شفق نيوز / عدّ تقرير أمريكي، اليوم الأربعاء، أن العراقيين "منهمكون" ويتابعون الحرب الأوكرانية رغم ما يعيشونه من أزمات مختلفة، وفيما يبين انهم "يتخوفون" من وصول تأثيرات هذه الحرب عليهم ويحددون "مداها الزمني" من بوابة خبرتهم وخوضهم أكثر من حرب سابقاً، يؤكد قياديون وأكاديميون قريبون من فصائل مسلحة في العراق أن الولايات المتحدة خسرت في حرب أوكرانيا، ويقارنون بين المكانة الدينية لكييف بالنسبة لروسيا والنجف بالنسبة للشيعة.
ويقول موقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" الأمريكي في تقرير ترجمته شفق نيوز إن "العراقيين برغم انشغالهم الطويل بأزماتهم ومشكلاتهم الامنية والمعيشية والسياسية، فانهم وهم الذي اعتادوا على العيش في ظل الحروب، منهمكون بمتابعة الحرب الروسية -الاوكرانية، ويخشون أيضاً أن تمتد آثارها على حياتهم".
ويوضح الموقع الامريكي أن "الحرب في أوكرانيا، وتأثيراتها المباشرة على الأمن الاقليمي والنظام الدولي، تحظى باهتمام مركّز من صناع السياسة على طرفي المحيط الاطلسي، في حين ان العراق البعيد جغرافيا عن هذه الحرب، ما زال غارقا في شؤونه الداخلية".
ويستعرض التقرير بعض التحديات التي يواجهها العراقيون مشيرا الى انه "بعد ستة شهور على الانتخابات، فان الطبقة السياسية العراقية ما زالت عالقة في المفاوضات الطويلة من اجل تشكيل الحكومة، فيما تتبلور ببطء أزمة حكم، في ظل وجود كل المكونات التي تحدد مفهوم فشل الدولة".
ويستمر التقرير الامريكي في سرد التحديات العراقية بالقول إن "إيران والولايات المتحدة مستمرتان في الصراع على النفوذ في العراق، وتتواجهان بالوكالة وأحيانا بشكل مباشر، في حين يشهد الاقتصاد العراقي فوضى، منذ انخفاض قيمة الدينار بنسبة 22 % في ديسمبر/كانون الاول العام 2020 مع ازمة سيولة سببها تراجع اسعار النفط، فيما يتحمل ملايين العراقيين الفقراء بالكاد نفقات الغذاء والطاقة".
ويبين التقرير أنه "وبالرغم من ذلك، فان كل حديث خاضه العراقيين وسط هذه الصعوبات القاسية داخل العراق، يتحول لاحقاً إلى تناول الحرب في أوكرانيا"، مشيرا الى ان "العراقيين يدركون بشكل فطري النطاق الزمني الطويل للحرب بطريقة تكون أكثر صعوبة على المراقبين الغربيين الذين بدأوا في الاهتمام باوكرانيا في الشهر الماضي فقط".
ويذكّر الموقع الأمريكي في التقرير بـ"دورات العنف والصراع في العراق منذ العام 1980 عندما غزت القوات العراقية ايران ما أدى إلى نشوب حرب استمرت 8 سنوات أثرت في كلا البلدين، والتي تبعتها حرب الخليج الاولى في العام 1990 ثم تبعهما الغزو الامريكي في العام "2003، مضيفا انه "كنتيجة لذلك فان الشباب الذين قاتلوا ضد داعش بين عامي 2014 و 2018 هم بشكل عام من الجيل الثالث في عائلاتهم الذين شكلت الحروب تجربتهم في الحياة".
ويلفت التقرير الامريكي إلى أن "النقاشات مع العراقيين حول اوكرانيا هي التي افضت الى هذا المنظور الخاص بهم، مع استعادة لبعض القضايا المشتركة في مرات كثيرة، حيث مثلا هناك الأسى إزاء السكان الذين يعانون من الحرمان لفترة طويلة في ظل الحرب، والمخاوف بشأن الاضطرابات التي يخلقها الصراع في اسواق الغذاء العالمية، والتي تخيف بشكل خاص العديد من دول الشرق الأوسط المعتمدة على واردات القمح من أوكرانيا وروسيا، بما في ذلك العراق الذي يستورد نحو نصف احتياجاته الغذائية."
ويتابع التقرير ان "العديد من العراقيين يعتقدون الصراع الاوكراني وتداعياته العديدة ستستمر لعقود وليس شهور."
وينقل التقرير عن نصير الشمري وهو قيادي في حركة النجباء - احدى الحركات المسلحة في العراق- قوله ان "الحرب في اوكرانيا ستستمر لجيل كامل".
ويبين الشمري أنه "لا يزال يركز على مهمة جماعته المتمثلة في طرد جميع القوات الامريكية المتبقية من العراق"، مشيرا الى "إنه بالنسبة لامريكا، فإن الحرب في اوروبا هي أولوية أكبر بكثير".
ويعتبر الشمري، ان "تسريع الانسحاب الامريكي من العراق والشرق الأوسط، هو بمثابة فرصة، الا انها تزيد في الوقت نفسه من خطر مضاعفة القوى الاقليمية الاخرى تدخلاتها من أجل تعبئة الفراغ الذي تخلفه الولايات المتحدة وراءها".
وينقل التقرير الأمريكي أن "هناك نوع من الشماتة تنتشر بين بعض الاوساط العراقية، بسبب الاعتقاد بان الولايات المتحدة تخسر وروسيا تحقق النصر".
ويقول الباحث هيثم مزعل، المقرب من كتائب حزب الله، أحد الجماعات المسلحة في العراق، إن "دور روسيا في اوكرانيا يشبه دور إيران في العراق"، مقارناً "بين مكانة كييف بصفتها مسقط رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، بالمكانة التي تتمتع بها مدينتي النجف وكربلاء عند المسلمين الشيعة".
وبالنسبة للحكومة العراقية فإن التقرير الأمريكي يكشف أن "في ظل التداعيات الدبلوماسية للحرب في اوكرانيا، فإن الحكومة العراقية حاولت ان تخط طريقا ما بين الولايات المتحدة وروسيا مع وجود قناعة عراقية بأن عملية اعادة اصطفافات رئيسية تحصل على صعيد الأمن الدولي وأسواق الطاقة والتحالفات الجيوسياسية".
ويتابع التقرير بالقول إن "العراق غير مستقر على جبهات عديدة ويحتاج لكل مساعدة يمكنه الحصول عليها، سواء من استثمارات الصين، او صفقات الطاقة الروسية وربما مبيعات الاسلحة، والمساعدة الامنية والفنية من الولايات المتحدة".
ويشير التقرير الى "مفارقة تبدو جلية في منطقة تتأثر بدرجة كبيرة بالضغوط الخارجية، وخصوصا في بلد تعرض للكثير من التدخل الخارجي المؤذي، فان الكثيرين يعتبرون أن التغيير العالمي الحاصل هو بمثابة اضطراب آخر، سيجدون أنفسهم مضطرين الى التكيف معه، برغم انه لم يفعلوا شيئا يتسبب بحدوثه".