شفق نيوز/ أعادت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، فتح قضية إعدام الصحفي (فرزاد بازوفت) الذي أعدمه رئيس النظام العراقي صدام حسين، بتهمة التجسس، وذلك بعد أيام على سرقة ملفات كانت بحوزته تتعلق بعلاقات بريطانيا مع نظام صدام لتصنيع "مدفع بابل" العملاق الذي كان يتطلع لامتلاكه.
من هو بازوفت
وبازوفت صحفي من أصول إيرانية، كان مقيما في بريطانيا، ويعمل مراسلا حرا ويتعاون مع صحيفة "الاوبزرفر"، عندما تلقى دعوة لزيارة العراق في العام 1990، وهو بلد سبق له أن زاره مرات عدة، وذلك للمشاركة في تغطية انتخابات في إقليم كوردستان.
وكان بازوفت أيضاً معروفاً بعدائه للنظام الإيراني، ولهذا تلفت الصحيفة البريطانية، النظر إلى أنه كان يحظى برضى السلطات العراقية وقتها.
وفي تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، نقلت الصحيفة البريطانية، عن والدة الصحافي قولها إن "الوثائق المتعلقة بصلات بريطانيا بما يسمى بالمدفع العملاق سرقت منه قبل أيام من سفره إلى بغداد التي ذهب إليها برغم ذلك، ليعدمه صدام حسين بتهمة التجسس لصالح إسرائيل عام 1990"، معتبرة أن ابنها استدرج الى فخ من قبل السلطات العراقية.
واثناء وجوده في العراق، سعى بازوفت، وفقا للصحيفة، إلى القيام بتحقيق حول تقارير عن انفجار كبير وقع في موقع عسكري بالقرب من بغداد في نهاية عام 1989.
الأسلحة البريطانية
وقالت والدته نصرت للصحيفة، إن ابنها الثلاثيني، "كان يعمل لحسابه الخاص وقت وفاته، وانها تعتقد انه تم استدراجه إلى العراق وأن الوثائق التي يعتقد انها تتعلق بتجارة الاسلحة البريطانية مع حكومة صدام حسين، سرقت من ابنها قبل ايام قليلة من ذهابه الى بغداد، وهو ما يعني بالنسبة اليها ان جواسيس عراقيين كانوا يراقبونه حتى قبل مغادرته بريطانيا".
وتستذكر نصرت، وهي في منزلها في جنوب لندن، كيف أن ابنها اتصل بها ليبلغها ان احدا ما قام بعملية سطو على سيارة صديق له متوقفة بالقرب من مقر "الأوبزرفر" واستولى على وثائق مرتبطة بمدفع صدام حسين".
وكانت نصرت تشير بذلك الى "مشروع صدام حسين المسمى مدفع بابل الذي بدأه في العام 1988، والذي يتضمن مكونات صناعية عسكرية بريطانية".
حبل المشنقة
وأثناء وجوده في بغداد، كان بازوفت، بحسب الصحيفة البريطانية، يحقق في تقارير تفيد بـ"احتمال وقوع انفجار في موقع عسكري قريب أثناء اختبارات الأسلحة الكيماوية أو النووية، وقد زار الموقع واخذ عينات من التربة".
وبعد أيام قليلة، تقول الصحيفة، تم القبض على بازوفت في مطار بغداد، وسجن واتهم بالتجسس، وأدلى باعتراف متلفز أنه كان يعمل جاسوسا لصالح إسرائيل قبل أن يتم شنقه في وقت لاحق بسجن أبو غريب".
وفي العام 2003، قال ضابط عراقي استجوب بازوفت، للصحيفة البريطانية، أنه يعرف جيداً أن الصحفي كان بريئا، لكن "صدام أمر شخصيا بقتله".
مدفع بابل العملاق
ونقلت الصحيفة عن نصرت التي اصبحت في الثمانينات من العمر، قولها إن "الوثائق المسروقة من ابنها كانت تتعلق بما يسمى (سوبر غان) لصدام حسين.
وتابعت انه "قبل أيام من رحلته الى بغداد سرقت حقيبة سامسونايت خاصة بفرزاد تضم وثائق تتعلق بالمدفع العراقي قال لها ابنها انه يعمل على كتابة تقرير حوله.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن "مشروع صدام حسين، كان يستهدف صناعة مدفع عملاق قادر على إطلاق مقذوفات تصل الى المدار الجوي، وهو مشروع أشرف عليه المخترع الكندي جيرالد بول لصالح الحكومة العراقية ويعتمد على مكونات صناعية من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا وإيطاليا.
ولفتت إلى أن "بول اغتيل لاحقا في بروكسل العام 1990 في جريمة اتهم البعض جهاز الموساد الاسرائيلي بارتكابها بسبب مخاوف اسرائيل من امكانية استخدام مدفع عملاق لاطلاق أسلحة نووية".
وأعربت نصرت عن اعتقادها بانه "تم التجسس على ابنها من قبل المسؤولين العراقيين قبل الرحلة، مشيرة مع ذلك الى انه لم يتم إبلاغ الشرطة أو الصحيفة حول عملية السطو على الوثائق.
وباعتقاد الام أيضا انه تم استدراج ابنها للايقاع به وقالت "كان صدام يفعل اشياء فظيعة للجميع وكان فرزاد يحقق حوله، كان القصد هو الايقاع به وهذا ما حدث، أخذوه إلى هناك واوقعوه في الشرك".
هذا ونقلت الصحيفة أيضاً عن مدير صحفي كان يعمل في الصحيفة البريطانية وقتها، قوله إن الصحيفة لم تكن على علم بان بازوفت كان يقوم بتحقيق صحفي حول المدفع العملاق، ولكن بصفته مستقلا ربما لم يكشف عن جميع التقارير التي كان يعمل عليها".
آلات القتل
وكانت نصرت بازوفت قد حذرت ابنها من مخاطر هذا التحقيق قائلة له "انت تلعب بذيل أسد (قول فارسي معروف)، هذه أمور مثيرة للجدل، انت منخرط فيها اكثر مما يجب".
وتابعت والدته بالقول "أخبرته أن العراق مكان خطير لكنه رد بانهم وجهوا لي دعوة للقيام بالزيارة".
واضافت الام، وفقا للصحيفة البريطانية، أن ابنها كان يريد أن يفضح آلات القتل "الانابيب الكبيرة (المدفع الضخم) المصنعة في بريطانيا ويتم تصديرها من هنا، حتى ان فرزاد بازوفت قام بزيارة الى المصانع في بريطانيا حيث تم تصنيع أجزاء من المدفع العملاق".
وبعد اقل من شهر على إعدام بازوفت، صادرت السلطات البريطانية في أبريل/ نيسان 1990 ما قالت انها تعتقد انه "برميل مدفع عملاق".
وذكرت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" وقتها انه يعتقد أن مدى السلاح سيكون حوالي 965 كيلومترا.
بينما حمّلت والدة بازوفت، خلال حديثها للصحيفة، رئيسة الوزراء آنذاك مارجريت تاتشر، مسؤولية مقتل ابنها، قائلة إن "تاتشر ووزراء الحكومة لم يتدخلوا لانقاذ ابنها بسبب مخاوفهم من تضرر العلاقات التجارية القوية التي كانت قائمة مع العراق وقتها".
وبعد إعدام بازوفت، تلقت عائلته نصيحة لمغادرة مدينة أصفهان الايرانية حيث استقرت في بريطانيا، فيما تنازلت الحكومة البريطانية فورا عن جميع متطلبات وشروط الحصول على التأشيرة.