شفق نيوز/ تنتاب المواطن العراقي حيرة وترقب لما سيؤول إليه قرار وزارة التجارة بمبادرة استبدال مادة الطحين بالصمون أو الخبز المدعوم، والذي سيكون "اختيارياً" ، بين التشكيك بفتح باب آخر للفساد واختفاء أهم مادة يتم استلامها عبر السلة الغذائية.
وكان وزير التجارة أثير الغريري، قال إن هناك خطة جديدة للوزارة بالشروع بثقافة جديدة لاستبدال الطحين بالصمون، مشيراً خلال لقاء تلفزيوني الى استلام المواطن 600 صمونة بالشهر الواحد بدلاً عن الطحين عبر البطاقة الإلكترونية، مبيناً أن الخطة ستطبق بشكل تجريبي في زيونة والمنصور ببغداد بدءاً من الأسبوع المقبل.
وفي بيان صدر لاحقا أشارت الوزارة إلى أن دراسة هذه الخطة تضمنت طرح مشروع الرغيف المدعوم الاختياري باستبدال حصة الطحين بالصمون او الخبز بواقع 120 صمونة لكل فرد بالشهر الواحد او 90 رغيف من الخبز، مؤكدا ان تطبيق هذا المشروع سيكون ابتداءا بالمناطق الغنية على أن يكون اختياريا بواقع أربع صمونات للفرد الواحد يوميا ،
وبعملية حسابية بسيطة فان ما تنفقه الأسرة الواحدة المكونة من 6 أفراد على سبيل المثال، لشراء الصمون يوميا سيكون بمتوسط 2000 دينار(1000 دينار صباحا و1000 دينار مساءا)، وبالتالي سيكون مجموع ما تشتريه الاسرة من رغيف الصمون شهريا 60 ألف دينار، في حين أن ما تستلمه الاسرة من الطحين عبر السلة الغذائية هو 56 كيلو شهريا، وسعر الكيس زنة 50 كيلو في الأسواق يباع بـ 25 الف دينار.
وبالتالي فإنه من الناحية النظرية سيكون من المفيد استبدال الطحين بالصمون او الخبز، إلا أن وزارة التجارة لم تشر الى الآلية او الكيفية التي سيتم بها توزيع الرغيف مع العلم ان حصة الطحين لا يتم توزيعها شهريا.
خطوة مفيدة وسط الشكوك بشبهات فساد
يقول المواطن علي يوسف، لوكالة شفق نيوز، إن "خطة وزارة التجارة هذه مفيدة للمواطن ماديا من الناحية النظرية، إلا أن هناك شكوك لدى الكثير بوجود فساد والهدف من وراء هذه الخطوة وخاصة إذا ما عرفنا بأن وزارة التجارة فشلت خلال الفترة الماضية في ايصال مفردات التموينية بشكل منتظم، كما أن مفردات المواد الغذائية التي يستلمها المواطن هي من نوعيات رديئة وخاصة ما يتعلق بالرز والمعجون والزيت والحمص".
وتابع ان "وزارة التجارة لم تسلم حصة الطحين عبر السلة الغذائية التي من المفترض ان توزع شهريا منذ كانون الثاني"، متسائلا عن "كيفية استلام المواطنين حصصهم من الرغيف عبر الأفران في حال عدم توزيع الطحين شهريا".
أفران الصمون: نستخدم الطحين الصفر التركي.. لا وقت لنا لاضاعته
من جهته رفض صاحب أحد أفران الصمون في منطقة الكرادة وسط بغداد من "التعامل مع وزارة التجارة بهذا المجال"، مبينا لوكالة شفق نيوز، أن "الأفران تعمل منذ الصباح وحتى المساء، وليس لديها الوقت لإضاعته في توزيع الصمون لصالح وزارة التجارة".
واضاف ان "ما يتم استخدامه من الطحين هو نوع الصفر التركي، ويتم خلطه بكميات قليلة من الأنواع الأخرى من الطحين"، مبينا ان "انتاجه من الصمون للكيس الواحد ومن نوعيات تركية زنة 50 كيلو تقريبا يتراوح بين 600 الى 700 صمونة، وحسب وزن العجينة التي أشار انها تختلف من فرن لآخر".
فتوى المرجع السيستاني حول استبدال الطحين بالصمون
وحول هذا الامر يستذكر مواطنون، فتوى صدرت في وقت سابق من قبل المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني، حول "الحكم الشرعي" بشأن استبدال الطحين بالصمون او الخبز.
وجاء السؤال حينها على الموقع الرسمي للمرجع على النحو التالي :-
السؤال: ما هو الموقف الشرعي في نظر سماحة السيد (دام ظلّه) حول تبديل الطحين بالصمّون أو الخبز على ما هو المتعارف عندنا حالياً؟ وهل يختلف الحكم لو كان البائع واضعاً لافتة مكتوباً عليها: (التبديل بنيّة البيع)؟
الجواب: لا يخلو من إشكال، فالأحوط لزوماً الاجتناب عنه، وسبيل التخلّص منه أن يبيع كيس الطحين بمبلغٍ ثمّ يشتري العدد المطلوب من الصمّون أو الخبز بالمبلغ نفسه.
حلول غير ناجعة
يقول عضو لجنة الزراعة النيابية، النائب ثائر مخيف، إن "قرار الاستبدال لا ينم عن تخطيط أو رؤية للواقع المجتمعي، حيث هناك من يخبز داخل البيت وبعضهم يشتريه، وقسم آخر يُفضّل الصمون، لذلك تعد هذه الحلول غير ناجعة، ولا يمكن أن تحل مشكلة".
ويضيف مخيف لوكالة شفق نيوز، أن "قرار وزارة التجارة بهذا الخصوص نراه غير ناجح وغير مجدٍ، ولن يخدم المواطن، لذلك لا نؤيده ولا نشجع عليه".
ويقف الخبير الاقتصادي، أحمد صدام، على مسافة قريبة مما طرحه النائب ثائر مخيف، حيث يقول إن "وزارة التجارة ليس من مهامها توزيع الصمون، ووضع اختيار استلام الصمون أو الطحين يتطلب إنشاء قاعدة بيانات لمستحقي الحصة التموينية، يتم فيها تصنيفهم حسب خياري الصمون والطحين، لغرض تنظيم التوزيع، وهذه العملية تتطلب الكثير من الجهد".
وتوقّع صدام خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، فشل هذه التجربة، مقترحاً ترك الخيار للمواطن، "فمن يريد الصمون من المواطنين بإمكانه الاتفاق مع صاحب الفرن مباشرة دون الحاجة إلى جهد وزاري لذلك، وإذا كانت الحجة من هذا القرار هو عدم استلام مادة الطحين من الوكيل في بعض المناطق، فالحل يكمن بتفعيل الرقابة ومحاسبة الفاسدين من وكلاء البطاقة التموينية".
قرار ايجابي لكن بشروط
في المقابل يرى الخبير الاقتصادي، خطاب الضامن، أن "القرار من شأنه أن يعود بالنفع على المواطن والدولة في آنٍ واحد، إذا ما طُبق وفقاً لمعايير النزاهة والأمانة والعدالة، وكانت الكميات التي تمنحها الدولة للمواطنين بدل الطحين هي مناسبة ومكافئة لما يحصل عليه المواطن من الأفران".
ويشير الضامن لوكالة شفق نيوز، إلى أن "جزءاً كبيراً من مواطني المناطق الحضرية لا يخبزون الطحين، بل يسلّمونه إلى الأفران الأهلية مقابل الحصول على الخبز أو الصمون، وهذا القرار سوف يختصر تلك الخطوات التي قد تكون مكلفة للمواطن".
ومن الإيجابيات الأخرى للقرار، بحسب الضامن، أنه "سوف يفتح المجال لخلق فرص عمل للشباب، من خلال افتتاح المزيد من المخابز لتسد الطلب في عملية إنتاج الخبز بدلاً عن مادة الطحين".
ويعتمد العراق نظام البطاقة التموينية منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 661 بتاريخ 6 أغسطس/ آب 1990 القاضي بفرض حصار اقتصادي على البلاد جراء غزو نظام صدام حسين للكويت.
وتعاني وزارة التجارة من التلكؤ في تجهيز مواد البطاقة التموينية بالرغم من قلتها بعد ان خفضت الوزارة مفردات البطاقة إلى خمس مواد والتي من المفترض أن تصل الى المواطن بشكل سلس وتشمل المواد الخمسة الرز والسكر والمعجون والزيت والطحين.