدم الاتحاد مرشحاً بديلاً.
وطبقاً للمعلومات المتداولة في كواليس اللقاءات بين الحزبين الكوردستانيين الرئيسيين اللذين يتقاسمان السلطة في إقليم كوردستان مع توزيع للأدوار بينهما في بغداد وأربيل، فإنهما باتا يقتربان من التفاهم على الخطوط العريضة التي لا خلاف عليها داخل البيت الكوردي، وهي التي تخص القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وأهمية تسويتها مثل: رواتب الموظفين، والموازنة المالية العامة للبلاد، وقانون النفط والغاز، والمادة 140 من الدستور، والمجلس الاتحادي وغيرها.
هناك وقت كافٍ لتحديد المرشح
ومع بقاء الخلاف قائماً حول المرشح لمنصب رئيس الجمهورية، في ظل تمسك الاتحاد ببرهم صالح، فإن الديمقراطي الكوردستاني، ذكر على لسان المتحدث بأسمه محمد محمود، أن "الحزبين اتفقا على برنامج عمل مشترك، وبقيت مسألة المناصب وهي قيد المناقشة".
وبين "ما يزال هناك وقت لتحديد المرشح لرئاسة الجمهورية، إذا باشر مجلس النواب عمله، وسيكون أمامه وقت إضافي لتسمية مرشح لرئاسة الوزراء.
أكبر حزب في الإقليم يتعرض على صالح
لكن تشير التسريبات أن الحزب الديمقراطي يعترض على ترشيح برهم صالح للولاية الثانية، وبات يعمل على تهدئة المواقف المتشددة حيال أهمية إسناد منصب الرئاسة إلى مرشح من قبله، ولا يريد تكرار سيناريو العام 2018 خاصة انه ليس من الوارد أن تتدخل القوى السياسية بخيارات المكونات في تسمية ممثليها للمناصب الرئيسية.
حظوظ صالح تتراجع داخل حزبه
يعد الرئيس العراقي المنتهية ولايته برهم صالح، من قادة "الاتحاد الوطني"، وأحد المرشحين المحتملين لشغل المنصب لولاية ثانية.
واعتبر هاوري فاخر وهو مراقب للشأن الكوردي في حديثه لوكالة شفق نيوز ، أن "برهم صالح لا يملك أية فرصة للتجديد له في ولاية ثانية".
وتابع بالقول إن "القيادات الجديدة لحزب الاتحاد الوطني لا تريد التجديد لبرهم صالح؛ فالعلاقات بين الطرفين أصبحت غير ودية".
ورأى فاخر أن "منصب رئاسة الجمهورية لن يخرج من يد الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي يسعى بجدٍ للظفر به".
وبشأن المرشحين المحتمل أن يطرحهم الحزب "الديمقراطي" لشغل المنصب، قال فاخر إن "الحزب سيرشح كلا من وزيري الخارجية الحالي فؤاد حسين، والأسبق هوشيار زيباري، ورئيس برلمان إقليم كردستان الأسبق عدنان المفتي".
ويشغل "الاتحاد الوطني" منصب رئاسة الجمهورية منذ تنظيم أول انتخابات متعددة الأحزاب في العراق في العام 2005.
وشغل السكرتير العام للحزب الراحل جلال طالباني، منصب رئاسة البلاد لدورتين متتاليتين بين 2005 و2014، ثم القيادي في الحزب فؤاد معصوم (2014 ـ 2018)، وبعده الرئيس الحالي برهم صالح منذ 2018.
في المقابل، يشغل الحزب "الديمقراطي" منصبي رئاسة إقليم كوردستان ، ورئاسة الحكومة فيه، بموجب اتفاق غير معلن بين الحزبين لتقاسم المناصب الرفيعة.
إلا أن الحزب "الديمقراطي" يسعى هذه المرة لشغل منصب رئاسة العراق، مدفوعا بحصوله على مزيد من المقاعد في انتخابات برلمانية أُجريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اضافة إلى حالة انقسام يعانيها شريكه "الاتحاد الوطني".
وحصل الحزب "الديمقراطي" على 31 مقعدا وفق النتائج النهائية، مقابل 25 مقعدا بانتخابات 2018، بينما حصل "الاتحاد الوطني" على 17 مقعدا، وهو نفس عدد مقاعده عام 2018.
انقسامات الاتحاد الوطني
ومنذ أشهر، يعاني "الاتحاد الوطني" انقسامات داخلية حادة بين قياداته، أفضت إلى عزل الرئيس المشترك للحزب لاهور جنكي، ثم فصله في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ووفقا لقيادي كوردي فضل عدم الكشف عن أسمه في حديثه لوكالة شفق نيوز ، فإن "القوى السياسية العراقية التي دعمت مرشح الاتحاد الوطني (برهم صالح) في الدورة السابقة لا تملك الوزن السياسي ذاته في الانتخابات الأخيرة".
وأضاف أن "ترشيح أي شخص من قبل الكورد مرتبط بالتوصل إلى اتفاق مع القوى السياسية في بغداد".
واعتبر أن "هذا الموضوع سابق لأوانه في ظل استمرار الخلافات بين القوى الشيعية على منصب رئيس الوزراء وشكل الحكومة المقبلة".
رئاسة الجمهورية استحقاق كوردي وليس حزبي
ويقول مراقبون كورد لوكالة شفق نيوز إن إسناد منصب رئاسة الجمهورية للكورد وفقا للتوافقات السياسية، لايعني أن يختص به بعض الأحزاب و يعتبره حصة حزبية بل يجب التفاهم عليه كحصة كوردية.
ويرى آخرون أن وحدة الصف والكلمة في هذه المرحلة والذهاب بمرشح متفق عليه بين القوى الرئيسية في الاقليم والمتمثلة بالحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني سيسهم في الحد من الخلافات المتوقعة حول المناصب السيادية و الحكومية الأخرى الخاصة بالاستحقاق الكوردي في الحكومة العراقية الجديدة، وهذا يتطلب عدم الإسراع والتفرد في اتخاذ القرار كون الإقليم لم يجنِ شيئاً من سيناريو العام 2018 حينما لم يتفق الحزبان الرئيسيان على مرشح واحد للذهاب به إلى قبة البرلمان ما انعكس سلبا على الموقف الكوردستاني في العملية السياسية.