شفق نيوز/ موقع تاريخي مهم يمثل هوية مدينة كركوك، الموغل بعمق الحضارات التي نشأت على ارض النهرين الخالدين، المتمثل بـ"قلعة كركوك" الأثرية، لكن الإهمال وعدم وجود التخصيصات المالية لإعمار القلعة، جعل منها موقعاً آيلاً للإندثار، وجدرانها مساحات لكتابة اسماء شباب عشاق يخطّون عليها ذكرياتهم.
وما أن تستعد للوصول الى احد الطرق التي ستضعك على اعتاب قلعة كركوك عبر جسر الشهداء او الجسر الثاني المخصص لعبور المشاة المتهالك، حتى تقف أمام قلعة مترامية على أكداس النفايات وأصوات الحيوانات و الطيور الحبيسة.
وسوق القلعة هذا السوق الواقع أسفل القلعة يعتبر الشريان التجاري للنشاط الاقتصادي في كركوك ويقصده يوميا آلاف الزوار و المتبضعين.
وقلعة كركوك تقع فوق التلة الأثرية الضخمة التي تضم في ثناياها بقايا مدن عمرها آلاف السنين، وتحوي أكثر من ستين برجاً للحراسة، أقامها الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد.
وبُنيت قلعة كركوك في الأصل على تل بأربع زوايا يرتفع عن السهول المحيطة بها بنحو 120 قدما، ويشرف على نهر "الخاصّة" بمياهه القليلة والتي تفيض عادة في الفصول الممطرة، ويظهر إن القلعة كانت مسورة في العصور القديمة، وكان لها أربعة أبواب سماها العثمانيون في ما بعد بالباب الرئيس ذي المدرجات، وباب الطوب، وباب البنات السبع، وباب الحلوجية.
وأشهر المجمعات السكنية في قلعة كركوك كانت تقع في قسمه الغربي الذي اشتهر بمحلة الحمام، التي شاطر فيها المسلمون إخوانهم المسيحيين لقرون عدة، وكان كل من مركز مطرانية باجرامي وجامع النبي دانيال يقعان في المحلة نفسها. وتعد تلك البوابات الحجرية التي يزيد عمرها على قرنين من الزمن فريدة من نوعها لما تتميز به من طراز معماري مميز ، وأعطتها الأقواس رونقا أبهى وكانت تعلوها كتابات لكن عوامل التعرية أزالت بعض نصوصها.
وخضعت قلعة كركوك لعملية ترميم مؤخراً، فهناك سوق تعلوها أقواس من المفترض أن تعود إلى حقبة العصور الوسطى لكن شيدت قبل عشر سنوات، وتعود الحجارة الأصلية للقرن الحادي عشر لكن الأقواس انهارت ودفنت بين الأنقاض. كما تحوي معالم من الحقبة السلجوقية، التي تتميز بأشكال الأقواس، فلكل فترة أسلوبها الخاص بها.
وفي القلعة أيضا قبر النبي دانيال أحد أحبار اليهود، أما المسجد الكبير المجاور يعود إلى سبعة قرون، وخضع كل منهما لعملية ترميم مماثلة حديثا مع جدرانها المطلية باللون الأبيض. لكن الأضرار التي لحقت بالقبر والمسجد.
ويقول مدير آثار كركوك رائد عگلة لوكالة شفق نيوز إن "قلعة كركوك تعد معلما تاريخيا مهما للمدينة"، مشدداً على ضرورة تطوير القلعة وفق المعايير الدولية التي تتطابق مع قوانين وشروط منظمة "يونيسكو" بعد إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي التمهيدي لتكون واحدة من معالم العراق التاريخية المهمة والتي ستكون واجهة سياحية مهمة في كركوك والعراق".
وتابع أن "الخطة الجديدة التي وضعت من قبل وزارة الثقافة هي إعادة صيانة قلعة كركوك ورصدت لها مبلغاً يصل الى 30 مليار دينار عراقي، وستكون على شكل دفعات تصرف من قبل لجنة تابعة لوزارة الثقافة ستحدد طبيعة عمليات الصيانة وعملية اعادة قلعة كركوك الذي سيكون مهماً ومعلماً تاريخياً وحضارياً لمكونات كركوك".
وكانت وزارة الثقافة، قد أعلنت سابقا إدراج قلعة كركوك على لائحة التراث العالمي التمهيدية من قبل منظمة اليونسكو.
وقالت الوزارة في بيان إن "منظمة اليونسكو أدرجت موخراً قلعة كركوك على لائحة التراث العالمي التمهيدية؛ وذلك لأهمية القلعة من حيث التنوع الثقافي الموجود فيها إذ توجد عدة جوانب منها جامع نبي الله دانيال إلى جوار القلعة والجامع الكبير وجامع العريان فضلاً عن وجود كنيسة أم الأحزان الكلدانية".
وأشارت إلى أن "اليونسكو اتخذت قرارها بالادراج لوجود القيمة العالمية الاستثنائية من الناحية الثقافية، وتم إدراجها تحت المعايير الثقافية التي تنص على أنها شاهد فريد واستثنائي على حضارة حية، وأن تكون مثالاً بارزاً على نوعية فريدة من البناء والمعمار ومثالاً تقنياً ومخططاً يوضح مرحلة مهمة من تاريخ البشرية".
واضاف البيان، ان "القلعة تضم عدة وحدات بنائية منها سوق القيصرية والقبة الخضراء والتي تعود إلى العصر الأتابكي (762ه) فضلاً عن البيوت التراثية".
ويقول الباحث والمختص في شؤون الآثارية بكركوك علي خليل، لوكالة شفق نيوز، إن "قلعة كركوك هي جزء مهم من تاريخ وحضارة مدينة كركوك واعادة صيانتها سوف تساهم على إعطاء جمالية للمحافظة، وستكون كركوك قبلة للسائحين والزائرين".
ونوه إلى أن "على إدارة محافظة كركوك تطوير سوق القلعة من المرآب الداخلي للنقل ( كراج ليلان) وصولا الى بوابة قلعة كركوك يضاف لها الجهة المحاذية لنهر الخاصة الذي بات مكبا للنفايات والرواح التي تسبب الأمراض، ولابد لإدارة كركوك من خلال الدوائر الحكومية من إطلاق حملة تنظيف وترتيب لهذه المنطقة كونها رئة ومتنفس القلعة".
وأكد أن "العام الحالي شهد زيارة ما يقارب 250 سائحا من جنسيات ودول اجنبية لقلعة كركوك، وهذا يتفق مع ما ذهبنا إليه بأن تنظيم وتنظيف هذه المواقع سينعكس على جمالية القلعة، فالزائر يذهب لرؤية الآثار ويليها جولة في سوق القلعة، وهو (أي السوق) جزء متمم للحركة التطويرية القلعة".