شفق نيوز / شكك "معهد كوينز" الأمريكي، في جدوى تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في العراق وسورياً وبما إذا كان ذلك يخدم المصالح العليا للولايات المتحدة، معتبراً أن تعزيز نشر المزيد من الجنود في المنطقة في سياق التعامل مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، يشكل استفزازاً وهو بمثابة سياسة عفا عليها الزمن.
واعتبر المعهد الأمريكي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن التداعيات الإقليمية للحرب بين اسرائيل وحماس، يجب أن تحتم على البيت الأبيض إلغاء وليس تعزيز، الوجود العسكري الأمريكي الذي عفا عليه الزمن، وأصبح مستفزا بشكل لا داع له، وانه يجب على واشنطن التخلي عن الغرور القائل بانه من دون نشر هذه القوات الامريكية، فإن الأمن في هذه المنطقة، سوف يتعرض للانهيار.
إعادة الانتشار
وحث التقرير، الرئيس الأمريكي جو بايدن، على "إعادة نشر القوات الامريكية في مناطق أكثر أمنا من العراق وسوريا، ليتولى العراقيون والسوريون مهمة منع تنظيم داعش من الظهور مجددا، مشيرا إلى أن تجربة الخروج الأمريكي من أفغانستان، تظهر ان الامن الأمريكي يمكن أن يتعزز من خلال تحويل مهمة القتال ضد الإرهاب ليتولاها اللاعبون المحليون المدفوعون بأهداف نبيلة، وتخليص الأمريكيين بالتالي من عبء الخدمة العسكرية في أفغانستان، ليقوموا بأدوار في مناطق أكثر أهمية.
واعتبر التقرير أن الخروج من سوريا والعراق، لن يجعل الأمريكيين أقل امانا، ولكنه سيحرم الميليشيات المحلية وداعميها المفترضين في إيران، من فرصة استغلال وجود المواقع العسكرية الامريكية غير الضرورية، من أجل ممارسة الضغوط على الاستراتيجية الوطنية للولايات المتحدة.
نيران إيرانية
وبعدما ذكر التقرير بالهجمات التي تعرضت لها القوات الامريكية في كل من العراق وسوريا منذ 17 اكتوبر/تشرين الاول الماضي، وأشارت إلى استمرار مهمة "العزم الصلب" التي بدأت العام 2015، وتمكنت في العام 2019 من القضاء على "خلافة داعش"، قال التقرير انه بدلا من انتزاع النصر وحزم امتعة المغادرة، فان إدارتي الرئيس دونالد ترامب وجو بايدن، قررتا الإبقاء على بعض القوات الامريكية في البلدين، ما جعل هذه القوات عرضة بشكل متكرر لفرص الهجمات من جانب إيران ووكلائها، من خلال الصواريخ والطائرات المسيرة.
ورأى التقرير الأمريكي، أن التمركز المطول، والمدفوع بالجمود السياسي أكثر مما تتطلبه الضرورة الاستراتيجية، تسبب في إضافة مادة قابلة للاشتعال قد تقود الى حريق امريكي-ايراني، تغطي على حرب إسرائيل وحماس.
وذكّر التقرير بتصريح لأحد مسؤولي البنتاغون، قال فيه متحدياً إن "هدف ايران كان إجبار الجيش الأمريكي على الانسحاب من المنطقة.. وما اود الاشارة اليه هو أننا ما زلنا هناك (في العراق وسوريا)".
وتابع التقرير القول أن فكرة التردد في التخلي عن الأراضي التي كانت داعش تحتلها سابقا، لتكون تحت سيطرة حكومات تتمتع بعقلية مستقلة، تلخص العقلية التي جعلت حربي أفغانستان والعراق مكلفة للغاية بشكل لا ضرورة له.
وزاد بالقول: "البيت الابيض والبنتاغون، وعوضا عن العمل من أجل الحد من خسائرهما، فإنهما قاما ببذل جهود مضاعفة، من خلال إرسال مجموعتين من حاملات الطائرات الى شرق البحر الأبيض المتوسط، وشن غارة جوية على مستودع اسلحة مرتبط بإيران في سوريا، ونقل 1200 جندي اضافي لتعزيز الوحدات العاملة في انظمة الدفاعات الجوية الاقليمية، بالاضافة إلى شن غارات داخل العراق على الرغم من اعتراضات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي يرتبط ائتلافه بكتائب حزب الله.
واعتبر التقرير، أنه فيما يتعلق بتعزيز او انهاء التدخلات العسكرية الأمريكية، فإن العامل الحاسم يجب ألا يكون مرتبطا بما يريده زعماء إيران في المناطق المهجورة بشكل كبير في العراق وسوريا، وإنما بماهية السياسات التي تخدم المصالح الامريكية بأفضل وجه.
تجربة أفغانستان
ولفت في هذا السياق، إلى قرار بايدن العام 2021 بسحب كافة القوات الامريكية من افغانستان وهم بمثابة "درس مهم" اذ ان الانسحاب الكامل يمكن أن يخدم أهداف واشنطن في مجال مكافحة الإرهاب وأهدافها الاستراتيجية، حتى لو تنازلت واشنطن عن السيطرة الجغرافية لصالح حكومات لا يتفق معها المسؤولون الأمريكيون.
وأعرب التقرير عن الاعتقاد بأن الأمن القائم في مدن عراقية وأفغانية، يبدد القلق الأكثر شيوعا المتعلق بالانسحاب العسكري الأمريكي حول فكرة ان المخاطر ستتزايد امام الامريكيين وامام مصالحهم.
وحول العراق، قال التقرير ان ارتفاع اسعار النفط خلال العام الماضي سمح لبغداد باعتماد أكبر ميزانية في تاريخها، بما في ذلك 23 مليار دولار خصصت لقطاع الأمن، مبيناً أن الشوارع في العراق مليئة بلوحات اعلانية لقائد قوة القدس الايرانية "الشهيد" قاسم سليماني.
وتابع التقرير أن ظهور صور قاسم سليماني في كل مكان، بالاضافة الى زيارة السوداني الى طهران بعد زيارة وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن الى بغداد في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، يبدد الفكرة القائمة بأن وجود القوات الامريكية على الارض يساهم في ضمان "مراقبة النفوذ الإيراني" في العراق او سوريا.
وخلص التقرير الأمريكي، إلى القول إن تنظيم داعش لحقت به الهزيمة منذ فترة طويلة، ولهذا يتحتم إنهاء "عملية العزم الصلب" عند اول فرصة، معتبرا ان الانسحاب من افغانستان في أغسطس/آب 2021 هو بمثابة سابقة حية، وان لم تكن متوقعة، من اجل القيام بتحول حكيم في الوقت المناسب.
وختم تقرير "معهد كوينز" الأمريكي، أن السماح للاعبين المحليين بالتعامل مع مسلحي داعش، لن يساهم في تعزيز خصوم الولايات المتحدة، ولكنه في المقابل، قد يتيح تعزيز سياسة خارجية أمريكية "أكثر حنكة".
ترجمة وكالة شفق نيوز