شفق نيوز/ تعتبر بحيرة الرزازة من أكبر البحيرات في العراق، لكنها تعاني حالياً من الإهمال وعلى عدة أصعدة، منها "تراجع مستوى المياه نتيجة السحب المفرط منها، والتلوث البيئي، وغياب مشاريع التطوير السياحي أو الزراعي"، بحسب الناشطة في مجال البيئة من محافظة كربلاء، هبة الماجد.

وتأتي في مقدمة المشاكل التي تواجهها بحيرة الرزازة - وفق ما تقول الماجد لوكالة شفق نيوز - هي "التصحر وانخفاض منسوب المياه بشكل ملحوظ وتوقف تدفق المياه إليها من نهر الفرات بسبب السياسات المائية وارتفاع استهلاك المياه في الأنشطة الزراعية، فضلاً عن التغيرات المناخية وقلة الأمطار". 

أما التلوث البيئي، فإن "البحيرة تعاني من تلوث ناجم عن رمي النفايات ومياه الصرف الصحي وغيرها، ما أدى إلى تلوث المياه وهلاك الثروة السمكية فيها"، بحسب الناشطة البيئية. 

وتؤكد، أن "الإهمال أثر على البيئة والحياة البرية مسبباً تدهوراً بالنظام البيئي المحيط بالبحيرة، ما أثر سلباً على الطيور والحيوانات التي كانت تعتمد على البحيرة كمصدر للمياه والغذاء، متسبباً بهجرة أنواع عديدة منها".

وتشير إلى أن "أغلب الصيادين كانوا يعتمدون في معيشتهم على صيد أسماك بحيرة الرزازة، لكن بسبب انخفاض منسوب المياه وارتفاع نسبة الملوحة فيها، توقفت مهنتهم وانقطع مصدر رزق هذه العوائل ما دفع البعض منهم للهجرة إلى مناطق أخرى".

وتلفت الماجد، إلى أن "بحيرة الرزازة تمتلك إمكانيات هائلة في المجال السياحي، لكنها لم تستثمر بشكل مناسب لتطوير المنطقة وجذب السياحة، ما يستدعي من الجهات المختصة التدخل السريع لتحسين الوضع البيئي وإعادة الحياة الاقتصادية إلى المنطقة".

وتعرف بحيرة الرزازة بأنها مسطح مائي كبير ينقسم ما بين محافظتي كربلاء والأنبار، ويغطي مساحة تقدر بحوالي 1800 كيلومتر مربع، وهي جزء من وادٍ واسع يضم كلاً من: بحيرة الثرثار، والحبانية، وبحر النجف.

وتعد الرزازة ثاني أكبر بحيرة في العراق؛ حيث تستمد مياهها من نهر الفرات، وتبلغ سعتها التخزينية الكلية حوالي 26 مليار متر مكعب، ويصل أقصى منسوب للتخزين فيها إلى 40 متراً فوق مستوى سطح البحر.

وتعتبر بحيرة الرزازة بمثابة الموطن للعديد من الطيور المهمة في العراق، وواحدة من الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية؛ حيث تتعدد أوجه الاهتمام فيها ما بين سياحية، وتاريخية، ودينية، واجتماعية، واقتصادية، وبيئية. 

حيث كانت بحيرة الرزازة منطقة جذب سياحي معروفة بمناظرها الجميلة، لذلك كان يتردد العراقيون والسياح على البحيرة كمنطقة ترفيهية للاسترخاء واعتادت المئات من العائلات على الصيد من الرزازة لكسب قوتها.

لكن لم يعد هذا هو الحال، إثر تأثرت البحيرة بنقص المياه وبالجفاف والإهمال، كما تعرضت للتلوث بسبب تحويل مياه الصرف الصحي إلى البحيرة. 

وفي هذا السياق، يقول المواطن أبو حسين (55 عاماً) من كربلاء، إن "بحيرة الرزازة كانت تجذب السائحين عندما كان منسوب المياه فيها مرتفعاً، وكانت مقصداً لصائدي الأسماك".

ويستذكر أبو حسين خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "كنتُ اصطحب عائلتي في الأيام الخريفية أو الربيعية إلى البحيرة صباحاً للترفيه والاستمتاع بالمناظر الجميلة والهواء المنعش، وبعد قضاء نصف النهار فيها نتوجه بعدها إلى جامع خطوة الإمام علي القريب من المنطقة لنقضي يومنا الباقي بالزيارة".

وعن الوضع الحالي للبحيرة، يوضح، أن "البحيرة تعاني من الجفاف والإهمال وحتى الصيادين تركوها"، مؤكداً أن "الاهتمام بها سوف يجعلها مرفقاً سياحياً مكملاً للسياحة الدينية التي تتميز بها مدينة كربلاء على مدار العام، وبالتالي سيكون هناك مورد اقتصادي وتنشيط للسياحة الترفيهية إلى جانب الدينية".

وهذا ما تؤكد عليه رئيس لجنة الرقابة على الاستثمار في مجلس محافظة كربلاء، ماجدة العرداوي، بالقول لوكالة شفق نيوز، إن "هناك توجهاً للاستثمار السياحي في منطقة بحيرة الرزازة، لكن الاستثمار السكني هو الذي يجذب الاستثمار السياحي، وبما أن تصميم منطقة بحيرة الرزازة هي سكنية، فإنه سيتم إنشاء مدن سكنية في المنطقة ومن بعدها سيتم إنشاء منتجعات سياحية للبحيرة".

من جهته، يوضح مدير إعلام الموارد المائية في كربلاء، علي فاضل الأسدي، أن "منسوب بحيرة الرزازة حالياً حوالي 20 ونصف متر فوق مستوى سطح البحر، وهي كمية قليلة بسبب عدم ورود مياه لها فقط من مهرب مبزل الرزازة، الذي هو عبارة عن تجمع مياه شبكة المبازل بكربلاء وتصب في بحيرة الرزازة، وهذه كميتها قليلة بالنسبة لمساحة الرزازة".

ويبين الأسدي لوكالة شفق نيوز، أن "بحيرة الرزازة هي في الأصل عبارة عن بحيرة (درع فيضان)، أي عبارة عن منخفض طبيعي تأتيها المياه من الفيضانات، وهي تعتبر بحيرة ميتة وما يدخل لها لا يخرج منها".

ويشير إلى أن "مناسيب بحيرة الرزازة وصلت في ثمانينيات القرن الماضي إلى 38، وهذه المناسيب كانت بسبب وجود موجة فيضانية على نهر الفرات، لكن الأوضاع حالياً اختلفت بشكل كامل، حيث تم إنشاء سدود داخل وخارج العراق وسيطرة على المياه الواردة من الداخل والخارج".

ويلفت إلى أن "سبب عدم توفر مياه للرزازة يعود إلى الشحة المائية في عموم البلاد، حيث كانت البحيرة تأخذ مياهها من بحيرة الحبانية، لكن الأخيرة هي بحاجة للمياه، لأنها تعاني من قلة المياه أيضاً، كما أن المياه الموجود في الخزانات والسدود يتم التقنن بها قدر المستطاع لوجود شحة مائية عامة".

وينوّه الأسدي في نهاية حديثه، إلى أن "تأمين اطلاقات المياه للبحيرة هي تتم من المركز الوطني لإدارة المياه، وقد تنخفض المياه في البحيرة أكثر لكنها لن تجف، حيث تأتي إليها مياه من مبزل الرزازة رغم قلة هذا المورد".