شفق نيوز/ اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، يوم الاثنين، أن توجه وزارة الهجرة والمهجرين العراقية لإغلاق مخيمات النازحين في إقليم كوردستان العراق، يهدد سلامة النازحين من قضاء سنجار لكون مدينتهم ما زالت تفتقر للخدمات الأساسية.

ووفقاً لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كوردستان، فإن سنجار ما تزال غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات الاجتماعية اللازمة لضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لآلاف النازحين الذين قد يضطرون إلى العودة قريباً، مبينة أن المخيمات الـ23 المنتشرة في الإقليم تضم نحو 157 ألف شخص، الكثير منهم من سنجار.

وقالت باحثة العراق في المنظمة سارة صنبر، إن "العديد من السنجاريين يعيشون في المخيمات منذ 2014، ويستحقون العودة إلى ديارهم، لكن هذه العودة يجب أن تكون آمنة وطوعيّة. ونظراً إلى نقص الخدمات والبنية التحتية والأمان في المنطقة، فإنّ الحكومة تخاطر بمفاقمة الوضع السيئ أصلا".

وسنجار، وهي منطقة جبليّة في شمال غربي العراق، موطنٌ لخليط من السكان الكورد والعرب والإيزيديين، وهم أقلية إثنية ودينيّة، وقد دُمّر 80% من البنية التحتية و70% من بلدة سنجار، أكبر مدينة في القضاء، خلال النزاع ضدّ تنظيم داعش بين 2014 و2017.

ووفقاً لمنظمة الدولية للهجرة، ما يزال نحو 183 ألف شخص من سنجار نازحين، وهذا يشمل 85% من السكان الإيزيديين في القضاء. في الوقت الحالي، تستضيف 65% من البلدات والمدن في سنجار نصف سكانها الأصليين أو أقلّ، بينما لم تشهد 13 بلدة أيّ عودة على الإطلاق منذ 2014.

وفي 24 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين أن الموعد النهائي لإغلاق المخيمات هو 30 تموز/ يوليو المقبل، ولتشجيع العودة، أعلنت الوزارة أيضاً عن حزمة من المساعدات والحوافز للعائدين، منها مبلغ يدفع مرة واحدة بقيمة أربعة ملايين دينار عراقي (نحو ثلاثة آلاف دولار) لكل أسرة، وبعض الوظائف الحكومية، وفوائد الضمان الاجتماعي، وقروض للمؤسسات التجارية الصغرى بدون فوائد.

وفي 19 آذار/ مارس الماضي، زار وفد من مكتب رئيس الوزراء مخيم جمشكو في دهوك، وقال معلّمٌ، وهو أحد سكان المخيّم لـ"هيومن رايتس ووتش"، حضر الاجتماع مع الوفد: "حددوا ثلاثة خيارات للنازحين: العودة إلى سنجار، أو الانتقال إلى مدن أخرى خاضعة للسلطة الاتحادية، أو البقاء في إقليم كوردستان لكن خارج المخيّمات. لكن على الحكومة أن تقدّم لنا تعويضات لإعادة بناء منازلنا وتوفير الخدمات قبل أن تتوقع منا العودة".

ووجدت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته في 2023 أنّ العوائق الرئيسيّة أمام عودة السنجاريين هي تقاعس الحكومة عن تقديم تعويضات عن فقدان ممتلكاتهم وسبل عيشهم، وتأخر إعادة الإعمار، والوضع الأمني غير المستقرّ، وانعدام العدالة والمحاسبة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحقهم.

وفي آيار/ مايو 2023، وجدت المنظمة ألّا أحد من سنجار حصل على تعويض مالي على خسارة ممتلكاته وسبل عيشه كما ينصّ على ذلك القانون رقم 20 لعام 2009، إذ تمت الموافقة على 3500 طلب في انتظار السداد من قبل الدائرة المالية في نينوى.

وبحلول شباط/ فبراير 2024، ارتفع عدد الطلبات المكتملة إلى 8300، دون أن يحصل أي شخص على أي مدفوعات، وفق ما قال لـ"هيومن رايتس ووتش" القاضي عمار محمد، وهو رئيس لجنة التعويضات في تلعفر، التي تشرف على اللجنة الفرعية للتعويضات في سنجار.

وعلى مدى الأشهر الماضية، قال العديد من المسؤولين الحكوميين لباحثة "هيومن رايتس ووتش"، إنّه سيتمّ قريبا الإفراج عن الأموال المخصّصة لدفع تعويضات السنجاريين، وأكّد أحدهم أن ذلك سيتم "في أقرب وقت الأسبوع المقبل"، وأنّ الانطلاق في مشاريع إعادة الإعمار وشيك. ولكن بعد مرور سنة، لم يحصل تقدم كبير.

وقال مسؤولان حكوميان لـ"هيومن رايتس ووتش" إنّ التأخير في صرف التعويضات كان ناتجاً عن "مشاكل في الميزانية" حالت دون دفع الأموال المخصّصة، دون تقديم تفاصيل إضافية.

وقال مدير مستشفى سنجار العام دلشاد علي، للمنظة الدولية في 4 نيسان/ أبريل الماضي إنّ المستشفى ما يزال متضرّراً ومهجوراً، وما يزال الطاقم الطبي يعمل في موقع كان مخصصاً للاستخدام المؤقت.

وأضاف "نحن بانتظار إحالة مشروع إعادة الإعمار إلى جهة تنفيذيّة للبدء فيه. تشرف منظمة (سلسة الأمل) غير الحكوميّة على بناء توسعة تضمّ 27 سريراً في الموقع المؤقت لمنحنا المزيد من القدرة، وقد انتهت من ذلك تقريباً. لكن ذلك ليس كافياً، خاصة إذا عاد المزيد من الناس".

وأشار إلى أنه تمّت إعادة بناء مركز للصحة الأولية في گوهبال، إلى الشمال من جبل سنجار، وهو الآن قيد التشغيل.

وفي 2 آيار/ مايو الجاري، قال موظف في مديرية التعليم في نينوى لـ"هيومن رايتس ووتش" إنّه أعيد بناء أربعة من أصل 24 مدرسة تضرّرت أو دُمّرت أثناء العمليات العسكريّة، وستُفتح مجدداً قريباً.

واستدرك أن 86 مدرسة فقط تعمل الآن من أصل 206 كانت موجودة قبل 2014، وهي مكتظة وتعاني من نقص في المعلمين.

وقال الآباء والأمهات الذين تمت مقابلتهم إنّهم يدفعون خمسة آلاف دينار عراقي (نحو 3.82 دولاراً) لكل طفل في كلّ فصل دراسي حتى تتمكن المدارس من انتداب معلمين، في بلد يفرض فيه التعليم العام المجاني.

وقال الموظف "أخبرت رئيس الوزراء أثناء زيارته الأخيرة أننا بحاجة إلى بناء 100 مدرسة على الأقل في حال عودة المهجرين، لأن هناك 100 مدرسة في المخيمات".

وأشار إلى أن جماعات مسلحة تحتل مدرستين في قرية خناصر، إحداهما تابعة للشرطة والأخرى لـ"وحدات مقاومة سنجار"، وهي فصيل مسلح يقوده إيزيديون وينظر إليه على أنه مرتبط بحزب العمال الكوردستاني. وهناك مدرسة ثالثة احتلتها قوات الأمن العراقية حتى نهاية 2023، ثم أعادتها إلى مديريّة التربية.

واحد فقط من بين 14 مهجراً من سنجار ممن قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" في آذار/ مارس 2023 عاد إلى منزله، هو خليل حسن، قال "كانت العودة إلى سنجار في تموز/ يوليو 2023 قراراً نابعاً من راحتي الشخصيّة، لأنني شعرت أن حياة المخيم لم تعد مستدامة، والدعم الحكومي لعودتنا لم يكن موجوداً، كان هدفي الأساسي هو الرجوع إلى موطني وإعادة بناء حياتي بشكل مستقل".

أما الآخرون، مثل عبدو آلو، فما زالوا يعيشون في المخيم. قال "ما أزال في مخيم خانكي. هناك عوامل عديدة حالت دون عودتي، مثل غياب الخدمات الأساسيّة، والمخاوف الأمنيّة، والدمار الذي لحق بمنزلي".

وأعرب عن قلقه بشأن المستقبل الغامض مع اقتراب موعد إغلاق المخيم، واحتمال إجبارهم على العودة إلى سنجار، وغياب أي مكان آخر يقصدونه.

ويكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان والدستور العراقي حق المواطنين في كل من الصحة، والتعليم، والسكن، والمستوى المعيشي اللائق. وتنصّ "المبادئ التوجيهية بشأن التشرد الداخلي" على أن تدفع السلطات المختصة تعويضات وغيرها من أشكال التعويض المناسبة للنازحين عندما لا يكون استرجاع ممتلكاتهم خياراً ممكناً، كما تنصّ أيضاً على أن تزوّدهم السلطات بالمستوى الأساسي للمأوى والسكن.

وقالت صنبر "لا أحد يريد العيش في مخيم للنازحين إلى الأبد، لكن إغلاق هذه المخيمات عندما لا تكون المناطق الأصلية آمنة ليس حلاً مستداماً للنزوح. الأموال اللازمة لإعادة بناء سنجار موجودة، وينبغي للحكومة أن تصرفها حتى يتمكن السنجاريون من العودة وإعادة بناء حياتهم".