شفق نيوز/ استياء "رسمي وشعبي" واضح ساد الشارع الكوردي، يوم الخميس، اثر تصويت البرلمان العراقي على قانون تمويل العجز المالي بقيمة 12 تريليون دينار، دون تضمين الاتفاق المبرم بين بغداد وأربيل بخصوص رواتب موظفي إقليم كوردستان، حيث تحولت قضية هؤلاء الموظفين الى "قضية سياسية" وفق ما اشار اليه متحدثون.
ومرر مجلس النواب (البرلمان) العراقي، فجر الخميس، (12 تشرين الثاني 2020)، مشروع قانون تمويل العجز المالي بقيمة 12 تريليون دينار، دون تضمين الاتفاق المبرم بين بغداد وأربيل بخصوص رواتب موظفي الإقليم، حيث واجهت مطالب القوى الكوردية معارضة شديدة من القوى السياسية الشيعية وهو ما حال دون تضمينه.
"طعنة في ظهر شعب كوردستان"
ودعا الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، اليوم، ممثلي الكورد في بغداد وبرلمان كوردستان وحكومته لاتخاذ موقف مشترك ضد قانون الاقتراض الذي مرر بمعزل عن تصويت الكورد، في خطوة عدها بارزاني "طعنة لشعب كوردستان".
وفي بيان له قال بارزاني، "للاسف مرة اخرى قامت الأطراف السياسية بشيعتها وسنتها في مجلس النواب العراقي بطعن الشعب الكوردي في ظهره واستخدموا الموازنة وقوت الشعب الكوردستاني كورقة للضغط على اقليم كوردستان".
واضاف بارزاني على الرغم من أنه في العديد من المرات السابقة تم توقيع الاتفاقيات بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة الفدرالية، الا ان انه لم يتم تنفيذها، مبيناً "أننا نرى القانون الذي أصدره مجلس النواب من دون الاخذ بنظر الاعتبار أسس الشراكة والاتفاقيات موضوعا سياسيا من أجل الضغط على الإقليم ومعاقبة شعب كوردستان وهو أمر معاكس لاسس الشراكة والتوافق والتوازن بين المكونات العراقية ونوع من التضييق والمحاربة".
وتابع انه تبين انهم (الاطراف البرلمانية) قرروا مسبقا معاداة الاقليم، مشيرا الى انهم يتعاملون دائما بهذا المنطق مع الدستور والاتفاقيات والحقوق والمطالب الخاصة بالشعب الكوردي.
اجتماع هام في كوردستان لاتخاذ موقف تجاه "حقوق الكورد"
رئاسة كوردستان ابدت من جانبها، قلقها تجاه تمرير البرلمان العراقي قانون تمويل العجز المالي "دون أخذ مبدأ الشراكة"، داعية الرئاسات الثلاث للإقليم والجهات المعنية وممثلو الكورد في الحكومة الاتحادية ومجلس النواب للاجتماع و"توحيد المواقف".
وفي بيان لها، بخصوص قانون تمويل العجز المالي الذي جرت المصادقة عليه فجر الخميس في مجلس النواب العراقي "بالأغلبية"، قالت إنه جرى بدون الأخذ بمبادئ الشراكة والتوافق والتوازن، وبدون الالتفات إلى ملاحظات ومقترحات ممثلي إقليم كوردستان، داعية جميع الكتل الكوردستانية والنواب عن إقليم كوردستان لاتخاذ موقف موحد للدفاع عن حقوق ومستحقات شعب كوردستان.
وأضافت أن الرئاسات الثلاث لإقليم كوردستان والجهات المعنية وممثلو إقليم كوردستان في الحكومة الاتحادية ومجلس النواب ستجتمع لهذا الغرض، ومن أجل توحيد مواقف الجهات المعنية في إقليم كوردستان تجاه هذه المسألة.
جولة جديدة من الصراع ضحيتها "قوت الموظفين"
وفي اتصال هاتفي مع وكالة شفق نيوز، قال "جمال كوجر"، النائب الكوردي في اللجنة المالية بالبرلمان العراقي، إن هذه بداية لمرحلة جديدة "صعبة" للمكون الكردي، معرباً عن أسفه بأن "تضرب مستحقات اكثر من 682 الف شخص وجعل قوت هؤلاء قضية سياسية".
فيما يرى "اريز عبدالله" القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني عبر موقعه في تويتر، ضرورة عقد اتفاقية جديدة مع بغداد، قائلاً، يبدو أن معالجة هذه المشاكل بحاجة إلى حوار واتفاقية جديدة بين بغداد واربيل وسواء شئنا أو أبينا فأن اتفاقية مهمة من هذا النوع بحاجة إلى وقت طويل، وبهذا فان اوضاع موظفي الاقليم في تدهور مستمر يوماً بعد آخر.
وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن هذا الاستياء من خلال تغريدات نشروها اليوم، والتي اصبحت مثار العديد من الاسئلة من قبل المغردين، اذ تقول الصحفية "افان فارس الجاف": أهلاً وسهلاً بكم في جولة جديدة من الصراع بين بغداد واربيل، فيما كتبت الصحفية الكوردية سروة هورامي قائلة: اتفق السنة مع الشيعة في نصاص الليالي لتمرير قانون الاقتراض وصوتوا عليه بعد صلاة الفجر لمعاداة الكورد.
رأي أكاديمي: خطوة لإفشال اتفاق سنجار
أما المواطن الكوردي "زانا خليل"، فقد كتب يقول: اذا لم نستقيل مادياً فان الاستقلال محال، في حين رأى الاكاديمي أرشد خليل أن "هذه اول خطوة لإفشال اتفاقية سنجار".
وكانت بغداد وأربيل قد توصلتا الشهر الماضي إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار، معقل الايزيديين، في محافظة نينوى، ويقضي الاتفاق بإدارة القضاء بصورة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان وإخراج الجماعات المسلحة منها وعلى رأسها الحشد الشعبي العراقي وحزب العمال الكوردستاني المناهض لتركيا.
ولم يحظ الاتفاق برضى غالبية القوى الشيعية الممثلة في البرلمان، والتي لديها أذرع مسلحة ضمن الحشد الشعبي، ويرتبط بعضها بصلة وثيقة مع إيران.
"الشيعة والسنة يتوحدون ضدنا"
ويرى المواطن الكوردي "سركوت بلال" عبر تغريدة له على موقع تويتر،: اذا وحد الكورد صفوفهم فإننا لن نحتاج إلى العرب، وأعلموا جيداً أن الشيعة والسنة دائما يتوحدون ضد الكورد، وفق رأيه.
ولم يتم تضمين رواتب موظفي الإقليم في القانون رغم أن بغداد وأربيل توصلتا الى اتفاق في آب/أغسطس الماضي يقضي بارسال بغداد 320 مليار دينار إلى أربيل شهريا لتغطية جزء من نفقات موظفي الاقليم لحين التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخلافات بين الجانبين.
وعمدت بغداد إلى قطع رواتب موظفي الإقليم في نيسان/أبريل الماضي، بعدما قالت الحكومة التي كان يقودها آنذاك عادل عبد المهدي، إن أربيل لم تف بالتزاماتها في الموازنة والمتمثلة بتسليم 250 ألف برميل من النفط للحكومة الاتحادية، وهو ما نفت صحته حكومة الإقليم.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، خاض الجانبان مباحثات مكثفة للتوصل إلى اتفاق لحل المسائل العالقة.
ويأتي تشريع قانون العجز المالي لتأمين غطاء شرعي للحكومة على اعتبار أن العراق لم يقر الموازنة المالية لعام 2020 بسبب أزمة الاحتجاجات التي أطاحت بالحكومة السابقة وتلتها أزمة جائحة كورونا التي قلصت إيرادات الدولة إلى النصف تقريباً.
والعراق أحد البلدان ذات الاقتصاد الريعي، حيث يعتمد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95 في المئة من نفقات الدولة.
ويعيش البلد أزمة مالية خانقة جراء تراجع أسعار النفط بفعل أزمة جائحة كورونا التي شلت قطاعات واسعة من اقتصادات العالم.
إلا أن الأزمة المالية تركت تأثيراً أكبر في إقليم كوردستان الذي لم يصرف رواتب موظفيه لعدة أشهر خلال العام الجاري، جراء رفض بغداد إرسال الأموال المخصصة للرواتب.